ارشيف من :نقاط على الحروف
القدس ويومها.. وحتى لا ننسى وصية الإمام القائد
محفوظ الجيلاني- كاتب صحفي من موريتاينا
تكاد القضية الفلسطينية تدخل غياهب النسيان... ويكاد المواطن العربي من فرط ما أصاب واقعه اليومي من أهوال ومآس ان تغيب عن دائرة اهتماماته القضية الأم قضية فلسطين وأهلها وقدس أقداسها التي دنس و يدنس شرفها الكيان الصهيوني البغيض لعقود خلت من الزمن العربي الرديء..
لم تعد للأسف الشديد تعني فلسطين للنظام العربي الرسمي أي شيء وهي التي كانت محور تجمعهم ومركز اهتماماتهم ومصدر توحدهم..
لقد اختلت المعايير وأصيب الناس في أيامنا هذه بدوخة فكرية وذهنية اغرب ما تكون الى الجنون أو إلى عمى البصيرة حيث أصبح رجال المقاومة المرابطون على الزناد على تخوم الأمة هم رمز الإرهاب وعنوان التطرف بينما تحول الكيان الصهيوني البغيض إلى حمل وديع يلقى الترحيب في عواصم العرب ومن طرف قادتهم الذين انقلبت في رؤوسهم الموازين ... ولم يعد احدهم يخجل أمام نفسه وضميره حين يجاهر بالقول بان طهران وحزب الله وحماس اشد خطرا على الأمة من العدو الصهيوني ومن منظماته وجيشه ومستوطنيه ليخلقوا لأنفسهم مبرر التصالح والتنسيق مع العدو..
ماذا أصاب الوعي العربي اليوم؟
وهل الأمة فقدت بوصلتها وأصابها عمى البصر والبصيرة؟
وأي هزيمة غشتنا في ضحى من نهار أو شطر من ليل..؟
في ظل هذه الظلمات التي نتخبط فيها اليوم ووسط هذا الليل البهيم والواقع المر البائس الذي ساقتنا إليه سياسات النظام العربي الرسمي نظام العمالة والارتهان لأجندات الدول الامبريالية ومخططاتهم -المدروسة بدقة وعناية فائقة - ليس أمام امتنا اليوم من خيار سوى السير على نهج وصية الإمام القائد الخميني رحمه الله في إحياء يوم القدس العالمي المصادف لآخر جمعة من رمضان من كل عام ..حتى نستنهض الذاكرة الجمعية ونستجمع القوى مرة أخرى و نكون على قدر المسؤولية وعلى قدر التحدي الذي فرضه العدو وحلفاؤه في المنطقة وخارجها...
لقد كانت فلسطين والقدس الشريف في قلب ووجدان الإمام القائد الخميني "قدس سره" وكانت معاناة أهلها مع الاحتلال الصهيوني هاجسا أرق مضجعه الشريف وشغل الكثير من وقته طيلة حياته الشريفة الحافلة بالجهاد والعلم والعطاء فرحمك الله ايها القائد الحي وانت تعطي لفلسطين حيا وميتا..
و جاءت الثورة الإسلامية التي قادها الامام الخميني في إيران لتطهر هذا البلد الإسلامي من رجس الوجود الصهيوني والامبريالي... فكان تسليم سفارة العدو في طهران لفلسطين دليلا ساطعا على انحياز الإمام إلى الحق ووقوفه إلى جانب المظلومين المقهورين في فلسطين بعد ان خذلهم الشقيق قبل الصديق.. ولم يكتفِ الإمام رحمه الله بهذا بل جعل من إيران الإسلامية محجا للمجاهدين ومأوى للمناضلين الشرفاء والمقاومين من كل مكان..
وموازاة مع ذلك كله إعلانه مناسبة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام لتكون يوما عالميا للقدس تحييه الأمة بمظاهرات وأنشطة تذكر العالم بفظائع العدو بحق فلسطين وشعبها وتعيد إلى صدارة الأحداث هذه القضية التي يريد لها العدو وأعوانه في المنطقة ان تكون نسيا منسيا .
لكن ارادة الإمام القائد الخميني قدس سره ومن بعده قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئ أرادت لهذه القضية حية تنبض في وجدان كل غيور.
فلولا التفريط والقصور من جانبنا كعرب لما استطاع العدو ان يراكم هذا العربدة المستمرة... ولولا الثقة العمياء في وعود العدو الصهيو- أمريكي لما استقرت الهزائم أرضنا واستطون الحزن ديارنا، ولما توغل العدو في شؤوننا بهذا المستوى ولعادت فلسطين إلى أهلها الشرعيين وابتلع الطامعون أحلامهم على غرار ما حصل في تجارب الاستعمار السابقة في الحزائر وأمكنة عديدة من العالم..
صحيح أن داعش والقاعدة و المنظمات التكفيرية المدعومة بقوة المال والإعلام من جانب أنظمة الخليج تعمل تحت الغطاء الأمريكي والصهيوني وهي حققت للدولة الأمريكية وكيانها اللقيط ما لم تستطع البوارج والجيوش الجرارة تحقيقه على مر التاريخ... حيث ضربت مقومات الاستقرار في سوريا العروبة وشغلت جيوش سوريا والعراق ومصر في معارك جانبية ودمرت البشر والحجر على حد سواء .. وألحقت بالإسلام ورسالته السمحاء تشويها عجز أعدائه على مر التاريخ من تحقيقه والأخطر من ذلك كله انها حولت المنطقة إلى مسرح للتدخلات الأمريكية والغربية الشرسة حتى أصبح العدو شريكا مع حلفائه الثوار في خندق واحد ضد محور المقاومة...
لكن فشل هذا المشروع العبثي الداعشي التكفيري اصبح حقيقة وليس مجرد تمنٍّ.. وها هي الموصل تتطهر من دنس هذا العار الذي لطخ وجه الحضارة الإنسانية ..كما تكشف انتصارات الجيش العربي السوري عن اندحار هذا المشروع وداعمين ومموليه بفضل صمود الشعب السوري وقيادته القومية وجيشه وبفضل دعم حلفائها وفي مقدمتهم حزب الله الذي كان له شرف فضح وتعرية أبعاد المخطط وسحقه عند اللحظات الأولى..
اليوم وفي ظل الاستعدادات العالمية لهذا الحدث من واجب فعاليات الأمة وكل قواها الحية أحزاب ومنظمات وقوى اجتماعية عريقة ان تنتفض في هذا اليوم الأغر لتنفيذ وصية الإمام باحياء هذه المناسبة الدينية والقومية والإنسانية ولتذكر العالم بمعاناة شعب اعزل لازال يرزح تحت نير المستعمر الصهيوني...
كم كنت أيها القائد عظيما في رؤيتك وتفكيرك .. وكم كنت مدركا بعقلك الواعي وحسك الثاقب لما ستؤول اليه هذه القضية من ترد وسقوط بفعل خيانة وتفريط بعض بني جلدتنا ممن خدعتهم شعارات السلام مع الكيان او ممن آثروا الاستسلام والرضوخ.. فها أنت تترك لنا هذه التظاهرة لتكون جرس إنذار وموعدا متجددا مع الله والحق والعدل ومقارعة الظلم.. لنتذكر جميعا المظلومية التي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذو وعد بلفور المشؤوم ولنتوقف على حجم وجسامة ما قدمه هذا الشعب الاصيل من تضحيات جسيمة ومن سجن وبطش وتنكيل وسط صمت عربي غير مسبوق لاسيما منذ انطلاقة شرارة الرجيع العربي المشؤوم..
بل ولنغلب خيار المقاومة على ما سواه من رهانات المساومة والتفريط التي قادت إلى ما يعيشه القدس اليوم من تهويد وطمس للروح العربية والإسلامية الحضارية...