ارشيف من :آراء وتحليلات
مصر التي في جيوبهم
أحمد فؤاد (*)
إن الهدف الأول والأهم لأي حراك شعبي في مصر، هو تحقيق مجتمع العدالة والكفاية، كفاية الإنتاج وعدالة توزيعه، بدءاً بمظاهرات 18 و19 يناير 77، وبعدها سلسلة طويلة من الاحتجاجات والانتفاضات الفئوية طوال عهد مبارك.
الهدف المفترض كان يتوجب ترجمته عمليا لبرنامج وطني شامل للصناعة والزراعة.
برنامج تقوده حكومة تسعى لتحقيق استقلال القرار المصري، عن طريق اعتماد نموذج محلي للتنمية، وتوطين الصناعة، والنهوض بالزراعة، وامتلاك قاعدة معرفة تكنولوجية وطنية.
لكن الأسهل بالنسبة للنظم الحاكمة المرتبطة بالخارج هو اعتماد أسلوب المسكنات، والاستمرار في تخدير وعي المجتمع وتزييفه، وإفشال أي جهد فردي للإصلاح في أي قطاع.
النظام الحالي يدعي قيامه بعملية إصلاح شامل، إصلاح لا يدفع أثمانه الباهظة إلا الطبقة الوسطى أو الفقيرة، بينما يستمر أقطاب النظام في مراكمة الثروات.
تقرير فوربس عن ثروات مجتمع النصف بالمائة الجديد في مصر، كشف عن زيادة أعداد المليارديرات وتضاعف ثرواتهم ـ مقومة بالدولارـ في مقابل تراجع الدخول الحقيقية للغالبية الساحقة من المصريين، نقطة تستوجب الوقوف عندها طويلًا لنزع القناع عن تحالفات النظام الحاكم.
البنك المركزي المصري
مصر واقعة في قلب أزمة عنيفة ومستمرة، أزمة تبدأ من العجز ولا تنتهي حيث الغباء، عجز عن إيجاد وخلق موارد دائمة وحقيقية للاقتصاد الوطني، وغباء فى رؤية أن القطاعات الحقيقية، من زراعة وصناعة، هي السبيل الوحيد للوقوف على أقدام ثابتة في هذا العالم..
السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس، كلها موارد ترسخ للتبعية، وتكسر إمكانيات التطور المجتمعي، ولا يمكن الاعتماد عليها إلا للانتقال إلى ما بعدها، هذا لو توافرت إرادة تحقيق الاستقلال الاقتصادي بالأساس.
أزمة مصر في خلق طريق جديد للتحرر، وليس في المضي بحماسة في طريق أثبت فشله طوال 47 عاما.
مجتمع العدالة والكفاية لن يتحقق بالدين، ولن يتحقق أيضًا بالاستثمار الأجنبى، لن يرضى عنا البنك والصندوق الدوليان إلا بالسجود لهما، والتعليمات التى تصدرها الهيئات الدولية صارت أوامر لا تعصى، واعتبار الحصول على القروض الدولية نجاحًا، يعد قرينة على غباء يصل للخيانة العظمى..
(*) صحافي مصري