ارشيف من :نقاط على الحروف
سمير القنطار يضرب عن الطعام – فيصل الأشمر
"عميد الأسرى اللبنانيين، الأسير سمير القنطار، كان يتحدث معي، اليوم، بثقة بالغة. وبدا واضحاً في نبرة صوته الاصرار على المضي قدماً وحتى النهاية في معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها مع إخوانه الأسرى القابعين في السجون الاسرائيلية".
المحامي سعيد نفاع، بعد زيارته الاسير سمير القنطار، الذي يقبع في سجن هداريم.
***
أتخيّل سمير القنطار وقد جمع حوله الشهداء الذين تساووا بعد شهادتهم في وحدة الوطن، فلا فلسطين ولا لبنان ولا العراق ولا وسوريا... إنما هم الآن في وطن واحد، ويمثلون وطناً واحداً وأمة واحدة، لا حدود تقسمها ولا بلفور ولا سايكس ولا بيكو.
أتخيله وقد جمع الشهداء وألقى فيهم كلمة بسيطة، دعاهم فيها إلى إضراب رمزي عن الطعام، تأسياً بالمقاومين الأسرى المعتقلين في سجون وزنازين العدو "الإسرائيلي"، وأتخيلهم قد سمعوا كلمته وتركوا ملذات النعيم، وعيونهم نحو إخوانهم وأخواتهم هناك.
إن لم تخنّي ذاكرتي فنحن نشهد أول إضراب عن الطعام يقوم به الأسرى في سجون العدو "الإسرائيلي" في غياب الشهيد سمير القنطار، رفيق سجن الكثيرين من هؤلاء الأسرى سابقاً، وأستاذ آخرين لم يلتقوا به لكن تعلموا منه الصبر وفنّ مواجهة العدو بشموخ ورفعة رأس.
شارك القنطار في كل إضراب عن الطعام كان يقوم به الأسرى في سجون العدو، منذ الإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأ في الرابع عشر من تموز من العام 1980 والذي استمر ثلاثة وثلاثين يوماً، والذي سقط نتيجته أربعة شهداء، مروراً بالإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأ في السابع والعشرين من أيلول من العام 1992 الذي استمر تسعة عشر يوماً، وسقط فيه الأسير حسين عبيدات شهيداً، وإلى آخر إضراب كان قبل تحرّره من معتقلات العدو في العام 2008. وكانت الدعوة إلى الإضراب تحصل طلباً لتحسين أوضاع المعتقلين في السجون، أو اعتراضاً على تصرفات وتعامل جنود العدو معهم، أو حتى اعتراضاً على مواقف سياسية لبعض الجهات.
وقد تحدث القنطار عن حالات الإضراب عن الطعام هذه في كتاب "قصتي" الذي روى فيه سيرته منذ اعتقاله إلى حين إطلاق سراحه، فليراجعه من أراد المزيد.
ولم ينسَ القنطار قضية الأسرى في السجون "الإسرائيلية" بعد خروجه من المعتقل، وكان في مناسبات عدة يتحدث عنهم وعن معاناتهم، مبدياً تضامنه معهم، إلى أن رحل شهيداً وفي عقله وقلبه ودمه فلسطين وأسراها ومجاهدوها وأهلها الشرفاء الطيبون.