ارشيف من :نقاط على الحروف
الإمام الخامنئي... ومواجهة الأكاذيب
طالما أن همجية الحكومات الغربية وخبثها يتقدمان على المبادئ الأخلاقية التي تحكم السياسة الحقيقية، فإن كلمات ككلمات آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي تحافظ دائماً على راهنيتها. حتى ولو قيلت في أيام مضت: بمناسبة العمليات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية، باريس، في كانون الثاني/يناير ثم في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى، وجه الإمام رسالته الأولى ثم الثانية إلى الشبيبة في بلدان أوروبا وأميركا الشمالية.
ولكن الدم سال مرة أخرى منذ ذلك الحين. مؤخراً في سان بترسبورغ وستوكهولم، وقبل ذلك بقليل في باريس وبرلين وبروكسل ولندن ونيس.
كل هذه العمليات الإرهابية وتلك التي يتم ارتكابها في الشرق الأوسط، في سوريا والعراق ومصر، ضد أقليات دينية وعرقية، وضد الأكثرية الدينية والعرقية، إنما تنسب أو تتبنى من قبل جماعات إرهابية وخصوصاً من قبل داعش. وهنا تبدأ الأكذوبة الكبرى.
هنالك أكاذيب صغيرة تم استخدامها من أجل تبرير غزو أفغانستان والعراق. وهناك أكاذيب كبرى يتم استخدامها من أجل تبرير هذه الحرب الكبرى ضد كامل العالم الإسلامي. وكذلك، وهذا ما هو أشد خطورة، ضد الإسلام بما هو دين.
مجرمون يرتكبون الفظائع وُجدوا في الماضي، وهم موجودون الآن، وسيوجدون في المستقبل. لكن المشكلة هي أن الفظائع التي ترتكبها الجماعات الإرهابية اليوم إنما ترتكبها باسم الإسلام، وفوق ذلك بوصفها جزءاً مكاملاً وأصيلاً لتعاليم الإسلام. أما الأحداث، أي هذه العمليات الإرهابية، وهذه التجاوزات والممارسات الكريهة، فإنها لا تفعل غير الشهادة للأكذوبة التي تنتشر وتجتاح العقول بفضل إخلاص وسائل الإعلام الكبرى التي باعت نفسها لشياطين السياسة الغربية والصهيونية.
للدفاع عن الحقيقة والتصدي لأكذوبة العصر الكبرى، توجه الإمام الخامنئي إلى الشباب في بلدان الغرب على أمل أن تنفتح عيونهم على الخديعة التي هم ضحيتها. خديعة تتمثل بخلق الإرهاب والزعم بأنه جهادي، ومن ثم توجيه تهمة القيام به إلى المسلمين والإسلام.
الشباب في بلدان الغرب هم كجميع أولئك الذين يستنكرون الإرهاب ويدينون جرائم الإرهابيين. ولكن الاستنكار والإدانة لا يكفيان. لا بل يمكنهما أن يشكلا نوعاً من شهادة الزور طالما أنهما، على ما يؤكده الإمام، لا يضعان الإرهاب الذي يضرب المدن الأوروبية بانتظام على قائمة واحدة مع الإرهاب الذي يضرب في العراق وفلسطين ولبنان وسوريا وغيرها.
تلك القائمة لا تتوقف عن التضخم مع التفجيرات التي نفذتها داعش واستهدفت الكنائس في مصر والتي لا تختلف مطلقاً لجهة فاعليها الحقيقيين عن عشرات الصواريخ الأميركية الموجهة التي ضربت سوريا قبل أيام.
الإدانة وحدها تظل مشبوهة ومشينة إذا لم تؤكد على أن الأعمال الإرهابية التي ترتكب في أوروبا والشرق الأوسط تنتمي إلى آلية العنف نفسها التي يديرها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين والعرب.
الأهم من ذلك هو توجيه الإدانة إلى الحكومات الغربية لأنها هي التي تمد الإرهابين التكفيري والصهيوني بالدعم والمساندة.
وقد أكد الإمام ذلك بقوله أن القوى الغربية، والولايات المتحدة، في المقام الأول، قد "غذت وسلحت القاعدة وطالبان ومن جاء بعدهما"وهي "تدعم دولة إسرائيل الإرهابية".
أما جذور المشكلة فتعود، في نظر الإمام، إلى المسؤولين السياسيين الغربيين الذين "فصلوا بشكل واع بين طرق السياسة وطرق الشرف والصراحة".
وهذا الفصل هو المسؤول عن هيمنة معايير متناقضة على السياسة الغربية: "إرهاب قبيح وإرهاب جيد، مصالح ذات أولوية بالمقارنة مع القيم الإنسانية والأخلاقية. وكل ذلك يقود تلك السياسة بالضرورة إلى "تقديم الإسلام كعدو لا بد من خشيته".
لماذا يقومون بتسعير مشاعر الخوف والحقد تجاه الإسلام؟ يجيب الإمام بأن الإسلام يتضمن أفكاراً وقيماً تخالف مطامح القوى الكبرى. وبدلاً من محاولة إثبات ذلك على طريقة المتكلمين بواسطة خطاب حجاجي، يتبع الإمام طريق الموضوعية فيدعو الشباب في بلدان الغرب إلى محاولة التعرف على الإسلام "من مصادره الصحيحة والأولى من خلال القران وسيرة النبي".
كلام الإمام الخامنئي يشدد على الوحدة - في الغرب وفي العالم الإسلامي- التي تميز مشاعر الاشمئزاز تجاه المسؤولين عن الجرائم الإرهابية ومرتكبي تلك الجرائم. ومن هذه الكلمات نستشف رغبة عميقة في بناء مستقبل أفضل وأكثر طمأنينة للجميع.
من أجل بناء هذا المستقبل، فإن الإمام مقتنع بأن "الشبيبة في بلدان الغرب قادرة على منع الانحرافات التي قادت الغرب إلى وضعه الحالي".