ارشيف من :آراء وتحليلات
لماذا يجب ان يقود الجيش اللبناني المعركة ضد داعش في الجرود الشرقية؟
مع اقتراب معركة تحرير جرود عرسال والقلمون الغربي من عناصر جبهة النصرة من الانتهاء، والتي حُسمت مبدئيا والعمل يجري الان على تظهير استسلام ما تبقى من تلك العناصر بإمرة ابو مالك التلي حيث تتولى المفاوضات جهة امنية رسمية لبنانية، ومع وضوح المعطيات التي حددها بالامس سماحة الأمين العام لحزب الله في خطابه بموضوع المعركة المذكورة، والتي اشار فيها الى مراحل سير المعركة قرارا وتحضيرا وتنفيذا واستثمارا للنجاح، تتجه الانظار الى التوأم الارهابي الآخر لجبهة النصرة في تلك الجرود اي تنظيم داعش، والذي ما زال يسيطر على مساحة تتجاوز الـ 300 كلم مربع مقسومة تقريبا بالتوازي بين جرود القلمون الغربي السورية والجرود اللبنانية في عرسال ورأس بعلبك والقاع.
المعركة مع جبهة النصرة الارهابية حُسمت مبدئيا
بالمبدأ، القرار بمهاجمة داعش في المناطق المذكورة اصبح واضحاً وثابتاً، وما يمكن ان يستنتج من الميدان المرتقب لبقعة العمليات الخاصة بتلك المهاجمة أصبح ايضاً واضحاً ومحدداً، وهو عبارة عن ميدان محيط بالكامل بعناصر داعش المستهدفين، من الجهة السورية انطلاقا من الجرود الغربية للجراجير ولقارة وللبريج، ومن الجهة اللبنانية انطلاقا من جرود عرسال الشمالية الشرقية وجرود رأس بعلبك الشرقية وجرود القاع الجنوبية الشرقية، وتبقى الجهة اللبنانية في جرود عرسال ما بين معبر الزمراني وسهل عجرم، والتي تشكل الجبهة الاقرب بمواجهة داعش، هي الان على الطريق لان تتحرر وتصبح تحت عهدة المقاومة او الجيش اللبناني، وذلك تبعا لمناورة الهجوم المرتقبة على داعش.
التنسيق الفعلي والضمني بين الجيش اللبناني وحزب الله سيبقى مستمرا في المعركة المرتقبة ضد داعش
في دراسة للمعطيات وللظروف وللاسباب التي تشكل عناصر المناورة الهجومية المذكورة، من خلال تحديد القوى المولجة بالتنفيذ ومحاور ومراحل المهاجمة، ومن خلال تقسيم البقعة الهدف الى قسمين طبيعيين، من الناحية الجغرافية او من ناحية السيادة اللبنانية او السورية، اذ ما يعني كلاًّ من الدولتين في هذه المعركة هو واضح ومفروز ومحدد، يمكن استنتاج ما يلي لناحية البقعة اللبنانية:
ميدانيا
نظرا لطبيعة الارض ولاتجاه تضاريس المرتفعات والاودية، والتي تمتد غربا من رؤوس القمم نزولا باتجاه الشرق، حيث يسهل مهاجمتها من الغرب، على العكس من ذلك في مهاجمتها من الجنوب باتجاه الشمال لاعتراض محاور التقدم مع طبيعة الارض والتضاريس، فإن قواعد انطلاق المهاجمة تفترض ان تكون في جرود رأس بعلبك والقاع وفي القسم الشمالي من امتداد الزمراني - سهل عجرم، اي في بقعة انتشار وحدات الجيش اللبناني الحالية، والتي هي اساسا على تماس مباشر وواسع مع مراكز داعش في تلك المنطقة.
للجيش اللبناني ضد داعش ثأرا كبيرا يتمثل باختطاف التنظيم الارهابي عددا من الجنود
عسكريا
اذا اعتبرنا ان التنسيق الفعلي والضمني بين الجيش اللبناني وحزب الله سيبقى مستمرا في المعركة المرتقبة ضد داعش - وهذا ثابت ومؤكد - بالرغم من تصويب البعض على نفي ذلك لاسباب غير واقعية ومعروفة، فإن تبادل الادوار بين الاثنين يُفترض ان يتم، حيث يكون الجيش اللبناني مهاجماً وحزب الله داعماً ومسانداً ومُنفذاً للسد الاخطر في العملية وهو منع تسرب الارهابيين باتجاه البلدات اللبنانية ما بين عرسال ومخيماتها وراس بعلبك واللبوة، الامر الذي حدث بطريقة معاكسة بالكامل في المعركة الاخيرة في مهاجمة عناصر النصرة، حيث كان حزب الله مهاجماً والجيش اللبناني داعماً ومسانداً وعازلاً الجرود عن المخيمات وعن البلدات المذكورة.
يُعتبر الجيش اللبناني من اكثر الجيوش نشاطا وفعالية في المعركة ضد داعش بشكل عام
معنويا
لا شك ان الجيش اللبناني كان يمتلك القدرة الكاملة لمهاجمة عناصر النصرة في الجرود المذكورة، وما ابعده عن ذلك حساسيات وتقييدات داخلية مذهبية وسياسية معروفة، حيث التداخل الواضح بين تلك العناصر واهاليهم في مخيمات النازحين السوريين، وما لذلك من تأثير وتواصل ايضا مع بلدة عرسال وبيئتها التي لا يمكن لاحد ان ينكر انها كانت قريبة في فترة معينة والى حد ما من تلك الجماعات، الامر غير الموجود في العلاقة مع داعش، على الاقل المعلن والمصرح به حيث لا يمكن استبعاد العكس ايضا، بالاضافة للكثير من المعطيات الخاصة بالمعركة ضد داعش من الناحية الدولية والاقليمية، حيث يُعتبر الجيش اللبناني، وفي نظر الكثير من قادة ومسؤولي الدول الغربية، من اكثر الجيوش في الشرق نشاطا وفعالية في المعركة ضد داعش بشكل عام.
واخيرا، قد تكون الاسباب المذكورة اعلاه كافية وحدها لان يتسلم الجيش اللبناني قيادة المعركة ضد عناصر داعش في الجرود، قرارا وتخطيطا وتنفيذا، فكم بالحري لو قلنا ان للجيش اللبناني ضد داعش ثأرا كبيرا يتمثل باختطاف التنظيم الارهابي عددا من الجنود ما زال مصيرهم مجهولا حتى الان، وحيث لا يمكن ولا يُفتَرض ان يقبل الجيش اللبناني الا بقيادة هذه المعركة حتى النهاية تدميرا او تصفية او توقيفا لجميع تلك العناصر الارهابية. تبقى فقط حالة واحدة تمنع ذلك وهي تسليمه الجنود الاسرى احياء، وكل حالة غير ذلك تستدعي المعركة حتى النهاية وتصفية الارهابيين او توقيفهم دون اية مفاوضات او تسويات او ما شابه.