ارشيف من :نقاط على الحروف
الاعلام الخليجي في عصر الاختلافات..’الجزيرة’ والعربية’ تأكلان بعضهما بعضاً
انشغلت أبواق الفتنة ببعضها البعض. مشهد لم يعتد عليه الرائي. شتائم واتهامات متبادلة بين أكثر المحطات الخليجيّة عراقة بتزوير الحقائق. "فالعربية" التي طلّقت قطر فجأة، ها هي في خضم معركة اعلامية "على مستوى" مع وصيفتها قناة "الجزيرة".
لا يمكن أن يتناسى المرء دور الاعلام الخليجي ككل في كونه "مجرم حرب"، لاسيّما أن هاتين المحطتين ساهمتا في إشعال فتيل ما يسمى "الربيع العربي" ومهّدتا الطريق للجماعات التكفيرية في سوريا. البروباغندا، السيناريوهات المصطنعة أمور عملت عليها هذه الوسائل فزادت "الطين بلة" دون أن تساهم في حلحلة الأزمات. ولا يمكن تناسي موقف هذا الاعلام من المجازر في اليمن. الأطفال، الشيوخ، الجرحى، الموتى، الحصار والجوع كلها أمور استخف بها الاعلام الذي شن حربا من نوع آخر على الضحايا. كيف لا وهو ممول بملايين الدولارات ومدعوم من جهات متجردة من الضمير، ومن النخوة العربية.
كاريكاتير نشره موقع الجزيرة يهاجم فيه قرار قطع العلاقات مع قطر
الاعلام الخليجي توافق واختلاف
إلاّ أنّ الأهداف المشتركة لهذه الوسائل الاعلامية تبدّلت مع ظهور الأزمة بين الدول الثلاث المتمثلة بالسعودية والامارات والأردن من جهة، وقطر من جهة أخرى. حيث ركّز الاعلام التابع لكلّ من الجهتين على مناهضة الأخرى وانشغل بتوجيه الاتهامات وبثّ الفضائح. وهنا برز اختلاف واضح في الأسلوب الذي اعتمدته هذه الوسائل الاعلاميّة، وعلى وجه الخصوص "الجزيرة" و"العربية" في مواجهة الأخرى.
ويمكن للمشاهد من خلال متابعة سلسلة البرامج والنشرات الإخبارية ملاحظة هذا الاختلاف في الأسلوب الذي تستخدمه القناتان. ففيما استعملت "العربية" لغة التحريض والهجوم، اعتمدت "الجزيرة" أسلوب الدفاع وسعت لفتح طريق التفاهم. ويظهر ذلك من خلال مقارنة الأخبار التي بثتها القناتان أمس (الأحد 11- 6-2017). على سبيل المثال نشرة أخبار "العربية" في تمام الرابعة لم تخلُ من اتهام قطر بدعم الارهاب، لاسيّما "مركز قطر التطوعي" حيث استهلت النشرة بأخبار "مركز قطر للعمل التطوعي يتغطى بعباءة الانسانية لتمويل الارهاب." و "تمويل الارهاب بغطاء "خير". هذا بالاضافة إلى الاتهامات الموجّهة لمحمد السقرطي على أنّه "قدم دعمًا للمقاتلين المتطرفين المسافرين إلى سوريا،" "وهو متهم بدعم سعد الكعبي لتمويل القاعدة". الأمر لم يقف عند السقرطي بل تعدى ذلك للاشارة إلى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي على أنّه على لائحة الارهاب وقد "رأس 26 مصريا ضمتهم قائمة الارهاب المشتركة." تميّزت "العربية" بالحديّة في توجيه الادعاءات على قطر، وتخصيص هوائها بشكل مستمر لنشر الفضائح.
في المقابل اتسمت قناة "الجزيرة" في نشرتها الأولى (الأحد 11-6-2017) وفي توقيت قريب من الأولى بمبدأ الدفاع، وحاولت التركيز على أهمية الحوار وخطر المقاطعة على الطرفين. فكان الخبر الذي تصدر نشرتها، عن المساعي الروسة الأميركية لحلحة الأزمة الخليجية، ثم عادت لتؤكّد رغبتها بالحوار عبر تكرار مضمون تصريح وزير الخارجية القطرية الذي "طلب إلى كافة الدول الصديقة دعم جهود أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح في فتح المجال للتفاوض." من جهة أخرى ردّت القناة القطرية على الاتهامات الموجّهة لهيئة العمل الانساني القطري، وأشارت إلى عضوية الأخيرة في اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الارهاب. فحاولت بذلك تكذيب الاتهامات الموجهة لها.
ولا بدّ لنا الاشارة إلى البعد الانساني الذي استخدمته "الجزيرة" في تبيان المأساة التي يتعرض لها الشعب القطري بفعل الحصار، وتداعيات هذا الحصار وآثاره لاسيّما على السعودين والاماراتيين والاردنيين المقيمين في قطر، وذلك عبر استضافة حقوقيين في منظمة العفو الدولية واللجنة الوطنية لحقوق الانسان.