ارشيف من :ترجمات ودراسات

الرئيس روحاني يتابع خط التحالف مع روسيا

الرئيس روحاني يتابع خط التحالف مع روسيا

تحت هذا العنوان، نشرت الجريدة الالكترونية الروسية برافدا. رو، المقربة من الكرملين، تحليلا حول الانتخابات الرئاسية الايرانية الاخيرة كتبه الباحث المعروف آيدن ميختييف، جاء فيه:"حقق الرئيس الايراني الحالي حسن روحاني انتصارا مقنعاً في الانتخابات التي جرت مؤخرا في البلاد وانتخب لدورة ولاية ثانية من اربع سنوات".

الرئيس روحاني يتابع خط التحالف مع روسيا
طهران حليفا موثوقا لروسيا في قضية اقامة سلم عادل في سوريا خاصة وفي الشرق الادنى بصورة عامة
 

ونحن نضيف انه بالرغم من شدة المعركة والتنافس الشديد بين روحاني والمرشحين، فقد تمت الانتخابات في مناخ ديمقراطي حقيقي، ولم يسجل وقوع أية حوادث، ولم تقدم أية اعتراضات أو طعون في الانتخابات. وقد فاجأت نتيجة الانتخابات تماماً ما يسمى التيار "المحافظ" الذي كان متأكدا من الفوز، او على الاقل ان لا يصل اي من المرشحين الاربعة الى نسبة 50% وان تجري دورة انتخابية ثانية بين المرشحين اللذين سيحققان اكبر نسبة من الاصوات. ولكن النجاح الواضح لروحاني من الدورة الاولى يؤكد خيار جماهير الشعب الايراني المناضل، ويعطي لمركز الرئاسة مكانة اكبر مما كانت لها ويضع على كاهل الرئيس المنتخب مسؤولية اكبر جنبا الى جنب مرشد الثورة الايرانية.
وتضيف الجريدة الروسية: "ان الكثيرين الان يطرحون السؤال: ما هو النهج الداخلي والخارجي الذي ستنتهجه ايران في السنوات الاربع القادمة؟
" قبل كل شيء يجب ملاحظة احدى خصوصيات النظام السياسي الايراني: ان الرئيس يضطلع فقط بدور قائد السلطة التنفيذية، ولكنه ليس رأس الدولة.
وطبقا للدستور الايراني، تعود السلطة العليا في البلاد الى الزعيم الروحي، الذي هو في الوقت الراهن آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي. والزعيم الروحي يمنح رئيس البلاد حرية واسعة لنشاطه، ويعود للاخير التقرير في شؤون التطور الاقتصادي للبلاد، وسمتها الخارجية وعلاقاتها مع البلدان الرئيسة في العالم.
ان روحاني هو احد اكثر الرؤساء ثقافة في ايران: وهو يتقن جيدا اللغات العربية، الانكليزية، الالمانية والفرنسية. وبعد حصوله من جامعة طهران على بكالوريوس في الحقوق، تابع روحاني تحصيله في جامعة كاليدونيا في غلاسكو (بريطانيا) حيث حصل على درجة ماجستير في الفلسفة ثم درجة الدكتوراه في الفلسسفة في حقل الحقوق. وهو كاتب عدد من المؤلفات العلمية."
ويستعرض المقال عهد الرئاسة الاول لروحاني الذي بدأ سنة 2013، والذي تميز بنقل ايران من سياسة المجابهة والنزاعات متعددة الاتجاهات في السياسة الخارجية الى سياسة التقارب مع روسيا ومع الاتحاد الاوروبي.
وخلافا لسلفه محمود احمدي نجاد، انتهج حسن روحاني سياسة خارجية حذرة جدا، توجت بالنتيجة بنجاح دبلوماسي كبير. وبفضل السياسة المرنة لروحاني استطاعت ايران التخلص نهائيا من غالبية العقوبات التي كانت مفروضة عليها من قبل هيئة الامم المتحدة.
وتم هذا النجاح لروحاني بفضل السياسة المرنة التي اتبعها خلال المباحثات التي دامت سنوات بين ايران وبين اللجنة السداسية (الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن + المانيا) حول البرنامج النووي الايراني. وقد رفعت القيود عن تصدير النفط الايراني الى الاسواق الخارجية، وعادت ايران لتنمية استخراج الذهب الاسود. مما ساعد على رفع مداخيل الميزانية الايرانية. كما رفعت عن ايران العقوبات المالية الدولية، مما اتاح لها العودة الى النظام البنكي الدولي، وهو ما كان مفيدا لرفع الناتج المحلي القائم.
وتوافد الى طهران العديد من القادة الغربيين، الذين بحثوا مع روحاني امكانية العمل لاستثمار مشترك لاكبر مكامن الغاز الطبيعي في العالم، بهدف التصدير اللاحق "للوقود الازرق" الى اوروبا.
وكان هذا نوعا من الرسالة الغربية الى روسيا: انظروا، كما يقال، كيف يمكن شراء ايران بمساعدة التوظيفات الكبرى في صناعة الوقود فيها.
ولكن آمال الاتحاد الاوروبي لجذب ايران الى جانبه وتحويلها الى مزاحم لـ"غازبروم" في السوق الاوروبية ليس من المحتم ان يتحقق. وحتى اذا تم اغراء روحاني لتحدي موسكو، بالشروع في مد انابيب الغاز الايرانية نحو اوروبا، فإن "الدوش البارد" الحقيقي لطهران  سيكون في انتصار دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني 2016. اذ فورا بعد تغيير السلطة في البيت الابيض، فإن السياسة التصالحية السابقة لباراك اوباما حيال ايران قد تم استبدالها بالسياسة المتشددة: وقد وصف ترامب علنا ايران بأنها "دولة ارهابية" و "ممولة للارهاب".
وهذا الخطاب العدائي قد دفن آمال جميع القوى ذات التفكير السليم في طهران وواشنطن للتوصل الى تصالح في وقت قريب بين الدولتين، اللتين قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ 1979. بالاضافة الى ذلك، تلقت طهران رسالة عدائية اخرى من واشنطن، مما يدفع طهران الى عدم متابعة اللعبة المزدوجة، التي كانت تحاول في السابق ان ترضي بها موسكو والغرب معا.
فالمحادثات خلف الكواليس مع اللجنة الاوروبية لتوريد الغاز الايراني الى اوروبا تم ايقافها، اذ انه في مواجهة خطر العدوان الاميركي فإن طهران حولت وجهها فجأة نحو روسيا، طامحة بأن تكوِّنا حلفا عسكريا. اما موسكو فوضعت امام ايران شرطا: "نحن مستعدون ان ندافع عنكم، ولكن في مقابل ذلك على ايران ان تتوقف عن محاولة ايجاد منافسة لـ"غازبروم" في سوق الغاز الاوروبي".
وبعد ان استلم دونالد ترامب مهامه في كانون الثاني 2017 فإنه شدد الضغط اكثر ضد ايران: اذ وسعت  الولايات المتحدة اكثر من السابق لائحة العقوبات ضد طهران، وخاصة فيما يتعلق ببرنامج ايران لصنع الصواريخ الباليستية. وردا على ذلك فإن طهران ايضا اتخذت قرارا بفرض العقوبات على عدد جديد من الشركات والاشخاص المرتبطين بواشنطن.
وصادفت اعادة انتخاب روحاني لولاية رئاسية ثانية مع بداية اول جولة خارجية يقوم بها ترامب: ففي 20 ايار كان ترامب يقوم بزيارة رسمية الى الرياض، حيث اجرى محادثات مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. وكانت نتيجة المحادثات ضربا من الخيال: لقد جرى التوقيع على سلة من الاتفاقيات لتزويد الرياض باسلحة اميركية بقيمة 110 مليارات دولار. بالاضافة الى ذلك فإن مجموع مبلغ الاتفاقيات التي عقدت خلال زيارة الرئيس الاميركي زاد عن 380 مليار دولار. وقد اعلن وزير خارجية المملكة السعودية عادل الجبير شخصيا "ان المبلغ الاجمالي للتوظيفات هو اكثر من 380 مليار دولار". ويعني ذلك ان هذه هي اكبر صفقة في التاريخ يجريها قطاع الصناعة الحربية لاميركا مع بلد واحد، كما اعلن الناطق الرسمي باسم البيت الابيض شون سبيسر في تغريدة له على تويتر.
ضد من تقوم الولايات المتحدة الاميركية بتسليح السعودية على هذا النطاق الواسع؟
طبعا ضد ايران التي هي بنظر واشنطن "ممولة للارهاب".

الرئيس روحاني يتابع خط التحالف مع روسيا
مصالح ايران وروسيا تتطابق تماما في سوريا


ولماذا يقوم ترامب بتشكيل تحالف معاد لإيران من الممالك العربية الست، الاعضاء في مجلس تعاون الدول العربية في الخليج. وهي: السعودية العربية، الكويت، البحرين، قطر، عمان والامارات العربية المتحدة. واذا حكمنا بموجب صفقات التسلح واسعة النطاق من قبل الولايات المتحدة الاميركية، فإن الرياض هي التي تلعب الدور الاول في هذا الحلف ضد ايران.
وردا على مثل هذه النشاطات لواشنطن وحلفائها العرباويين فإن ايران ايضا ستضطر الى زيادة نفقاتها العسكرية. وقد صرح وزير الدفاع الايراني الجنرال حسين دكهان ان طهران سوف تواصل زيادة برنامجها الصاروخي. واعلن "ان الاولوية الرئيسية لايران هي ضمان امنها القومي". وفي ظروف الضغط المتزايد على ايران من جانب الولايات المتحدة الاميركية والسعودية العربية فإن دائرة النجاة الاولى امام الرئيس الايراني حسن روحاني تتجسد فقط في الصداقة مع روسيا. وتدرك طهران انه فقط بتشكيل تحالف استراتيجيي بين موسكو وطهران، يمكن ان يسمح للاخيرة ان تغلق فوقها بإحكام مظلة الدفاع الروسية في حال تعرض ايران للهجوم من قبل الولايات المتحدة الاميركية. في السنة الماضية اقدمت ايران على خطوة لا سابق لها: وضعت تحت تصرف القوات الجوية الروسية مطار همدان، الذي انطلاقا منه امكن للطائرات الحربية الروسية ان تطير لتوجه ضرباتها الى داعش.
وقد توطد بشدة التعاون العسكري ـ التكنولوجي بين البلدين. وفي السنة الماضية قام الجانب الروسي بتزويد ايران بأول ارسالية من المنظومة الصاروخية ـ السمتية S-300، القادرة على تدمير الاهداف على بعد 200 كلم. ومصالح ايران وروسيا تتطابق تماما في سوريا. وروسيا وايران الى جانب تركيا تتشارك بنشاط في تسوية الاوضاع ما بين الاطراف السورية في اطار عملية استانا للتسوية السلمية. وقد جرت حتى الان في عاصمة كازاخستان اربع جولات من اللقاءات لاجل التسوية السورية: 23-24 كانون الثاني، 15-16 شباط، 14-15 اذار و3-4 ايار. والنتيجة الرئيسية لهذه المحادثات ظهرت في الاتفاق على تسوية الاوضاع وتشكيل مجموعات مشتركة لمراقبة نظام وقف العمليات القتالية في سوريا. وقد وقعت الدول الضامنة (روسيا، ايران وتركيا) مذكرة لتشكيل مناطق تخفيض التصعيد في سوريا، التي اعلنت فعليا كمناطق بدون طيران.
ولكن، اخذا بالاعتبار كل شيء، يبدو ان واشنطن لا تريد ان تتقبل الدور المهيمن لروسيا وايران في سوريا.  وفي مساء 18ايار فإن قوات التحالف، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الاميركية وجه ضربة الى القوات الحكومية في سوريا. وقبل ذلك بثلاثة ايام، اي في 15ايار، وحسب معلومات المخابرات السورية، فإن مجموعة عسكريين، من مواطني الولايات المتحدة الاميركية، بريطانيا والاردن، اجتازت الحدود السورية ـ الاردنية، تمهيدًا للهجوم على القطاع الحدودي دير الزور، الذي يعتبر الاستيلاء عليه تمهيدا للسيطرة على الحدود السورية ـ العراقية. وارادت الولايات المتحدة الاميركية ان يفهم من ذلك انها تريد ان تنشئ في سوريا منطقة نفوذ اميركية، وهكذا اصبح يوجد في سوريا خط هش للمواجهة بين روسييا، ايران وتركيا، من جهة، والولايات المتحدة الاميركية، من جهة ثانية.
وفي مثل هذه الاوضاع فإن اعادة انتخاب الرئيس حسن روحاني تمثل اختيارا حاسما: في السنوات الاربع القادمة فإن طهران ستكون حليفا موثوقا لروسيا في قضية اقامة سلم عادل في سوريا خاصة وفي الشرق الادنى بصورة عامة.
 

 

2017-05-24