ارشيف من :آراء وتحليلات

الربع ساعة الاخير

الربع ساعة الاخير

كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن نية الجيش اللبناني حسم الأمور عسكرياً واعادة ضبط الاوضاع الشاذة التي تشهدها منطقة عرسال وتطهير مخيماتها من بؤر الارهاب التي اتخذت من تلك المنطقة ملاذا آمناً متسترة بمخيمات النازحين السوريين ومنتهزة الوضع المتفلت في تلك المخيمات لتتخذ منها غطاء للقيام بتجهيز وتتفيذ اعمال ارهابية من خلال ممارسة التفخيخ والتفجير والقتل والخطف.

الربع ساعة الاخير
العصابات الارهابية تتخذ من مخيمات اللاجئين ملاذا لها


صحيح ان العملية العسكرية الاخيرة التي قام بتنفيذها الجيش اللبناني اسهمت في ضرب بعض مراكز الارهاب في تلك المخيمات كما انها ادت الى اعتقال العديد منهم الا انها لا تعتبر كافية لطمأنة اهالي منطقة عرسال من عدم اعادة تكوين تلك البؤر خصوصاً ان العديد من المعابر بين جبال لبنان وسوريه لم يزل مفتوحا باتجاه المخيمات ومتفلتة من اي رقابة نظراً للانفاق المفتوحة والطرق الوعرة وصعوبة جغرافيتها ما يفتح الباب امام اعادة تشكيل الخلايا الارهابية المتلطية باللاجئين السوريين الموجودين في تلك المناطق الوعرة بين لبنان وسوريا.
اذاً الوضع الامني في تلك المنطقة الجبلية الوعرة المتفلتة من الرقابة بحاجة الى الحسم العسكري الذي يؤدي الى اعادة ضبط الامور وسيطرة الجيش اللبناني على مجمل النقاط والمعابر من الجانب اللبناني بهدف ضمان امن المنطقة وامن لبنان من خطر اي اعمال ارهابية.
من المتعارف عليه ان اي جيش في العالم بحاجة الى غطاء وقرار سياسي للقيام بأي عملية عسكرية داخل البلاد او خارجها. ونظراً للانقسام السياسي الحاد في لبنان بين مؤيد لعمليات الجيش ضد بؤر الارهاب المتغلغلة بين اللاجئين السورين وبين معارض لها كان لا بد من حسم الامور سياسياً بهدف وضع جميع التيارات والاحزاب والقوى امام مسؤولياتهم. الا ان البعض ذهب في معارضته الى حد الغلو في اطلاق الاتهامات الباطلة بحق الجيش الوطني اللبناني متهماً اياه بالقيام بقتل المدنيين عمداً وممارسة العنصرية ضد اللاجئين السوريين ناكراً وجود مسلحين ارهابيين يأتمرون باوامر مباشرة من تنظيمي النصرة وداعش وذلك بهدف ضرب معنويات وعزيمة الجيش اللبناني خدمة لاجندات خارجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتلك الجهات من مطلقي الاتهامات ضد الجيش اللبناني وقيادته. بيد ان قيادة الجيش ووزير الدفاع اللبناني وضعا رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في تفاصيل ما وصلت اليه الاوضاع الامنية من خطورة للحد الذي لم يعد للبنان القدرة على تحمل تبعات التغطية السياسية لتلك المجموعات الارهابية في مخيمات اللاجئين نظراً لما لها من انعكاسات سلبية تنذر بعواقب وخيمة على الساحة الامنية والسياسية في لبنان ما اضطر رئيس الحكومة اللبنانية الى الاعلان عن تأييده لعمليات الجيش اللبناني دون اي قيد او شرط رافعاً بذلك الغطاء عن اي اعتراض او اي اتهامات تطلق ضد الجيش اللبناني في محاربته بؤر الارهاب التي تهدد الامن في لبنان. خصوصاً اذا ما اخذنا بعين الاعتبار القرار الاستراتيجي الذي تم التوافق عليه بين القوى الكبرى والقاضي بضرورة محاربة الارهاب وتجفيف منابعه اضافة الى حصول توافق امريكي روسي على مناطق خفض التوتر تمهيداً الى تسوية الاوضاع في سورية وذلك عقب  اجتماع الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب في هامبورغ في المانيا على هامش قمة العشرين وهذا ما بدا جلياً من خلال التصريحات من كلا الجانبين الامريكي والروسي.
ونظراً لتلك الاجواء المؤاتية فإن المعلومات تشير الى ان قراراً بشأن اعادة ضبط الاوضاع وتطهير مخيمات اللاجئين من بؤر الارهاب في لبنان قد اتخذ من اعلى مستوى وبالتنسيق مع كافة الاجهزة الامنية اللبنانية  والروسية وبدعم ومساندة المقاومة اللبنانية في حال لزم الامر لذلك.

الربع ساعة الاخير
الايام المتبقية لانطلاق عملية التطهير باتت معدودة لا تتعدى


اذاً المدة التي تفصلنا عن معركة التطهير واعادة ضبط الاوضاع في تلك المنطقة التي تمثل الخطر الاكبر على امن لبنان باتت قريبة وقريبة جداً فالاوضاع الداخلية والاقليمية باتت مهيأة للبدء بالعملية العسكرية الكبرى. بيد ان ظهور الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مناسبة تحرير الموصل في العراق من تنظيم داعش وقوله شخصياً انها المرة الاخيرة التي يتحدث بها عن منطقة عرسال كان كافياً لافهام الجميع ان الامور وصلت الى الحد الذي لا يمكن معه العودة عن قرار التطهير مهما كلف الامر. الا ان من يقرأ بين السطور يفهم ان الامين العام لحزب الله ترك الباب مفتوحاً قليلا امام انجاح مفاوضات الربع ساعة الاخير مع التنظيمات المسلحة فاما التسوية وافساح المجال امام انتقالهم الى منطقة ادلب او اعزاز في الشمال السوري واما الحسم العسكري الذي لا بد منه.
وفي المعلومات ايضاً ان قسماً كبيراً من التنظيمات المسلحة ابدى رغبة في ابرام تسوية تفضي للانتقال السلمي الى الشمال السوري  خصوصاً بعد الخلاف والفشل في التوصل الى توحيد غرف عمليات التنظيمات المسلحة فيما بينها الا ان البعض منهم رفض ذلك واصر على البقاء ومحاربة الجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية اضافة الى الجيش السوري في تلك المنطقة.
اذاً الايام المتبقية لانطلاق عملية التطهير باتت معدودة لا تتعدى عدد اصابع اليد والواحدة فإما التسوية حقناً للدماء واما انطلاق عملية التطهير من قبل الجيش اللبناني وبتنسيق مع الجيش العربي السوري ووعد بمساندة من قبل قوات الجو الروسية ودون توقف حتى تحقيق الهدف المنشود.

 (*) باحث اقليمي ومستشار سياسي

2017-07-14