ارشيف من :آراء وتحليلات
قطر تشن هجوما معاكسا وتفتح ملف الامارات
يبدو ان الازمة بين قطر، من جهة، والسعودية وحلفائها من جهة ثانية، تتجه نحو مزيد من الشدة بالرغم من اعلان دول عديدة منها روسيا والولايات المتحدة ذاتها، والكويت وتركيا، عن استعدادها للتدخل من اجل الوساطة وحل النزاع بين الطرفين. وفيما ينتظر الكثير من المراقبين ان تؤتي جهود الوساطات ثمارها، اعلنت السعودية وغيرها من الدول قطع العلاقات التجارية ومنع الطيران وغير ذلك من تدابير المقاطعة بينها وبين قطر، بل ان بعض وسائل الاعلام تحدثت عن نية السعودية بتنظيم انقلاب في قطر، وربما شن حملة عسكرية ضدها.
وفي هذا الصدد نشرت جريدة روسييسكايا غازيتا الالكترونية الروسية مقالا قالت فيه ان قطر بدأت بشن هجوم اعلامي مضاد ضد الدول المناوئة لها. وبدأت طلائع هذا الهجوم بتسريب معلومات عن الدبلوماسية السرية لخصومها، وتناولت في البداية علاقات الامارات العربية المتحدة باسرائيل. وجاء في مقال الجريدة ان قناة الجزيرة الخاضعة لقطر بثت ريبورتاجا عن الدبلوماسية السرية لدولة الامارات العربية المتحدة، واقامة علاقات لا ترضى عنها دول الاقليم المجاورة للامارات. وفي الثالث من حزيران الجاري فإن هاكرز مجهولين اخترقوا البريد الالكتروني لسفير الامارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة الاميركية يوسف العتيبى واصبحت محتوياته معروفة. ويستفاد من البريد ان هذا الدبلوماسي رفيع المستوى قد التقى واجرى محادثات مع مراكز موالية لاسرائيل.
سفير الامارات في واشنطن يوسف العتيبي
ومن المعلومات المسربة اتضحت مشاركة الامارات العربية المتحدة في محاولة الانقلاب التي جرت في تركيا في صيف 2016. ويتضمن تسريب البريد الالكتروني للسفير العتيبى تفاصيل عن اللقاءات المقرر لها ان تجري في اواخر حزيران بين شخصيات مسؤولة في الحكومة الاماراتية وممثلين عن "صندوق الدفاع عن الحرية والديمقراطية" (Foundation for the Defense of Democracies)، المتخصص بـ "نشر الديمقراطية في بلدان الشرق الادنى" وهو صندوق موال لاسرائيل. والجدير بالذكر ان المسؤولين الاماراتيين يخططون لان يبحثوا مع ممثلي هذا الصندوق السياسة الداخلية للدول المجاورة بما فيها المملكة السعودية، وقدرة العائلة المالكة السعودية على المحافظة على الاستقرار داخل بلدها وفي الاقليم بشكل عام، وكذلك سيتناول البحث تقييم خط السياسة الخارجية للرياض من حيث نزع الشرعية عن "الجهاد" العالمي. ويفهم من ذلك، في الظاهر، تبديل نهج السعودية من مركز لتمويل ودعم الارهاب الدولي، الى عدو لدود ومحارب له. وكتبت الجزيرة انه اذا كانت دولة الامارات قد شغلت قبلا دور "الاخ الاصغر" للرياض، فإن دبي قررت الان وبغطرسة "ان تثمن دور المملكة السعودية في الاقليم، لتشير الى ان الامارات العربية المتحدة اصبحت حليفا رئيسيا للولايات المتحدة الاميركية و"يدها اليمنى" في الشرق الادنى، وتضع نفسها محل المملكة السعودية".
وتطرح الجزيرة ايضا رأي الخبير السياسي محمد الدوسري، الذي يعلق على تسريب هذه المعلومات حول اللعبة السياسية خلف الكواليس التي تقوم بها الامارات، وهو يرى ان هذا يمكن ان يؤدي الى تفكك مجلس التعاون الخليجي، الذي أنشئ سنة 1981، وهو يضم الامارات العربية المتحدة، قطر، البحرين، عمان، الكويت والعربية السعودية. ويقول الدوسري "ان المجلس يعاني مشكلات، اصبحت منشورة في وسائل الاعلام، والتي في نهاية المطاف سيعاني منها الناس العاديون في الاقليم".
كما اصبح معلوما ان السفير العتيبى، سبق وتحدث في كانون الثاني 2016 في ندوة مركز الابحاث الاستراتيجية والدولية في واشنطن، معلنا ان دولة الامارات خاضت حربا ضد المنظمات المتطرفة في الشرق الادنى، التي شملت ايضا "حماس" و"الاخوان المسلمين". واذا كانت المنظمة الاخيرة تعتبر في بلدها في مصر خارج القانون، وكذلك في عدد من البلدان الاخرى، بما في ذلك في الامارات، حيث تعتبر ارهابية (وهي تعتبر كذلك في روسيا منذ سنة 2003)، فإن حماس تعتبر في العالم العربي بوصفها حركة اسلامية لمقاومة الفلسطينيين العرب ضد اسرائيل. ولكنه يستفاد من المراسلات المسربة للدبلوماسي الاماراتي، ان دبي ابلغت واشنطن حول عزمها ان تعمل بكل الطرق لمنع نشاط قيادة حماس في قطر، حيث هي تستقر الان، بعد ان غادرت دمشق بسبب دعمها للقوى المعادية للنظام.
ويبدو ان نشر هذه المعلومات في ابرز وسائل الاعلام القطرية يهدف الى توريط الحلف الذي تشكل ضد الدوحة في الاقليم، الذي كان سببه انه قبل اسبوعين نشر موقع وكالة الانباء القطرية معلومات حول محادثات تلفونية بين امير قطر تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الايراني حسن روحاني، وكذلك التقييم الايجابي من قبل الامير لدور ايران في الاقليم. وبصرف النظر عن الاعلان اللاحق للدوحة، بأن موقع الوكالة القطرية جرى اختراقه، وانه لم يكن هناك اي محادثة مع الرئيس الايراني، فإن المملكة السعودية، مصر، اليمن والامارات العربية المتحدة، المعادية بشدة لايران، عمدت الى منع الوصول الى مواقع الاعلام القطرية، وسرعان ما اعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.