ارشيف من :نقاط على الحروف
الصواريخ الإيرانية تقول: ما قبل اعتداءات طهران غير ما بعدها
أسامة رحال
650 كلم هي المسافة التي قطعتها الصواريخ البالستية الإيرانية في طريقها إلى دير الزور، بعد أيام قليلة من نشر القوات الأمريكية صواريخ متوسطة المدى في قاعدة التنف العسكرية جنوب شرق سوريا. فانتقل حرس الثورة الإسلامية مباشرة نحو دائرة الفعل دون جلبة إعلامية لا طائل منها، مُظهرا قدرات إيران العسكرية.
ولهذا العمل العسكري أبعاد عدة، تتعدى الدائرة الضيقة للخسائر المادية والبشرية والعسكرية التي لحقت بتنظيم "داعش" الإرهابي.
فحرس الثورة الإسلامية في ايران في إعلانه للضربة الأولى من نوعها أكد أنها أتت في سياق الرد المباشر على العمليتين الإرهابيتين، اللتين طالتا طهران الأسبوع المنصرم، في رسالة واضحة مفادها أن ما قبل الإعتداء على مرقد الإمام الخميني(قده) ومبنى مجلس الشورى الإسلامي مختلف عن ما بعدها. فإنتقال الإرهاب إلى داخل طهران يعني الانتقال إلى مرحلة جديدة في مكافحته، وضرب منابعه في أية بقعة جغرافية حل.
صواريخ إيرانية تستهدف "داعش" في دير الزور
والصواريخ التي أطلقت من محافظتي كردستان وكرمانشاه، كما أعلن بيان الحرس، صدحت بقوة في تل أبيب، وقبلها في الرياض. فالرياض لا تبعد عن الحدود الإيرانية أكثر مما تبعد دير الزور، لا سيما مع التسريبات التي يتردد صداها في الصحف الإيرانية، عن أدلة لدى حرس الثورة الإسلامية في إيران عن وقوف أيادٍ سعودية خلف التفجيرات الإرهابية، ومع الأخذ بعين الاعتبار التصريحات الصادرة عن ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن وجوب ما اعتبره نقل المعركة الى الداخل الإيراني قبل بعضة أيام من غزوة طهران. فطهران التي تعرف تماما من أين تؤكل الكتف، أو من أين يقطع رأس الأفعى وذيلها!
أما صدى البالستي الإيراني في تل أبيب، فهو خارق لجدار الصوت الإسرائيلي، لأن تل أبيب ترى بعين مراقبة وجلة لكل ما يجري في الساحة السورية على أنه شأن من شؤون الأمن القومي الإسرائيلي.
وليس لنا هنا إغفال ثقل هكذا ضربة على ساحة الحرب الدائرة في سورية ككل، فهي ترسم خطوط تماس جديدة كاسرة للقاعدة القائلة بأنه لروسيا وأمريكا و"إسرائيل" فقط الحق في استعمال صواريخهم البعيدة المدى في الساحة السورية، فإيران تملك صواريخ من هذا النوع أيضا!
على أن هذا الرد الإيراني لم يأت من فراغ مطلقا، سيما وأن الساحة الإيرانية الداخلية والشعبية أظهرت تماسكا منقطع النظير، في وجه الإعتداءات الأخيرة، فمن يراقب الصحف الأصولية والإصلاحية والحكومية ومواقع التواصل الاجتماعي على حد السواء، سيلحظ تعاضدا وتكاتفا مبهرا، ينسي واقع الانقسام العمودي الذي ساد المجتمع الإيراني إبان الانتخابات الإيرانية الأخيرة. الأمر الذي يؤكده كلام مرشد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي أن ما وصفها بـ"المفرقعات لن تنال من إرادة الشعب الإيراني". أي أن هذه الضربة الصاعقة تنسجم مع الإجماع الإيراني على مكافحة إرهاب "داعش" ومن يقف خلفها.
إذا فإن الرد الإيراني أكد أن ما قبل إعتداءات طهران غير ما بعدها. ومن يعلم، فقد تكون هذه الاعتداءات الإرهابية، السبب المباشر لإخراج "داعش" من آخر معاقلها في دير الزور، كما كانت التفجيرات الإرهابية في الضاحية الجنوبية لبيروت أحد الأسباب الرئيسية لإخراج "داعش" وأخواتها من معاقلها السابقة على الحدود اللبنانية السورية.