ارشيف من :آراء وتحليلات
لماذا بات اغتيال الرئيس الاسد أكثر إلحاحاً.. من منظور إسرائيلي
ليس أمرا عابراً أو تعبيرا عن انفعال نفسي أتت دعوة عضو المجلس الوزاري المصغر، ووزير الاسكان، اللواء يوآف غالانت إلى اغتيال الرئيس السوري بشار الاسد.. ومن ثم التوجه لاستهداف القيادة العليا في ايران، من دون أن يسميها بالاسم. فهو وإن حاول تغليف دعوته بخلفيات انسانية مصطنعة، كترجمة لخطة إسرائيلية معتمدة منذ سنوات، وهو شخصيا صاحب سجل اجرامي في قطاع غزة، أتى كلامه في سياق المؤتمر الدولي لسلاح البر والدعم اللوجستي، الذي يعقد في اللطرون في "إسرائيل". والاهم أنه أطلق هذه الدعوة من موقعه كعضو في المؤسسة المطلعة على التقديرات التي تتناول التهديدات المحدقة بالامن القومي الإسرائيلي. والمسؤولة عن دراسة الخيارات المطروحة لمواجهة هذه التهديدات، وما تم استنفاذه حتى الان..
ماذا تعني دعوة تل ابيب لاغتيال الرئيس الاسد؟ ولماذا التشديد عليها في المرحلة الحالية، وما العلاقة بين إسقاط النظام في سوريا اولا ومن ثم التوجه إلى ايران، كما اوضح غالانت..
تأتي دعوة "إسرائيل" لاغتيال الرئيس الاسد، بعد فشل سلسلة الخيارات التي كانت تراهن تل ابيب عليها. وعبرَّت طوال السنوات الماضية عن أملها في أن تؤدي إلى اسقاط الرئيس الاسد واستبداله بنظام معادٍ لمحور المقاومة، بما يؤدي إلى اعادة انتاج بيئة اقليمية خالية من التهديدات وتسمح بتطويق حزب الله في لبنان تمهيدا للانقضاض عليه..
الرئيس الاسد
تكشف هذه الدعوة ايضا، في جانب منها، عن اقرار إسرائيلي بعدم وجود افق على تكرار هذه الرهانات في المعطيات الميدانية والسياسية الحالية.. (دون أن يعني ذلك التخلي عن هذا الخيار) ونتيجة ذلك، لم يعد بالامكان الرهان على الجماعات الارهابية والتكفيرية، لاعادة تغيير المعادلة الميدانية بما يُمكن من تجديد الرهان على اسقاط الرئيس الاسد.
على خط مواز، لا يبدو أن هناك استراتيجية أميركية واضحة – أو على الاقل بالمستوى الذي تطمح اليه "إسرائيل" – بما يؤدي إلى اعادة تغيير المعادلة الميدانية بشكل جذري في سوريا.. وبالتالي تغيير المسار بالاتجاه الذي كانت تطمح وتسعى اليه تل أبيب..
في ضوء هذه المعطيات ومفاعيلها المقدرة على معادلة الصراع مع "إسرائيل" وآفاقه المستقبلية، من الطبيعي أن تكون "إسرائيل" درست الخيارات البديلة التي يمكن من خلالها إحداث "اختراق نوعي" في الواقع السوري والاقليمي، مع أقل كلفة مقدرة. وعلى المستوى النظري يمكن الافتراض أن الدعوة الإسرائيلية إلى اغتيال الرئيس الاسد، تندرج ضمن مفهوم الخيارات التكتيكية التي يمكن أن يترتب عليها مفاعيل استراتيجية.. مع أقل مستوى من المغامرة – على الأقل وفق ما يفترض من تقديرات في تل ابيب وعواصم القرار الاقليمي والدولي المعادي.
مع ذلك، تجدر الاشارة إلى أن هذا الخيار كان حاضراً منذ بداية الاحداث في الساحة السورية.. ولكنه كان خيارا موازيا لخيارات أخرى يتم العمل عليها.. ومن الطبيعي أنهم في تل ابيب، عملوا عليه ولكن لم ينجحوا حتى الان. اما الان فقد بات خيار من ضمن خيارات ضيقة... ومن هنا أتى التعبير على لسان غالانت "آن الاوان" لتنفيذ هذا الخيار في اشارة إلى كونه بات خيارا ملحا في ضوء فشل الخيارات البديلة..
يوآف غالانت
اما بالنسبة للدعوة الإسرائيلية لاعتماد الخيار نفسه، ازاء القيادة الاسلامية في ايران فهو أمر مفهوم بعدما سُدت كل السبل والرهانات أمام تل ابيب لجهة امكانية قبولها بالمساومة على الاقل، فضلا عن التخلي عن خيار دعم قوى المقاومة وفيما يتعلق بالموقف من فلسطين.
مع ذلك، كان لافتا الحديث عن تغيير الواقع في سوريا، ثم التوجه لمواجهة ايران.. وتنطلق هذه الدعوة من تقدير إسرائيلي حاضر بقوة منذ بداية الاحداث السورية، أنه سيكون من الصعب على المحور المضاد مواجهة ايران إلا في حال اسقاط سوريا ونظامها ورئيسها.. وهو ما لم يتحقق كما كانوا يخططون ويأملون.