ارشيف من :آراء وتحليلات

’اسرائيل’ مجددا: لا للقضاء على داعش

’اسرائيل’ مجددا: لا للقضاء على داعش

للوهلة الاولى، يبدو تمسك "اسرائيل" على لسان رئيس اركان جيشها، غادي ايزنكوت، بالرهان على دور "داعش" (واخواتها)، لمواجهة محور المقاومة في سوريا والمنطقة، كما لو أنه مجرد تكرار للموقف الرسمي الاسرائيلي الذي سبق أن صدر على ألسنة العديد من القادة الاسرائيليين، بدءاً من نتنياهو مرورا بوزير الامن موشيه يعلون، وصولا الى رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء هرتسي هليفي. ولكن هذه المرة اختار ايزنكوت التعبير عن هذا الموقف أمام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، بالقول إن "ابعاد ايران من سوريا والدائرة الاولى في محيط اسرائيل هو الاهم بالنسبة لاسرائيل، من هزيمة داعش".

’اسرائيل’ مجددا: لا للقضاء على داعش
علاج جرحى من داعش داخل الكيان الصهيوني


مع ذلك، ينبغي التأكيد على ضرورة التذكير الدائم بحقيقة الموقف الاسرائيلي من داعش، الذي لا يخفيه المسؤولون في تل ابيب بل يؤكدون من خلاله ايضا صراحة وضمنا، على أهمية الدور الوظيفي الذي تؤديه داعش في مواجهة محور المقاومة.
لم يقتصر التعبير عن الموقف الاسرائيلي على الخبراء والمعلقين الاعلاميين في تل ابيب، بل شمل ايضا كافة المستويات العسكرية، والاستخبارية والسياسية على ضرورة الحفاظ على داعش كي تواصل دورها لمواجهة محور المقاومة.. وتم التعبير عن هذا التوجه بأشكال مختلفة. نتنياهو:"القضاء على داعش وترك ايران يعني الانتصار في المعركة وخسارة الحرب". هليفي: "إسرائيل لا تريد ان ينتهي الوضع في سوريا والقتال الدائر فيها، ضمن النتيجة الآتية: داعش مهزوم، والدول العظمى تغادر المنطقة، ونبقى نحن في مواجهة حزب الله وايران مع قدراتهما المحسنة". لافتا الى أن "هذا الوضع سيكون إشكالياً من ناحية اسرائيل، وعلينا ان نعمل للتأثير على مجريات الاحداث والحؤول دون ذلك". يعلون: "نفضل داعش على ايران في سوريا....".
وهكذا يتجلى بوضوح أن موقف ايزنكوت لا يكشف جديدا على مستوى المضمون، لكنه يكشف عن استمرار تمسك "اسرائيل" بموقفها من داعش، بالرغم من كل المستجدات التي يشهدها العراق وسوريا. ويؤكد بذلك، على وجود قدر من التباين بين تل ابيب وواشنطن إذ يتخوف المسؤولون الاسرائيليون من مرحلة ما بعد داعش... وهو ما سبق أن كشفته وأكدته تقارير غربية ونقلت عن ضباط اسرائيليين كبار قولهم إن الولايات المتحدة ستندم على هذا الخيار لاحقاً.

’اسرائيل’ مجددا: لا للقضاء على داعش


يلاحظ أن ايزنكوت كان دقيقا ومباشرا في تحديد أولويات "اسرائيل" عندما حدَّد أن "ابعاد ايران.... هو الاهم بالنسبة لاسرائيل". وينطوي هذا الموقف على طلب اسرائيلي مباشر بضرورة أن لا يتم القضاء على داعش إلا بعد ضمان أن لا ينعكس ذلك تعزيزاً لمحور المقاومة في سوريا والمنطقة. وبالتالي لو تُرك الخيار لـ "تل ابيب"، لحالت دون تنفيذ خطة القضاء على دولة داعش..
لا يخفى أن تحديد الاولويات من قبل المؤسسة السياسية والعسكرية ليس أمراً شكليا أو تعبيرا عن أمانيّ، بل هو معيار يتم في ضوئه تحديد المواقف والخيارات العملانية.. بمعنى تبني كل ما يلبي وينسجم مع هذا الترتيب في الاولويات ورفض كل ما يتعارض معه. ومن أبرز تجليات هذا المعيار رفض "اسرائيل" خيار القضاء على دولة داعش، انطلاقا من أن المصلحة الإسرائيلية ما زالت تتطلب استمرار هذا الكيان، باعتبار أنه يمثل الخيار البديل الامثل لمواجهة محور المقاومة.
تبقى ملاحظة أن اعلان موقف ايزنكوت أتى أمام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، وهو ما يضفي عليه طابعا استثنائيا اضافيا، باعتبار أن هذا الموقف هو جزء من تقرير رسمي قدمه رئيس اركان الجيش أمام هيئة رسمية مهمتها الاستماع ومناقشة القادة العسكريين والامنيين والسياسيين حول التهديدات المحدقة بـ"اسرائيل" والخيارات الواجب اعتمادها ازاءهم.
 

 

2017-07-07