ارشيف من :عيد المقاومة والتحرير
عيد المقاومة في عيون الموريتانيين.. إعجاب.. وانبهار...
محفوظ الجيلاني/ كاتب صحفي- موريتانيا
لا يزال يوم الخامس والعشرين من أيار/ مايو من العام 2000 محفورا في ذاكرة ابناء الشعب الموريتاني وكل أبناء الامة العربية بوصفه واحداً من الأيام التاريخية العظيمة التي أعادت العزة والأمل إلى النفوس العربية التي أضناها اليأس وعبث بها القلق الناتج عن الهزائم المتلاحقة التي منيت بها الجيوش العربية أمام جحافل جيش العدو الصهيوني المحتل الغاصب للأرض العربية.
فعاليات لتأييد المقاومة في موريتانيا
لقد سطّر الشعب اللبناني العظيم بقيادة مجاهدي حزب الله ملحمة تاريخية لا يزال الجميع يتابعها برهبة وبإعجاب تام ليس لقدرتهم على تحقيق النصر، وإنما لحجم التضحيات الجسيمة التي قدمتها المقاومة اللبنانية الشريفة سبيلا لتحقيق هذا الانتصار المعجزة..
ان ذلك النصر المدوّي الذي حققته المقاومة وذلك الاندحار الذي أصاب جيش العدو في الصميم وجعله يهرب من جحيم الجنوب اللبناني تاركاً عملاءه وراء ظهره في حالة لا يحسدون عليها .. هو نصر للأمة يستحق منّا اليوم ان نحتفي في ذكراه السابعة عشرة، وأن نتذكر معانيه العميقة ونستنشق عبيره الفواح... لأنه أعاد للأمة الثقة في نفسها وفي مقومات شبابها المجاهدين الأبطال..
لقد ابتلع العدو في ذلك اليوم المشهود أطماعه التي ما كان لها حد.. ولم يكن للنصر أن يتحقق على الأرض لولا الضريبة الغالية التي دفعها حزب الله من دماء أبنائه الزكية دفاعا عن شرف الأمة وكرامتها بين أمم الأرض..
لقد تمكن أبطال المقاومة من أن يضعوا حدا للكيان، وأن يوقفوا جموحه وغطرسته، وهو الذي ادعى في يوم أن جيشه لا يقهر، فها هي المقاومة اللبنانية الشريفة تهزم جيشه وتجعله يقر بعجزه وقلة حيلته في مواجهة تضحيات واستبسال رجال المقاومة الأشداء...
لقد فتح يوم الـ 25 من آيار/ مايو من العام 2000 املا جديدا للأمة وأعاد لها العزة والكرامة بعد سنوات من الضعف واليأس والاستسلام لأوهام السلام مع عدو شرس لا يرحم، ولا يعرف غير التوسع، والاحتلال والتنكر لكل قيم الحق والعدل..
كما استخلص الشعب الفلسطيني وكل الشعوب المضطهدة الدروس العديدة من انتصار المقاومة، وتعلّم الكثيرون من هذا الانتصار المعجزة أهمية الإرادة الحرة والثقة في النفس في تحقيق النصر على العدو الغاصب رغم اختلال الموازين العسكرية والأمنية واللوجستية..
وبفضل هذا الانجاز التاريخي ها هي الأرض العربية في لبنان تنتزع لنفسها المناعة والحصانة من أي عدوان صهيوني بفضل ما عرف بمنظومة الردع أو ما يمكن تسميته بـ "توازن الرعب" الذي خلقته المقاومة، وهو الشيء الذي كان مستحيلا في ظل تهديدات العدو المتكررة بالقصف والاجتياح للأرض اللبنانية والعربية متى أراد ذلك..
إن الشعب الموريتاني كغيره من شرفاء الأمة وأحرار العالم لم يكن غائبا عن ذلك الانتصار.. لقد سجل احتفاءه وفخره وفرحه بهذه الانتصارات، وهو يحيي هذا الحدث في كل ذكرى جديدة ليؤكد اعتزازه بأبطال المقاومة الأحياء منهم والشهداء الذين ضرّجوا هذا الطريق بدمائهم الزكية ..
فرغم حملات التضليل الإعلامي والسياسي التي خاضها ويخوضها باستماتة المنهزمين العرب ضد المقاومة وقيادتها بعد ان فشلوا في نزع سلاحها الذي هزم العدو وحلفاءه، ورغم شراسة الهجمة النفسية والدعائية المغرضة بحق هذا الحزب المقاوم وقيادته ورموزه إلا ان الحقيقة هي أن هذه الحملة الظالمة وكل المؤامرات التي تشهدها المنطقة منذ بدايات الحريق العربي 2011 ومنها الفوضى المدمرة التي تشهدها حاليا سوريا العروبة ومحاولات إغراقها بالتكفيريين الدواعش هدفها الأساس هو استنزاف محور المقاومة وضرب التحالف العميق بين كل من سوريا وحزب الله والجمهورية الإسلامية في إيران، لحساب العدو ولأجل الانتقام من ذلك الانتصار الذي غير قواعد اللعبة في المنطقة والذي ما كان له ان يتحقق لولا قوة وإيمان وصدقية هذا المحور..
لكن تلك المحاولات اليائسة ستبوء بالفشل الذريع تماما كما فشلت سابقاتها، وستبقى صورة المقاومة اللبنانية ناصعة البياض في وجدان الأمة وضمائر كل الأحرار والغيورين في العالم..
وسيبقى سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله هو سيد المقاومة، وهو الرمز الذي تستمد منه الجموع العربية معاني العزة والمقاومة والصمود والقدرة على دحر العدو.
وبفضل الوعي المتزايد لدى كثير من فعاليات الأمة فلن ننخدع بمضامين الحملات الإعلامية المضللة والغاشمة الهادفة الى صرف الانتباه عن القضية الأم قضية فلسطين، ولن نقبل ولن نرضى باختلاق عدو آخر غير العدو الصهيوني المحتل للأرض العربية مهما كانت العناوين والشعارات... وليست حملة التشويه الشرسة التي تستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلا جزءاً من المعركة التي تستهدف الأمة وتسعى إلى تفتيت قوتها وضرب مقوماتها ووحدتها، وهي بلا شك جزء من أجندات الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة، وهي الأجندات التي أحبطتها إيران وأفشلت كل مرتكزاتها وعناوينها، ومنها الحرب التي تخوضها في جبهات متعددة ضد التكفيريين في سوريا والعراق، والذين هم في حقيقة الامر ليسوا الا ادوات رخيصة في جعبة المارينز الامريكي المتربص بهذه الأمة ..
في هذه الذكرى الغالية لا يمكننا إلا ان نقول للشعب العربي اللبناني شكرا، ونقول بملء افواهنا لحزب الله شكرا، وشكرا لكل عناصر المحور الذي وقف مع خيار المقاومة ولم يتآمر عليها ولم يرض لنفسه ان يكون جزءا رخيصا من الأبواق التي سُخّرت للحرب على "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً" صدق الله العظيم...