ارشيف من :نقاط على الحروف

لا أخلاقيات زمن الأزمة

لا أخلاقيات زمن الأزمة


أحمد فؤاد (*)
تمر مصر بمرحلة أزمة اقتصادية-اجتماعية خانقة، شاهت خلال سنواتها الوجوه ووجلت القلوب، ولا تجد الأمّة المصرية متكأ فى نخبتها أو دولتها العميقة العاجزة، عتمة كاملة تسيطر على الحاضر، فضلًا عن بلد لا بديل أمامه سوى خلق مستقبل وإيجاد ضفاف واسعة للسفينة المثقوبة.

لا أخلاقيات زمن الأزمة

 

يؤطر التضخم لزمن لا أخلاقى بالكامل، يدفن القيم السامية التى تعدها أي جماعة بشرية مبدأ انطلاق أو حجر أساس تنمية، يدحض التضخم قيم العدالة والعمل والادخار، ويدفع باتجاه سيادة الفهلوة وانتزاع الحقوق من أربابها، ويقدم أسوأ المُثل للأجيال الجديدة، وهى لا تحتاج بالمناسبة لكثير جهد لتنجر لطريق الضياع الفسيح المفتوح أمامها.

يدفع التضخم بالمجتمع إلى الفساد، مصادرة الدخول الحقيقية وتزايد الضغوط المعيشية عنصر إفساد قادر على تفتيت النوازع القيمية لعموم الناس، يحتاج المواطن، فى حال تراجع دخله الحقيقى، إلى المزيد من النقود، ويحصل عليها بأى طريقة، وسط مناخ يتم تشويهه بالكامل، وتسميم قلوب البشر بفعل الاحتياجات المعيشية اليومية، وهو ما يفوق - بمراحل- خسارة معارك أو أراض، الخسارة هنا هى المستقبل.

يؤسس إضافة الفُجر الحكومى اللا منتهى، إلى مشاق الحياة وسط غلاء طاول النجوم، لفرض علاقة قهر على طبقات بعينها، ينسف فكرة وجود وطن، ويفضح زيف دهاقنة السلطان المنادين بالتضحيات المباركات للوطن المزعوم، يضرب فكرة الانتماء فى مقتل، عند أساسها تمامًا.

المجتمع المصرى يسير منذ السنوات الأخيرة لعصر مبارك البليد إلى العنف، حرق المولات إبان يناير، عوضًا عن تركها بعد نهب ما بها، مشهد ضمن مشاهد أخرى تترى عن صراع طبقي مكتوم ومحكوم حتى اللحظة، مكتوم بفعل خوف الناس من الأسوأ، ومحكوم ببقايا دولة لا يزال ظلها يخيف الضعفاء والمقهورين.

ومن أجل إكمال المشهد العبثى، فإن واقع الحال على الأرض يضع النخبة قبل النظام الحاكم فى ذات الخندق، الأمر فوق قدرة اللغة على رسم نهايات طبيعية، وسيؤدى لمهلكة عاجلة، نار ستأكل ما تبقى، أو يصلح لبناء جديد.

 

لا أخلاقيات زمن الأزمة

والمنطق يقضى هنا بفصل القول، إن معارضة بلا مشروع وبديل وطني مقبول، فضلًا عن حيازة مباركة الغالبية الشعبية - ولو ضئيلة-، هى خيار امتلاء الحسابات البنكية، خيار النفوس البائسة، المتلبسة بعشق الورق الأخضر، وعبادة سيد الورق الأخضر.

المصرى يقف منذ سنوات عند مفترق طرق، الكهول يدعون لثورة شباب، والشباب فقد البوصلة، ومعها الإيمان بعدالة قضيته، لكن الوقت ينفد، والأمّة الواقعة فى لعنة التيه تنتظر المشروع الإنسانى، أمتنا تحتاج لثورة أبطال لا شهداء، ينتزعون الحق ولا ينتظرونه منحة..

(*) كاتب عربي من مصر

2017-05-30