ارشيف من :أخبار لبنانية
رئيس الجمهورية السابق اميل لحود يفتح ملف المقاومة والاستراتيجية الدفاعية:
ـ هناك كثر من السياسيين وليّ نعمتهم هو الغرب، وإذا لم يدعمهم لا تأتيهم اموال من المصادر المعروفة، ووقتها لا يستطيعون ان ينجحوا بالانتخابات ـ
ـ كل التهم التي سيقت على لبنان جرى التراجع عنها لكنهم يسلطون هذا السيف حتى يظلوا يستعملونه لمصلحة "اسرائيل" ـ
في أجواء الذكرى الثالثة للعدوان الصهيوني على لبنان، والانتصار الإلهي والتاريخي للمقاومة الإسلامية في تموز ـ آب 2006، وبعد ان نشرت "الانتقاد.نت" الاسبوع الماضي الجزء الأول من الحوار الشامل الذي اجرته مع رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود، تستكمل اليوم نشر الجزء الثاني من وقائع هذا الحوار.
في أجواء الذكرى الثالثة للعدوان الصهيوني على لبنان ما بين 12 تموز و14 آب، وأجواء الانتصار الكبير الذي تحقق بهذه المرحلة، بهذا الوقت ما هو الشعور الذي يعيشه اليوم فخامة الرئيس العماد اميل لحود، وهو الذي واكب هذه المرحلة بشكل دقيق لحظة بلحظة وكان من صانعي أحداثها؟
حينما بدأ القصف على بيروت... ذهبت الى الضاحية وقلت لهم لا تخافوا سوف نربح
|
عديد وتدريب عناصر الجيش ..الخ
المعدات الحديثة والمتطورة
ارادة القتال
هذه العناصر اذا قمنا بضربها ببعض نجد ان "اسرائيل" لديها مئة بالمئة عديدا، ومئة بالمئة معدات، فيما إرادة القتال لديها تساوي صفرا، فاذا ضربتها ببعضها فالنتيجة صفر.
أما المقاومة في المقابل لديها قليل من المعدات وقليل من العديد لكن ارادة القتال لديها مئة بالمئة، ولذلك فهي تنتصر ... وأنا قلتها منذ اليوم الأول... وما زلت اذكر حينما بدأ القصف على بيروت... ذهبت الى الضاحية وقلت لهم لا تخافوا سوف نربح، وعندما ذهبنا الى مجلس الوزراء تفاجأت ... الوزراء، ورئيس الوزراء والجميع يقولون لي انظر ماذا فعل أصحابك، إسرائيل ستصل الآن إلى بيروت والخراب وصل، حينها قلت لهم إننا سننتصر، لكنهم لم يصدقوا بالطبع.. وقالوا ما هذا الكلام، هذا نظري ... قلت لهم غداً سترون...
ـ في ظل الانتصار الذي تتحدثون عنه هل اثبتت الاستراتيجية الدفاعية المعتمدة آنذاك جدواها؟
الإسرائيليون خسروا سنة الالفين وامتد بهم الوقت لغاية 2006 وعادوا وجربوا العدوان مجددا، والآن يريدون التجربة ايضا، ولا يفكرّن احد ان هنالك سلاما
|
واليوم ما الذي يدور الحديث حوله ليس فقط عربيا، بل في العالم؟ يطالبون بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وتقف خلف ذلك الولايات المتحدة... لدينا إستراتيجية نجحت مرة واثنتين وثلاثاً... تريدون تغييرها والإتيان بغيرها؟؟!! كلا هذه الإستراتيجية "المضبوطة" ونحن ماضون بها.
ـ هل لك ان تخبرنا عن تاريخ انطلاق العمل بالاستراتيجية الدفاعية التي تتحدث عنها؟
هذه الاستراتيجية وضعت سنة 1990، لكننا اهم شيء يمكن ان نقوله اليوم هو انه يجب المحافظة على ما ربحناه... فالإسرائيلي لن يتوقف عند هذا الحد.. وهو يخطط وكما فعل سابقا يفعل دائما ... يهضم انتصاراته، نحن نعرف اذا رجعنا لاواخر القرن التاسع عشر، لوجدنا ان الإستراتيجية الإسرائيلية قائمة على جلب يهود العالم كله الى فلسطين.. فهم لم يصلوا الى ذلك بعد.. فاذاً هم يعملون على ربح الوقت.
الآن حصل العكس لانهم خسروا سنة الالفين وامتد بهم الوقت لغاية 2006 وعادوا وجربوا العدوان مجددا والآن يريدون التجربة ايضا، ولا يفكرّن احد ان هنالك سلاما... فبعد خبرتي عشرين سنة لدي يقين ان لدى الاسرائيليين استراتيجية واحدة يتبعونها مع نفس طويل.
لذلك، نحن نحذر العرب بان يكونوا واعين، وخوفي ان هذا الشعور بالنصر الذي تحدث به العالم اجمع يتعرض لضغوطات كثيرة، وليس هنالك خوف ما دام هناك مقاومة، لكن القصة انه يجري عمل المستحيل بالكلام عن الاستراتيجية الدفاعية للنيل من المقاومة وليغيروا قوتها... وللأسف الدول العربية تتفرج ولا نجد بجانبنا سوى سوريا، والرئيس الجزائري بوتفليقة كان له مواقف احيانا، والرئيس السوداني الذي فتحوا له ملف محكمة كما فعلوا في لبنان.
.. واستقبال اهل المقاومة للرئيس العماد
ـ وكأنك فخامة الرئيس تلفت حينما تحدثت عن انطلاقة العمل بالاستراتيجية سنة 1990، الى التلاحم بين الجيش والشعب والمقاومة.. هل هذه هي الاستراتيجية التي تتحدث عنها؟
هذه كيف بدأت.. قلتها سابقا لكن يجب ان ارددها حتى تعرف الاجيال الجديدة... ولذلك انا اكثر من الطلات الاعلامية اليوم.. انا اعتزلت العمل السياسي ولكن عندي عمل وطني، وعندي تربية سأبقى أقوم بها لآخر نفس في حياتي.. هكذا تربينا، وهذه الأمور يجب ان تعرفها الاجيال القادمة حتى تتعلم في المستقبل مما حصل في الماضي.
أنا اعتزلت العمل السياسي ولكن عندي عمل وطني، وعندي تربية سأبقى أقوم بها لآخر نفس في حياتي
|
واستمر الوضع على هذه الحال منذ عام 1978 حتى 1991، وقد صدر القرار في يوم محدد، انا كنت الساعة السادسة صباحا في اليوم التالي في صيدا، وبعد ان وصلت وجدت قائد الحملة نائماً... بينما كان من المفترض ان نباشر بالحملة عند الساعة السادسة صباحا، ايقظته وسألته ماذا تفعل هنا ... كان قائد المنطقة آنذاك - بدون ما نسمي اسمه - فقال لي اتصل بي ليلا رئيس الجمهورية واخبرني ان الحملة ألغيت... حينها عزلته من قيادة الحملة وقمت بتنحيته لاحقا عن قيادة المنطقة، وعينت من الضباط الذين كانوا يرافقونني قائد لواء وقلت له انت قائد وانا معك وقمنا بإنشاء غرفة عمليات شرقي صيدا وجرت معارك على مدى أسبوع تقريبا، وبعدها دخلنا واستلم اول قائد لواء حينذاك - الله يرحمه - العميد غسان ملحم.
فمنذ عام 1978 عندما دخلت "اسرائيل" ... كان الجيش الوطني قد ترك المنطقة... ومضت عدة سنوات على هذه الحال... فأخبرني العميد ملحم انه حين كان "ملازم اول" كان يخدم في المنطقة ... وكان هناك مسلحون يمرون من صيدا قائلا لقد كنا نقوم بايقافهم وتسليمهم للمخابرات، وسألني ماذا تريد منا ان نفعل الآن بعدما عدنا الى الجنوب...؟؟.
انا صراحة لم اكن اعرف من يعني: اعتقدت انه يقصد كما من قبل الفلسطينيين، فسألته: الفلسطينيين...
قال لي لا لبنانيين، يريدون العودة الى ضيعهم لانهم يقطنون فيها لكن بما انه هناك بقعة امم متحدة فالجيش لا يستطيع ان يدخل ولكنهم هم يدخلون ...
قلت له هؤلاء مقاومة ...
نحذر العرب بأن يكونوا واعين، وخوفي ان هذا الشعور بالنصر الذي تحدث به العالم اجمع يتعرض لضغوطات كثيرة
|
قلت له: انتم اصبحتم الآن جيشاً وطنياً عن حق وحقيقة، معقول ان تضربوا المقاومة الوطنية... هذه المقاومة الوطنية من حقها أن ترجع الى هناك، وهي من السهل عليها ان ترجع اكثر من الجيش الوطني لاننا نحن ممنوعون بموجب قرارات دولية، اما المكان الذي انتم فيه، فليس هناك مقاومة فانتم المقاومة على الارض، بمعنى انهم سيكونون هم تكملة لكم، وعمليات المقاومة يجب ان تكون مستقلة والا سيعرف بها كل السياسيين فتصل لـ"اسرائيل"، اما اذا كانوا هم منفصلين فلا احد سيعرف ماذا يفعلون من عمليات وحينها سيربحون.
كان عام 1991 وبدأت وقتها هذه الاستراتيجية الدفاعية وكنا قبل هذا التاريخ حينما نجري مناورات في الجيش يعتبرون انه هناك فريق احمر وفريق ابيض، ولا يقولون اسرائيل بل فريق احمر، فعندما اتينا الى قيادة الجيش قلنا لا، اسرائيل هي العدو، وسوريا هي الصديق، وهذا لبنان، بدأنا نجري المناورات العسكرية على هذا الاساس، وبما انه كانت ارضنا ما زالت محتلة ولم يكن هناك سلام شامل بكل المنطقة قلنا ليس هناك هدنة واسرائيل هي من يعتدي علينا.
المهم وقتها عندما اصبحنا في الجنوب عملنا على اساس هذه الاستراتيجية الجديدة، ان لدينا مقاومة، لكن ما هي عمليات المقاومة، الجيش لا يعرف بها... وعمليا انا كنت قائدا للجيش ولم اعرف أحدا من المقاومة، كان كل شيء يتم بحسب المبادئ والضمير.
هذه الاستراتيجية هي التي جعلت لبنان يربح لاحقا فيما بعد سنة 2000 وقبلها عام 1996 حينما جرى انجاز تفاهم نيسان واعترفوا بشرعية المقاومة في لبنان.. كل ذلك اتى من هذه الاستراتيجية.
والآن ماذا يقولون: لا يجوز لهذه الاستراتيجية ان تبقى... لماذا؟ لان المقاومة ربحت .. يعني للاسف انا لا اريد أن أخوّن، لكن هناك كثراً من السياسيين وليّ نعمتهم هو الغرب، يعني اذا الغرب لم يدعمهم لا تأتيهم اموال من المصادر المعروفة، ووقتها لا يستطيعون ان ينجحوا بالانتخابات ولا يقدرون ان يأتوا بهم كوزراء، يعني حسابات شخصية...
ـ
أقولها صراحة انه بمجرد ان يتم الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية تنتهي المقاومة
|
لآخر يوم بقيت فيه في رئاسة الجمهورية، لم يستطيعوا ان ينالوا من هذه الاستراتيجية لسنة الـ2007 انا تركت .. والآن هناك خوف وأقولها صراحة انه بمجرد ان يتم الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية تنتهي المقاومة، لماذا؟
ماذ يريدون القول اذا جلسوا الى الطاولة، اول ما سيقولونه انه لا يجوز ان يكون هناك دولة ضمن الدولة، والسؤال اين الدولة ضمن الدولة.. طالما نقول انها تكمل عمل الجيش يعني رديف او تكملة للجيش، يسمونها باللغة الفرنسية complementaire هذا الشيء يعطي قوة للقوى العسكرية وبالتالي للبنان، فاذا هذه المسألة مربحة اتركوها ولا تلعبوا بها حتى لا تتسببوا لها بالضرر.
هؤلاء الذين يتحدثون اليوم بالاستراتيجية الدفاعية هم إما يتحدثون عن مصالح شخصية واما عن خوف... ومنهم عن عمالة... يريدون ان يتخلصوا من المقاومة وخاصة هذه الايام سيكون هناك ضغط كبير. يعتبرون انه يمكن تعميم هذا الامر لاننا رأينا ما حصل بفلسطين، هناك بعض أنظمة الدول العربية أصبحت ضعيفة وخائفة من ان يتعمم عليها نموذج المقاومة ويقوى ويشتد عوده فيتمكن من قلب انظمتها، وعلى هذا الاساس فانهم يخلقون لنا مئة مشكل، فالامور هذه جربناها كلها.. لبنان اصبح قويا... وانتم رأيتم كيف ان كل التهم التي سيقت على لبنان جرى التراجع عنها، لكنهم يسلطون هذا السيف حتى يظلوا يستعملونه لمصلحة "اسرائيل"...
في الحلقة القادمة: تغيير قواعد الاشتباك والعلاقات اللبنانية السورية