ارشيف من :ترجمات ودراسات

هدوء ما قبل الحرب: معركة الخنادق الصامتة للجيش الإسرائيلي وحزب الله

هدوء ما قبل الحرب: معركة الخنادق الصامتة للجيش الإسرائيلي وحزب الله

موقع والاه – أمير بوخبوط

"داعش" يتهاوى وحزب الله يمكنه أن يوجّه الانتباه مجددا إلى إسرائيل - وإلى المعركة النفسية والإستخباراتية التي يديرها منذ سنوات أمام جيشها.. 11 عاما على حرب لبنان الثانية، جولة استطلاعية لطاقم والاه نيوز على طول الحدود الهادئة حيث لا يُسمع شيء سوى أصوات الحرب الثالثة، التي ربما ستأتي.

غيّر الجيش الإسرائيلي طرقه الدفاعية في المنطقة كي يحول دون فهم العدو أين يتواجد في أي وقت وفي أي مكان، ولخلق عنصر المفاجأة الحاسم خلال سيناريو ستستدعى فيه القوات إلى الحدود وتنفيذ هجوم.. "هناك الكثير من المسائل التي ينبغي أن تشغلك كقائد"، أوضح ضابط في الاحتياط كان مسؤولا فيما مضى عن تشكيل البنى التحتية الهندسية للمنطقة الشمالية.. "هل رئيس هيئة الأركان العامة، قائد المنطقة، قائد الفرقة 91 وقائد اللواء المناطقي يتحدثون ذات اللغة وهل لغتهم المشتركة هذه تصل إلى آخر المقاتلين على الأرض؟ هذا توتر دائم".

هدوء ما قبل الحرب: معركة الخنادق الصامتة للجيش الإسرائيلي وحزب الله

آليات لجيش الاحتلال الاسرائيلي عند الحدود مع لبنان

يمكن أن نرى من مرتفع المطلة تلة حمامص، بلدة الخيام وكفركلا، مروحية لليونيفل مرّت ببطء في السماء، كجزء من الدوريات الدائمة لرصد أيّ خرق للاتفاق 1701 الموقّع صيف 2006 مبشرا بوقف إطلاق النار.
في الجيش الإسرائيلي يدّعون أنّ تواجد قوات الأمم المتحدة مهم، لكن كان من الممكن فعل المزيد لمنع تعاظم حزب الله في الجنوب اللبناني، خصوصا في المنطقة الحدودية، حيث تدور في الأشهر الأخيرة "حرب أعلام" بين مواطني إسرائيل ونشطاء حزب الله.

للغرب من هناك نرتفع ونمرّ بموقع للجيش الإسرائيلي، يتمركز فيه جندي المدفعية.. بطاريات المدفعية متأهبة على الدوام، ومن المفترض أن تمطر، حسب الأوامر، بعشرات القذائف السريعة أهدافا متنوعة في جنوب لبنان.

من الشرق إلى الغرب يمكن أن ترى قرى سجد، النبطية، جبشيت، الطيبة والعديسة، أسماء تعني الكثير للمقاتلين والقادة الذين قاتلوا على مرّ السنوات في لبنان. في المقابل، أعلام حزب الله على امتداد الحدود لا تترك مجالا للتخيّل وتشدّد على رسالة واحدة جلية لسياح المنطقة: إنها ليست توسكانا.

في طريقنا باتجاه المنارة ويفتاح، تبرز هوائيات الهواتف الخلوية في الجانب اللبناني، والمزارعون الإسرائيليون يقدّرون أنّ حزب الله لا يهمه حتما خطوط اتصال القرى بل تطوير البنى التحتية لجمع المعلومات الاستخبارية في المنطقة.. هذا التقدير يتطابق جيدا مع أحداث حرب لبنان الثانية، التي كشف فيها الجيش الإسرائيلي عن غرف عمليات في جنوب لبنان وفيها معلومات استخبارية هامة حول ما يجري في الجيش الإسرائيلي.

هدوء ما قبل الحرب: معركة الخنادق الصامتة للجيش الإسرائيلي وحزب الله

الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة

عند الخط الحدودي، بين الأراضي الزراعية لراموت نفتالي والمالكية، علّق نشطاء حزب الله لافتة ضخمة عند المنحدر الخلفي لموقع ترمس، يظهر فيها ثلاثية قادة حزب الله - نصر الله، عماد مغنية وعباس الموسوي - إلى جانب خارطة إسرائيل وأسهم تشير إلى نقاط التسلّل المحتملة.. العنوان: "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت"، الشعار الدائم الذي طغى على الحرب النفسية لزعيم المنظمة الشيعية.. يسعى حزب الله للمحافظة على مبدأ المثلية من حيث عديد القوات وإنشاء أبراج قبالة مواقع الجيش الإسرائيلي، التي تخضع الآن للتجديد وتحسين بناها التحتية.. هكذا على سبيل المثال يمكن أن نلاحظ برجا لبنانيا جديدا فوق الطريق 8993.

في المنعطفات الحادة من الطريق المؤدي إلى كيبوتس حانيتا، تبرز جدران الحماية التي قامت وزارة الدفاع بوضعها، في القسم الخلفي من الكيبوتس، التي تعدّ من مستوطنات "سور وبرج" التي تأسست في العام 1938، دارت في السنة الأخيرة "معركة هندسية" هدفت لمنع الولوج المباشر من لبنان بغطاء النباتات المتشابكة.. جبال نحتت، أشجار قطعت وطرقات عبّدت من أجل المسعى العملاني لإحباط نية حزب الله بالتسلل إلى المستوطنات، ومنع فكرة الخطف التي تراود كلّ ناشط في المنظمة.

خلال المعارك إلى جانب عناصر الأسد، تكبّد التنظيم خسائر بين عناصره، رغم ذلك، ضعف داعش مكّنه من توجيه الانتباه مجددا إلى الحدود الإسرائيلية، حيث أدار الحرب النفسية التي تعدّ جزء لا يتجزأ من عقيدته القتالية.
ردّا على ذلك، ستضطر إسرائيل إلى إدارة معركة هادئة لمواصلة حفاظها على استقرار حدودها في ظلّ التغيّرات المتسارعة في الشرق الأوسط عموما والمنطقة اللبنانية السورية خصوصا.

2017-07-15