ارشيف من :آراء وتحليلات

حينما ينفذ ترامب توصيات مقدمة لأوباما!!!

حينما ينفذ ترامب توصيات مقدمة لأوباما!!!

تشهد المنطقة العربية حاليا بوادر زوال الحالة الضبابية الدولية والتي كانت انعكاساتها المباشرة على المنطقة متمثلة في صراعات ملتبسة العناوين وترتدي اقنعة ثورية وانسانية كلها مهدت للمرحلة الجديدة والتي يمكن وصفها بالاشتباك العلني.
فالمرحلة الماضية شهدت مقدمات تتشابه مع الحروب القديمة والتي كانت تفتتح بمبارزات فردية بين فرسان مختارين بعناية وكانت نتائج هذه المبارزات الفردية بين خيرة مندوبي كل معسكر تؤثر في سير المعارك والاشتباكات اللاحقة.

حينما ينفذ ترامب توصيات مقدمة لأوباما!!!
فوارق بين ترامب واوباما هو من قبيل رؤية امريكية تكتيكية للوضع الدولي


وما نراه الآن بعد أن قدّم معسكر المقاومة خيرة ما لديه وقدم المعسكر الآخر أشرس من لديه وانتهت المبارزات بهزائم مخزية لمعسكر الاستعمار الصهيوـ امريكي وذيوله ومموليه، هو بوادر الاشتباكات المباشرة بين المعسكرات.
من طبائع مرحلة الضباب السياسي ان تشهد مناورات متعددة ويكون هامش هذه المناورات كبيرا، ومن طبائعها غياب العديد من المعلومات إضافة الى التضليل والتشويش المكثف مما يصعّب من مهمة التوقعات والتحليلات وهو ما اجبر كثيرا من الكتاب والمحللين على الخروج بنتائج غير دقيقة وكذلك تغيير مستخلصاتهم التحليلية أولا بأول مع الاحداث وتطوراتها، وهو في الحقيقة برغم مشروعيته الا انه يعكس أيضا قصورا تحليلياً مفاده التعامل مع الاحداث بالقطعة مما يوقع في بعض الفخاخ بفعل المناورات السابق الحديث عنها.
أيضا الصمت والتروي المبالغ فيه من منطلق الاحتياط لم يكن مطلوبا فالقراءات السياسية ينبغي ان تكون متواصلة ومعروضة على الرأي العام ويكون الاحتياط هنا ملعبه هو التمهيد لكافة الاحتمالات.
ولكن ما يهم في هذه المرحلة هو تأكيد بعض المسلمات،
ومن أهم هذه المسلمات ان الخطط الغربية لا تأتي بالقطعة وانما بالفعل تتميز بالطابع الاستراتيجي القائم على البدائل وفقا للاحتمالات ومن أهمها أيضا نسف الظن الدائم والذي نعتبره من بعض الظن المتسم بالإثم والذي مفاده ان الرؤساء في امريكا لهم الحق المطلق والصلاحية في بناء استراتيجيات خاصة كما هو الحال في عالمنا العربي والاسلامي!
ينبغي ان نلتفت جيدا الى كذب ما أعلنه قائد مجموعة السفن الحربية الأمريكية التي وجهت ضربات إلى قاعدة الشعيرات السورية، من أنه تم تبليغه عن هذه العملية قبل تنفيذها بيومين، بحسب "انترفاكس".
فالعدوان أبعد من ذلك كثيرا وربما ليس سراً حيث قال تقرير "سي ان ان" ان الضربات التي انصبت على القاعدة العسكرية السورية التي يُعتقد أنها كانت مصدر انطلاق الطائرات التي استهدفت بلدة "خان شيخون" الخاضعة للمعارضة السورية فجر الجمعة انعكست بصورة إيجابية على أسهم "رايثيون" بسبب إمكانية تصاعد الأوضاع في ظل تعهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانتقام من النظام السوري لاستخدامه السلاح الكيماوي.
وفي نفس التوقيت قال التقرير ان وزارة الدفاع الأمريكية من جانبها كانت قد طلبت تمويلا على مدار خمس سنوات بقيمة ملياري دولار من أجل شراء أربعة آلاف صاروخ من طراز "توماهوك" لصالح القوات البحرية، وظهرت تلك الطلبية في البيانات المالية للوزارة في فبراير/شباط الماضي.
وليس هذا كل الامر، فالامور ابعد من ذلك ومتصلة بإدارة اوباما كذلك!
يشير تقرير في ابريل 2015 لمعهد واشنطن حول الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط إلى حاجة الولايات المتحدة إلى "اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انهيار نظام الدولة في المنطقة ومواجهة النفوذ المتزايد للمتطرفين السنّة والشيعة على حد سواء".!
ويقول التقرير المقدم لادارة اوباما منذ سنتين انه نظراً إلى الدور الحيوي الذي يجب أن تلعبه الشراكة مع الدول والشعوب العربية السنّية في إطار هذا الجهد، يحذّر معدو التقرير من أنه "لا يمكن لإيران أن تكون حليفاً مفترضاً".
وقد كَتب البحث الجديد مجموعة من كلا الحزبين الأمريكيين - الجمهوري والديمقراطي – (لاحظ) وتضم خمسة أشخاص من بينهم اثنان من مستشاري الأمن القومي السابقين، صمويل بيرغر وستيفن هادلي؛ والسفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا جيمس جيفري؛ والمسؤول السابق في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومبعوث للسلام في الشرق الأوسط لفترة طويلة دينيس روس؛ والمدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف.
وبنظرة على توصيات التقرير دون اي تدخل منا في اقتباسها، سنرى ان وقت تنفيذها لم تتسن له الظروف الا في ادارة ترامب!
والتوصيات الرئيسية الواردة في التقرير هي:
- التركيز على إلحاق الهزائم بتنظيم "داعش": "ستؤدي الهزائم وخسارة الأراضي إلى الحد من جاذبية التنظيم". يشير التقرير إلى أن القوات البرية الأمريكية ليست هي الحل للوضع بل ان الحل البديل القابل للتطبيق هو "حملة جوية أمريكية إلى جانب قوات برية عربية محلية، تُقام بمساعدة ودعم من أعداد معززة من المستشارين الأمريكيين وأفراد "القوات الخاصة".
ـ العمل مع شركاء محليين لإيجاد ملاذ آمن داخل سوريا: "من أجل استعادة مصداقية الولايات المتحدة وإتاحة إمكانية بناء معارضة أكثر تماسكاً يمكنها فعلياً أن تغير ميزان القوى على الأرض، تبرز الحاجة إلى ملاذ آمن - بحيث يجعل من الممكن احتضان اللاجئين في سوريا ويسمح للمعارضة ذات المصداقية والشرعية من داخل سوريا بأن تصبح أقوى وأكثر فعالية على الصعيدين السياسي والعسكري".
ـ تعزيز العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين مثل مصر: "من غير الممكن اعتماد استراتيجية تهدف إلى تعزيز نظام الدولة في الشرق الأوسط من دون الحرص على قيام علاقات فاعلة بين الولايات المتحدة ومصر".
ـ العمل بهدوء مع إسرائيل لمنع المزيد من التآكل في العلاقات الثنائية: "يجب على واشنطن أن تتصل بهدوء بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وربما يتم ذلك من خلال شخص من خارج الإدارة الأمريكية يكون قريباً من الرئيس الأمريكي ويمكنه التعاطي مع نتنياهو حول القضية الإيرانية، وحركة نزع الشرعية، والقضية الفلسطينية، وفي العلاقات الأوسع مع العرب". ويرى معدو التقرير أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل "مهمة للغاية بالنسبة لكل طرف وهي بمثابة دليل ريادي على الالتزام الأمريكي تجاه حلفاء واشنطن في المنطقة، لدرجة أنه لا يجب السماح بتدهورها أكثر [مما هي عليه الآن]". –انتهى الاقتباس-

حينما ينفذ ترامب توصيات مقدمة لأوباما!!!

 


سبق يوضح ان الجمهوريين والديمقراطيين وجميع الرؤساء والاسماء ملتزمون بالاستراتيجيات الخارجية.
واي تفاوت بين الرؤساء والادارات هو داخلي ومصدره الجوهري هو المرحلة والوضع العالمي وما ينبغي ان تكون عليه الولايات المتحدة، اي باختصار تفاوتات تكتيكية.
ما نؤكد عليه هو ان كل ما سيق عن فوارق بين ترامب واوباما هو من قبيل رؤية امريكية تكتيكية للوضع الدولي، فعندما تكون العولمة خادمة للاستراتيجية فمرحبا باوباما ومن على شاكلته، وعندما تكون الحمائية هي المخرج فمرحبا بترامب ومن على شاكلته، كما ان الطبيعة الشخصية من حيث الهدوء والرصانة او الحمق مطلوبة ايضا مرحليا للتعامل مع السذج الذين يتعاملون بالقطعة ومن منطلقات شخصية بلهاء مثل الارتياح الشخصي والكيمياء وغير ذلك من ترهات!
قد تلجأ امريكا لتهدئة لحظية للاعداد لوثبة جديدة بعد اصطفاف دولي شيطاني تحاول اعداده بالترغيب والترهيب. الا ان المواجهة حتمية.
الصديق الروسي لا نشك في ولائه او شرفه ولكن نخشى من سقف احتماله.
المواجهة حتمية والاعتماد على الذات هو عمادها والخيارات المستقلة نسبيا دون احراج للاصدقاء الروس اكثر أمنا من التماهي مع مهادنات زائدة.
ليست دعوة للتهور والانسياق للاستفزاز ولكنها دعوة للاحتياط وتجهيز بدائل اخرى.

(*) كاتب عربي من مصر

 

2017-04-11