ارشيف من :آراء وتحليلات
جامعة العرب والأزمة الليبية
كما كان متوقعًا، لم تقدم قمة البحر الميت العربية شيئا ذا بال لحل الأزمة الليبية التي استفحلت وباتت عصية عن الحل. واقتصر الأمن على بيان ختامي يضم عبارات لا تسمن ولا تغني من جوع كدأب أغلب القمم العربية ماضيا وحاضرا، الأمر الذي جعلها لا تحظى بالمتابعة الشعبية من الجماهير العربية.
لقد عبر عرب مجتمعون في هذه القمة عن دعمهم لمبادرة تونس ومصر والجزائر للحل في ليبيا، وهي مبادرة تجد أمامها عديد العقبات والصعوبات، لعل أهمها رفض خليفة حفتر التعامل مع الطرف التونسي في غياب تام للثقة، حتى أن بعض المقربين منه أعربوا عن خشيتهم على حياته إذا ما زار تونس. كما أن الملف الليبي أكبر من هذه الدول الثلاث ففيه أطراف خليجية وإسلامية ودولية تمتلك جميعها أوراقا وقدرة على تحريك الساحة الليبية متى شاءت.
لا يبدو العرب قادرين على الحل في ليبيا
محاربة الإرهاب
كما أشار البيان الختامي للقمة إلى دعم جهود مكافحة الإرهاب في بلد عمر المختار بعد أن تحول البلد إلى وجهة محبذة للتنظيمات التكفيرية من مختلف الملل والنحل. وقد فات عرب البحر الميت على ما يبدو أن بعضهم هو داعم للإرهاب في ليبيا وسوريا وغيرهما من البلدان غير الملكية في نظامها السياسي التي أريد لها أن تكون هدفا لمشروع الربيع العربي أو ما يسمى "الفوضى الخلاقة".
فالموقعون الراغبون في محاربة الإرهاب في ليبيا صنفان، إما داعمون مباشرون للإرهاب في هذا البلد بالمال والسلاح والغطاء السياسي، أو صامتون على هذه المؤامرة التي تطال هذا البلد المترامي قليل السكان والغني إلى حد التخمة بالثروة الطاقية. وبالتالي فإن المصداقية تغيب تماما عن هذا البيان الذي يبدو صالحا فقط للاستهلاك الإعلامي أو لـ"الضحك على الذقون" واستبلاه الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج.
انقسام سياسي
لذلك لا يبدو العرب قادرين على الحل في ليبيا خاصة وأنهم منقسمون في الملف الليبي بين داعم للأطراف الإخوانية في طرابلس وبين مساند شرس لخليفة حفتر في الغرب. كما أن من بينهم من يدعم السراج تقربا وتزلفا من وإلى الأطراف التي تسانده باسم "شرعية دولية" أطلسية. وفي هذا الإطار تتهم قطر وتونس بالوقوف إلى جانب الفجريين وحلفائهم فيما تساند مصر والإمارات والأردن خليفة حفتر.
وبالتالي لا يبدو الحل في ليبيا عربيا، ولا جامعة العرب، التي قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في حوار له بصحيفة عربية منذ أشهر أنها انتهت، وغير قادرة على الدفع باتجاه الحل في هذا الملف الشائك، بل أن العرب وجامعتهم باتوا عبئا على الليبيين يعرقلون تفاهماتهم. ويرى البعض أن الاتحاد الإفريقي الذي ساهم في حل عديد المشاكل المستعصية في القارة لديه مصداقية أكبر لو فوضته الأطراف المتصارعة في ليبيا، والأطراف المحركة لها في الخارج، لقيادة جهود للحل في الملف الليبي.