ارشيف من :نقاط على الحروف
الآذاريون والسفير السوري في لبنان
المتفق عليه بين معظم اللبنانيين أن لبنان بلد العجائب والغرائب، ومن عجائبه استمراره كياناً موحداً، أرضاً على الأقل، وشعباً، على الظاهر، على الرغم مما مر به من حروب وأحداث وخلافات منذ عشرات الأعوام، وعلى الرغم من الأزمات الاقتصادية الحادة، التي أدى مثيلها في اليونان إلى إعلان إفلاس الدولة.
ومن غرائب وعجائب لبنان عدم رضا رئيس حكومته وعدد كبير من الوزراء والنواب على وجود السفير السوري في لبنان، علي عبد الكريم علي، لأنهم لا يعترفون بنظام الدولة التي يمثلها هذا السفير، وأكثر من ذلك، يعدون حاكم هذه الدولة مجرماً ظالماً مستبداً تجب محاكمته.
المثير للغرابة في الموضوع أيضاً، أن جماعة 14 آذار اللبنانية – ذات الوجه السعودي – الأميركي، والتي يُعد رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري، القطب الأبرز فيها، (جميلة كلمة قطب هنا أليس كذلك؟) هي التي كانت ترفع الصوت عالياً بمناسبة ومن دون مناسبة لكي يحصل تبادل سفراء بين لبنان وسوريا، إلى أن حصل هذا الأمر وصار لسوريا أول سفير في لبنان في العام 2009، وفرحت بهذا التعيين جماعة 14 آذار وعدّوه انتصاراً آخر، من الألف انتصار وانتصار، حققتها ثورة الأرز في لبنان لتاريخه (قبل أن تصبح لهذه الثورة فروع في بعض الدول العربية أسست لثورات الربيع العربي كما زعم قادة الثورة الأرزية، وقد يفكرون في تأسيس فروع أخرى في قارات العالم بعد نجاح ثورتهم المذهل في سوريا).
لكن رأي وموقف قادة 14 آذار ونظرتهم إلى السفير السوري في لبنان، تغيرت مع بداية "الثورة الكبرى" في سوريا، ووقوف هؤلاء القادة، وأغلبهم من زوار عنجر سابقاً، ومن المترددين والمتوددين إلى الضباط السوريين في لبنان ودمشق، إلى جانب "الثورة الكبرى" ضد النظام السوري وجيشه وشعبه، فعلت صيحات هؤلاء مطالبين بطرد السفير السوري من لبنان، وقطع العلاقات مع النظام السوري.
ومن الغرابة أيضاً أن يرفض جناح 14 آذار في الحكومة، التفاوض مع الدولة السورية التي لا يعترفون بشرعيتها، حول قضية وأزمة كبيرة تهدد لبنان بمخاطر اجتماعية واقتصادية ومصيرية هي قضية اللاجئين السوريين في لبنان، مع أن هذا الجناح لا مشكلة لديه ولم يعترض يوماً على اللقاءات التي تعقد برعاية الأمم المتحدة في الناقورة بين كبار ضباط الجيش اللبناني والجيش "الإسرائيلي"، والتي غايتها "الحفاظ على وقف الأعمال العدائية والاستقرار على طول الخط الازرق"، كما تقول الأمم المتحدة. لكن يبدو أن العدو الإسرائيلي أقرب لهؤلاء من النظام السوري، إلى حد رفض التفاوض أو اللقاء معه لحل أزمة جزء من شعب يرى قادة 14 آذار أنه شعب مظلوم يطالب بحريته وسيادته، وعلى الرغم من الإعلان الآذاري الدائم الوقوف إلى جانب هذا الشعب في "ثورته" العادلة ضد النظام.