ارشيف من :آراء وتحليلات

الاستعدادات العسكرية جدية: الجيش الشعبي لكوريا الشمالية لا يمزح

الاستعدادات العسكرية جدية: الجيش الشعبي لكوريا الشمالية لا يمزح

تعتبر شبه الجزيرة الكورية احدى النقاط الساخنة في العالم التي يمكن ان ينفجر فيها الصراع الدولي في أية لحظة. وكانت كوريا قد وقعت تحت الاحتلال الياباني بعد انتصار اليابان على روسيا سنة 1905، ولكن بعد استسلام المانيا في ايار 1945 اعلن الاتحاد السوفياتي الحرب على اليابان، وسحق الجيش الاحمر الجيوش اليابانية التي كانت تحتل شبه الجزيرة الكورية واجزاء من الصين.

الاستعدادات العسكرية جدية: الجيش الشعبي لكوريا الشمالية لا يمزح

 

وتقدم الجيش الاميركي من جنوب كوريا، حيث كان اليابانيون يستسلمون لهم بدون قتال مفضلين الاستسلام للاميركيين على الاستسلام للسوفيات. والتقى الجيش الاميركي مع الجيش السوفياتي عند ما يسمى خط العرض 38، واعلنت المنطقة الجنوبية (الاميركية) منطقة نفوذ اميركية، والمنطقة الشمالية التي حررها السوفيات منطقة نفوذ سوفياتية. وعلى غرار ما حدث في المانيا "الشرقية" و"الغربية"، نشأت في كوريا ايضا دولتان هما: "جمهورية كوريا" الجنوبية، و"جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية" في الشمال، ويبلغ عدد سكان كوريا الجنوبية ضعف عدد سكان الشمالية (في احصاء 2013 العدد هو بالتتالي: حوالى 50 مليونا، وحوالى 25 مليونا). ومنذ نشوئها تضع "جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية" نصب عينيها: التعبئة العامة لاجل تحرير الجنوب من الاحتلال الاميركي واعادة توحيد البلاد التي كانت منذ 2000ق.م امة (ودولة) موحدة حضاريا ودينيا وسياسيا ولم تنقسم الا بعد التدخل الاميركي في 1945.

وبعد ان حصلت كوريا الشمالية على تأييد الصين الشعبية والاتحاد السوفياتي، شنت الهجوم في 25 حزيران 1950 على قوات الاحتلال الاميركي والقوات العميلة في الجنوب وحررت سيؤول بعد ثلاثة ايام وحشرت الاميركيين وعملاءهم في زاوية ضيقة في اقصى جنوب كوريا تمهيدا لرميهم في البحر. ولكن اميركا استحصلت على قرار من مجلس الامن الدولي (بغياب المندوب السوفياتي الذي كان يقاطع الامم المتحدة استنكارا لوجود ممثل تايوان كممثل للصين بدلا من الصين الشعبية) بالتدخل الدولي بزعامة اميركا ضد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وهكذا قامت 16 دولة من الكتلة الغربية، وعلى رأسها اميركا الى جانب قوات كوريا الجنوبية العميلة بمهاجمة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. وهذا ما دفع الصين الشعبية الى ارسال مئات آلاف المتطوعين الصينيين للقتال الى جانب اخوانهم الكوريين الشماليين. وهكذا تحولت الحرب الكورية الى عمليات كر وفر ومعارك حدودية على خط العرض 38 حتى تموز 1953 حيث وقعت اتفاقية الهدنة بين البلدين. ولكنه لم توقع معاهدة سلام حتى الان. ولكن بالرغم من كل الحصار الاقتصادي والعقوبات والتضييق الخانق، فإن جمهوورية كوريا الديمقراطية الشعبية لا تزال تكرس كل امكانياتها المتواضعة لاجل تحقيق الهدف القومي الاكبر: تحرير الجنوب واعادة توحيد البلاد. ومن الواضح تماما ان الكتلة الغربية باسرها وعلى رأسها اميركا تقف بوجه الطموح الوطني المشروع لهذا الشعب الصغير والأبي، الذي يتحمل الفقر والحرمان والجوع من اجل قضيته القومية ويعطي العالم اجمع درسا تاريخيا في العزة الوطنية والكرامة الانسانية. وتضع جمهورية كوريا الديمقراطية نصب اعينها الان ان تطور الصواريخ الباليستية التي تصل الى اميركا ذاتها مع قنابلها النووية، كي تلقن اميركا ذاتها ـ القوة العظمى في العالم ـ الدرس بأن ارادة الشعوب هي اقوى من اي قوة امبريالية ورأسمالية يهودية.
وفيما يلي نقدم عرضا موجزا عن الاستعراض العسكري الذي اجرته جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، كما نشرته الجريدة الالكترونية الروسية "برافدا ـ رو:
خلافا للاستعراضات العسكرية السابقة، فإن الاستعراض الاخير الذي قام به الجيش الكوري الشمالي في بيونغ يانغ، بمناسبة الذكرى السنوية الـ105 لودلاة كيم ايل سونغ، مؤسس الدولة الكورية الشمالية، قد استعرض احدث انواع الاسلحة، بما في ذلك تلك التي لا يعرفونها في كوريا الجنوبية. فالكوريون الشماليون لم يكتفوا هذه المرة باستعراض تلك المنظومات، المعروفة جيدا والتي شاخت في الكثير من الجوانب.
"ان قيادة كوريا الشمالية أوضحت بشكل قاطع انها تتابع بشكل فعال تطوير البرنامج الصاروخي ـ النووي، وان لديها معطيات جديدة، وانها تمتلك اسلحة، موجهة نحو التغلب على انظمتنا الدفاعبة الجديدة"، حسبما اعلن في مقابلة مع قناة  YTN الخبير العسكري الكوري الجنوبي يان اوك.
وقد أثار صدمة حقيقية في اوساط الخبراء العسكريين في سيؤول عرض الصاروخ النووي لكوريا الشمالية.

الاستعدادات العسكرية جدية: الجيش الشعبي لكوريا الشمالية لا يمزح
 كوريا الديمقراطية الشعبية فاجأت الولايات المتحدة الاميركية

 

وبدلا من المنظومات الصاروخية القديمة لكوريا الشمالية "سكاد" و"نودون"، ظهرت في الساحة المسماة على اسم كيم ايل سونغ التكنولوجيا العسكرية الحديثة: "موسودان"، والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات "بوكيكسون – 1" (اي النجمة القطبية) و"بوكيكسون - 2"، وكذلك صواريخ "سكاد - إر". وعلينا ان نشير ان صواريخ "بوكيكسون" و"سكاد - إر" تعرض لاول مرة.

وهذا هو رد الرفاق الكوريين الشماليين على "استفزازات مختلف انماط الترامبويات" (نسبة الى الرئيس الاميركي ترامب) واضرابهم من السياسيين، الذين ينشرون في كوريا الجنوبية منظومات الدرع الصاروخية من طراز THAAD. وقد عرضت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) عدة انماط من الصواريخ المعدلة، والمخصصة تحديدا للتغلب على هذه المنظومات المشهورة للدرع الصاروخية الاميركية.
وقد اتاحت بيونغ يانغ للجميع ان يفهموا انها ليست فقط عازمة، بل هي تسير عمليا بحزم في تطوير برنامجها النووي.

واذا كانت في الاستعراض العسكري سنة 2015 سارت الوحدات، التي سخر منها خبير عسكري من سيؤول بالقول انها تحمل الحقائب النووية على ظهور افرادها، فإن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية قدمت الان وحدات قتالية قادرة تماما.

وقد مرت في ساحة العرض وحدات القوات الخاصة وهي مزودة بأسلحة القتال الليلية. في السابق اعتبر الخبراء العسكريون في سيؤول ان جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لا تمتلك مثل هذه الاسلحة بالكمية الكافية. "ويبدو الان ان الحال ليس كذلك. وفي أسوأ الاحتمالات فإن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تحاول ان توهمنا بذلك".

واذا اردنا اختصار كل ما تقدم، يمكن القول ان جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية قد فاجأت تماما، سلبيا، الولايات المتحدة الاميركية وحليفتها كوريا الجنوبية.

ولم يكتف جيش جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية باستعراض الوحدات العسكرية الرجالية، بل استعرض ايضا بعض الوحدات النسائية. وفي التقارير الخارجية اثار ذلك ليس قليلا من الدهشة في الصحافة الاجنبية.

 

2017-04-24