ارشيف من :نقاط على الحروف
البرهان على الملوك الأنذال
"التأم شمل الملوك والرؤساء العرب والمسلمين في قمم الرياض الثلاث بزعامة اميركا ليطفئوا نار الأزمات في المنطقة ويعيدوا "إنتاج شرق أوسط جديد خالٍ من الارهاب!"
هذا هو العنوان الاعلامي الذي تتبناه الانظمة الرسمية وتذعن له كيانات وشخصيات ممالئة لهذه الانظمة، ولست بصدد إبطال هذا العنوان وتفنيد محتواه، لأن هذا جهدًا لا طائل منه لكون الامر أوضح من المعالجة وأجلى من أن نتعسف مناقشته ولكن ما يهم في هذه المفصلية التاريخية أن نبحث عن موقعية فلسطين من العالم العربي والاسلامي وهل ما زال الخذلان والنكران والتآمر الخفي هو سيد الموقف أم ان القادة العرب ولفيفهم الممالئ آثروا اكرام ضيفهم "عالي المقام" وتقديم قرابين ولاء جديدة اضافة للهدايا والعطاءات السخية التي لم يكن لها مثيل على امتداد التاريخ الانساني.
قدِم ترامب الى الحجاز المنكوبة بملوكها مفصحاً عن نواياه من سابق، متعجل القطاف وغير متحرج من ملوك عجاف أجدبت بهم البلاد، فاستقبلوه مذعنين خانعين باذلين ما له ومضحين بشعوبهم وجيوشهم طمعا بأن يحظوا بالخدامة ويكونوا لائقين بالانقياد.
وان كان غياب فلسطين أمراً معهوداً لدى ملوك العار ورؤساء العوار فإن التذلل والانحدار لا قرار له وقد أزمع العرب من بعد كل انحطاط وخذلان ان يضبطوا بوصلتهم ويحددوا مسارهم لتكون فلسطين وجهتهم ويعلنوا عن صلتهم الحقيقية بها ..
فالنظام الرسمي العربي ومن مالأه من كيانات التي تتخذ الاسلام زينة، لم تربطه بفلسطين إلا رابطة العداء والكراهية والترصد والحرب على هذه الارض التي لطالما عرّتهم وفضحتهم وكشفت عوراتهم وقماءتهم وخيانتهم وترديهم وجبنهم وفسادهم وكفرهم.
فلسطين يا سادة.. فاضحة العرب ومدعيي الاسلام لذلك تستحق منهم كل هذا العداء، وقد جاء زمان اعلان العداء والمجاهرة به. ولأن فلسطين يتيمة ضعيفة، فان الحرب ستوجه ضد كل من يكفَلها ويمنحها إمكان البقاء والحياة، فلسطين الضعيفة العاجزة لا بد من ان تجرد من داعميها والمنتمين لحقها. فايران عدو لدود ليس لانها تسرع الخطى في مسيرتها التنموية والتطويرية والدفاعية فقط، بل لكونها ترفض الاذعان لقوى الشر وتقف ندا ومجابهاً لمشاريعهم الاجرامية بحق المستضعفين، وحزب الله الذي دل على هشاشة الكيان العنكبوتي الذي اعجز الجيوش العربية وانتصر عليها وهزمها فهذا الحزب الذي تتعاظم قوته ويحقق انتصارات في كل مواطن السجال مع ادوات الصهيونية ومتجهز دوما للقيام بواجبه الديني والوطني والذي حقق هزائم جلية في كل المعارك محررا أرضه ومدافعا عن شعبه وداعما لاصحاب الحق في مناجزة العدو الصهيوني ها هو اليوم يشكل تهديداً حقيقياً واستراتيجياً على وجود رأس حربة المشروع الغربي والمتمثل بالصهيونية العنصرية. ومعه كل من يمتلك ثقافة الرفض لمقررات عدونا.
ان العداء المعلن على القوى الداعمة للحق الفلسطيني عداء لفلسطين ولشعبها والأمر لا يحتاج الا تكلف اثبات وكل المسوغات المعروضة أقبح من ان يعاد استعراضها، فالارهاب المزمع محاربته انتاج اميركي ـ سعودي بامتياز تعاضدت فيه الخلفيات الثقافية وإرادة الشر، وتنزل للواقع بفعل الشراكة بين المال والسلاح واي تلفيق للوقائع لا يخدم اصحابه. وداعش المنتهية الصلاحية بتضحيات وصمود شعوب المنطقة واحرارها ليست الا أداة من أدوات الصهيو-وهابية الاميركية.
اما الكيان الصهيوني فلم يعد مصنفا على كونه كياناً احتلالياً ارهابياً، يحتل ارضًا عربية ولم تعد جرائمه المستمرة تسترعي انتباه زعماء العرب والمسلمين وصار لارهابه طعماً مستساغاً ومقبولاً وصار الاجدر بالتصنيف كارهابي اولئك الذين يصرون على المطالبة بحقوق هذا الشعب الشاهدة على اكبر جريمة انسانية مرعية من المجتمع الدولي ومن العمق العربي السحيق في ترديه.
اما مسوغ التدخل في الشؤون الخارجية للدول فانه مردود على اصحابه الذين تتبّعوا سياسات الهيمنة على المنطقة من عقود، فاميركا المعتدية والمتعدية ومن بعدها كيانات التبعية التي قامت بدور الوكيل والخادم لاميركا ومارست التعدي على جيرانها وشعبها وفي مقدمتها مملكة الارهاب السعودية ومظلومية الشعب اليمني المذبوح شاهدة على جريمة بشعة قد تكون اكثر بشاعة من مشاهد احتلال فلسطين قبل 7 عقود من الزمن. وكأن الزمان يذكرنا بأن شرور الشيطان انتخبت منطقتنا في مسعاها لطمس النور الذي اضاء حياة البشرية بمقدم النبي الخاتم واله ولكن يأبى الله وعباده الاطهار بأن يستدام الظلام.
ولان فلسطين اختصار للمعارك فالعداء المتوجه من قبل شذاذ وشواذ العرب لفلسطين يقابله عداء الاحرار للصهاينة ولكل ادواتهم .
فلسطين كانت ومازالت العدو الأول لكل المستكبرين والجبابرة، والعرب اليوم ممثلون بدولة ال سعود ومن مالأها من شذاذ وعبيد.. وبعد تحالفهم قبل سنوات على قوى الامة الحرة وشن حربهم على اليمن صاروا ركناً قائماً في مباني الاستكبار، وتبعيتهم لاميركا تعاظمت حتى باتوا منفذين لارادة مستعبدهم، لذلك فان ما نعاينه ليس الا مجاهرة وتتويج لمسيرة الخذلان والنكوص والتآمر فيما يخص القضية المركزية للامة وكيفيات التعاطي مع الوجود الصهيوني الذي لم يعد غريبا على كيانات ترى فيه حاميا متقدما لكراسيهم وسيادتهم المهددة من الاحرار والثوار الذين صار وجودهم وتمددهم وانتصاراتهم مزلزلة لعروش وزعامات معقودة الصلة بالكيان الصهيوني.
فلسطين التاريخية وفلسطين المقدسات وفلسطين قلب الامة النابض عدو لدود لكيانات العار العربية ومن تبعهم، ممن يحملون جنسية فلسطينية صورية غير حقيقية جعلت منهم شهود زور، خانوا دماء ومعاناة وعذابات كل الشهداء والاسرى والجرحى والاحرار والمناضلين، نعم انها العدو الاول لهم لكونها كاشفة وفاضحة لموقعيتهم المنسلخة عن العروبة والاسلام والحقوق والمبادئ والقيم الانسانية .
فلسطين هي برهان الله على طريقه المستقيم والقويم الذي لا يسلكه الا من انعم الله عليه.. ولا يتنكبه الا من ضل سواء السبيل وكان محلا للغضب الالهي .
(*) باحث فلسطيني من غزة