ارشيف من :ترجمات ودراسات
هل تقدر واشنطن على إنقاذ دول الخليج من الموت؟
الكاتب : MOON OF ALABAMA
عن موقع ARRET SUR INFO الالكتروني
18 تموز / أغسطس 2017
وزير الخارجية الأميركية تيلرسون مستاء لأن المملكة السعودية والإمارات المتحدة لم تستجيبا لجهوده الهادفة إلى تهدئة خلافهما مع قطر. رده الثأري المترافق مع إجراءات أكثر جدية أخذ شكل "تسريب" في الواشنطن بوست: لقد قامت الإمارات بتنظيم عملية قرصنة لمواقع الحكومة القطرية، وهذا يؤدي إلى قلاقل إقليمية، على ما يقوله مسؤولون في أجهزة الاستخبارات الأميركية:
"لقد عمدت الإمارت المتحدة إلى قرصنة مواقع وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي التابعة للحكومة القطرية، وذلك بهدف تحميلها تصريحات نارية نسبت، في أواخر شهر أيار / مايو، إلى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقد أدى ذلك إلى قلاقل في العلاقة بين قطر وجيرانها"، على ما يقوله مسؤولون في أجهزة الاستخبارات الأميركية.
وخلال الأسبوع الماضي، علم عدد من المسؤولين أن أنباء جديدة تلقتها أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وأكدت أن أعضاء بارزين في حكومة الإمارات قد ناقشوا الخطة وطريقة تنفيذها وذلك في 23 أيار / مايو. وقد صرح هؤلاء المسؤولون بأنهم لا يعرفون ما إذا كانت الإمارات هي التي قامت بنفسها بعملية القرصنة، أم أنها كلفت جهة أخرى بتنفيذها.
ضلوع الإمارات العربية المتحدة، مع السعوديين أو دونهم، في عملية القرصنة كان أمراً واضحاً بما يكفي منذ البداية. فقد كانوا الوحيدين الذين يمتلكون دافعاً لذلك. كما أن قطر كانت قد قدمت أدلة لا تدحض حول مصدر عملية القرصنة. لكن الجهات المعادية للروس في الكونغرس الأميركي تجاهلت هذه الأدلة، وكعادتها، وجهت إصبع الاتهام إلى روسيا وبوتين.
وما هو أكثر أهمية من ذلك في رسالة تيلرسون ليس تهمة القرصنة. فعمليات القرصنة بحد ذاتها لا علاقة لها بالصراع ولا بجهود تيلرسون لنزع فتيله. فعملية "التسريب" تنذر الإمارات العربية المتحدة والقادة السعوديين أن الولايات المتحدة تمتلك المصادر والوسائل الضرورية لمعرفة كل ما يجري داخل حكومتيهما، بما في ذلك النقاشات الأكثر سرية. أما التهديد الحقيقي المتربص بهما فهو أن المصدر نفسه قد كشف عن حقارات أخرى.
من المشكوك فيه أن يغير هذا التهديد شيئاً في طريقة عمل هؤلاء القادة. فهم يعتقدون بأنهم لا يمكن أن تحيق بهم الهزيمة. إيان ويلش يصف حالتهم الذهنية في نبوءته حول موت المملكة السعودية ودول خليجية أخرى.
إنها عملية متعارفة بما يكفي: جميع السلالات الحاكمة تنتهي بطريقة سيئة، لأن الملوك المستقبليين الذين يترعرعون وسط مظاهر الثراء والسلطة يظنون أن ذلك هو الوضع الطبيعي. يعتقدون بأنهم لامعون ويستحقون كل ما هم عليه، علماً بانهم تسلموا ذلك على طبق من فضة. وهم خبراء معتادون على مؤامرات القصور، ويعتقدون بأن ذلك هو ما يجري أيضاً خارج القصور.
لكن كل ذلك غير صحيح.
يتوصل ويلش إلى الاستنتاج نفسه الذي توصلت إليه عندما اندلع الصراع داخل مجلس التعاون الخليجي:
أياً يكن الشكل الذي سينتهي به الصراع مع قطر، فإن مجلس التعاون الخليجي قد بين، مرة أخرى، أنه ليس أكثر من مظهر فارغ. لا شيء يمكنه أن يعيد تشكيله بشكل مختلف. أما "زعامة" السعودية فلا تقوم إلا على التخويف الفظ، وسوف تصطدم بمقاومة. ومن جهتها، فإن مخططات الولايات المتحدة من أجل مجلس تعاون خليجي موحد بقيادة السعودية، ومن أجل فرض الهيمنة الأميركية، قد تمزقت إرباً إرباً.
السعوديون وقيادتهم الجديدة يبالغون في تقدير قدراتهم. وقد فعل ترامب الشيء نفسه عندما أعطاهم أهمية أكبر. "القرود السعوديون الذي يحطمون الماكبوك *" (جهاز كمبيوتر متطور) لأنهم لا يستطيعون الولوج إلى داخله ولا يمتلكون القدرات الضرورية لأن يصبحوا فاعلين سياسيين جديين في هذا العالم. ولا يمكن لأموالهم أن تغطي إلى الأبد على هذا الأمر البديهي.
إن ما قام به تيلرسون وبعض "رسميي الاستخبارات" يمكن أن يفسر كدلالة على الشعور بالهلع. فـ "التسريب" كشف عن "مصادر" و"وسائل". فكبار الموظفين الإماراتيين كانوا يشتبهون بأن الولايات المتحدة تتنصت على مداولاتهم الداخلية. والآن باتوا مقتنعين بذلك. أما التاريخ الدقيق المذكور في "التسريب" فسيساعدهم على اتخاذ إجراءات مضادة. فالواقع أن تسريب "مصادر ووسائل" لا يتم بكل هذا الاستخفاف. ومن جهتها، فإن اضطرار الإدارة الأميركية إلى اللجوء إلى مثل هذا الإجراء يظهر أنها لا تسيطر على الوضع.
خلال انهيار الامبراطورية العثمانية، قامت بريطانيا بخلق المملكة السعودية الحالية. ثم وقعت حربان عالميتان زالت معهما قوة بريطانيا. ثم احتلت الولايات المتحدة موقع بريطانيا في قيادة الإمبراطورية العالمية الجديدة المتضمنة لدول الخليج. فالولايات المتحدة تحتاج إلى الطاقة الأحفورية وللاتفاق النقدي الملازم والقاضي بأن تتم جميع المبادلات مع المملكة السعودية بالدولارات الأميركية. ولا مصلحة للولايات المتحدة في وقوع مشاكل بينها وبين المملكة السعودية، لكن المشاكل بدأت تتراءى في الأفق. ويأتي "التسريب" ليظهر انعدام التجربة عند الإدارة الأميركية. إذ لا يكفي نزع فتيل الصراع والتخفيف من آثار التداعيات.
ما هي الاستراتيجيات التي ستعتمدها واشنطن الآن من أجل إزالة حالة عدم الاستقرار التي بدأت تطل برأسها في السعودية وبلدان خليجية أخرى ؟
هوامش
• "إن Kano/me هو موقع انترنت هدفه تمكين كل إنسان من أن يصنع حاسوبه الخاص... ولترويج هذا المفهوم، صمم الموقع المذكور شريط فيديو يعرض قرداً يبدو عليه في البداية أنه ينظر بعين الإعجاب إلى جهاز ماكبوك. ثم يبدأ باللعب بهذا الحاسوب قبل أن يحاول تفكيكه، ثم يلقيه باستياء على الأرض فيحطمه تحطيماً. وفي نهاية شريط الفيديو يظهر شعار Kano : "ادخلوا إلى الحاسوب ثم اعملوا فيه ليكون أنتم !".