ارشيف من :نقاط على الحروف
في البقاع مساجد تدعو وكنائس تصلي: جيش وشعب ومقاومة...وحتماً انتصار
انقشع غبار المعركة وطلع النصر براقاً من جباه المضحين. بين انتصار تموز 2006 وانتصار تموز 2017 بعدٌ ثلاثي من الإيمان والجهاد والشهادة. انتصار تموز أشرقت شمسه هذه المرة من أعالي السلسلة الشرقية، حيث يصل علو بعض المرتفعات إلى 2500م. ارتفاع فاقته بكثير نِسب العزة والكرامة والشهامة التي تسري في عروق المجاهدين الحاملين زهور أعمارهم ينثرونها دماً وملاحم ذوداً عن الوطن.
موكب العائدين من نصرهم الى أهلهم
وعلى امتداد محبي الوطن بصدق كان للمعركة في جرود عرسال تأييد شعبي واسع، كان شبيهاً بما حظي به انتصار تموز 2006. وما فرقته السياسة والطوائف جمعته المقاومة بتضحياتها. تقدُّم رجال الله في ميدان المعركة وتحرير الجرود من مسلحي جبهة النصرة أعاد إلى الذاكرة مشاهد اقتحام المجاهدين للمواقع الصهيونية في ما قبل التحرير. أما الحفاوة التي لقيها المجاهدون من الناس خلال مرورهم من قرى عدة، فحاكت استقبال الأهالي للقادمين من الجنوب عام 2000 بالغنائم.
تجمع تأييداً للمقاومة أمام كنيسة القاع
الشعب يدعم...الشعب يقاوم
بعد أن ألفت قرى البقاع أصوات المدافع والطيران والقذائف منذ احتلال الجرود، هللت هذه المرة لهذه الأصوات مع انطلاق معركة الجرود. واستبشرت منها علائم النصر. قرب المعركة الجغرافي من أهالي البقاع جعل من المنطقة ساحةَ ترقبٍ للإنجازات اليومية عن كثب، نتج عن ذلك الترقب دعم وترحيب كبيران فكان خلف المقاومين بيوت تدعو لهم وللجيش اللبناني بالظفر على التكفيريين. وبتنوع الانتماءات والأطياف في قرى البقاع المختلفة تنوعت أساليب التعبير عن التضامن والتأييد للجيش والمقاومة في القضاء على الإرهاب المغتصب لأرضنا اللبنانية.
وقفة تضامنية مع الجيش والمقاومة في بلدة رأس بعلبك
وفد من بلدة القاع على رأسه الأب اليان نصر الله وآخر من بلدة الفاكهة اختاروا التبرع بالدم للمجاهدين الجرحى ليختلط الدم بالدم وفاءً. فيما لاحت مع كل تقدُّم أعلام الوطن والجيش والمقاومة في مسيرات خرجت في أوقات وأماكن متفاوتة من أقصى البقاع إلى أقصاه، علت فيها أناشيد حماسية وهتافات، أوصلوها إلى السماء لعلّها تصل إلى ما خلف الجرود فيسمعها رجال الوعد الصادق. وعلقوا لافتات على الطرقات ليرى المقاومون كيفما اتجهوا أن الشعب يعتز بهم ويبارك إنجازاتهم.
المشاركة في تشييع الشهداء أيضاً، وزيارة ضرائحهم، وتقديم العزاء لعائلاتهم كانت من أساليب الإعلان عن التقدير والإجلال لتلك الدماء الزكية التي سالت لتعز الأمة، كل الأمة.
وإذ أقام أهالي بلدة يونين خيمة لتقديم الضيافة للمجاهدين على مدار الساعة، مفتخرين بعبورهم من البلدة، صلّت نساء في كنيسة "سيدة رأس بعلبك" بدموع وشموع من أجل الخلاص من التكفيريين فيما أهالي البلدة على موعد هذا الأحد للصلاة لراحة نفس شهداء معركة الجرود ولشفاء الجرحى.
وبكثير من الحب غلف البقاعيون الحلوى والمكسرات التي أرسلت إلى المجاهدين. وطهت الأمهات - لا سيما أمهات الشهداء- الطعام على جمر قلوبهن فكانت أكثر مقاديره كميات هائلة من الشكر والدعاء.
لافتات تحية للمقاومة وشهدائها
تحرير الجرود خلاصة المعادلة الذهبية
ليست المسيرات ولا اللافتات ولا الطعام ولا الدعاء سوى تعويض عن أمنية حالت دونها موانع قسرية. تذوق حلاوة الجهاد ضد التكفيريين أمنية بانت في عيون الكثيرين صغاراً وكباراً في البقاع، بل واعترف كثيرون بمحاولتهم "تزبيط وضعهم" للالتحاق بالجبهة. ليس هذا سوى دليل مبهر على إيمان الشعب بهذه المقاومة وثقته بالمعركة التي تخوضها. حتى صار كثيرون مستعدين للمشاركة معها في طرد المسلحين مهما كلف ذلك من تضحيات، مكررين مع المجاهدين ما ورد في رسالتهم إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "تكفي إشارة من إصبعك لنخوض اللجج ونبذل المهج".
رفعت نصرالله، أحد فعاليات بلدة رأس بعلبك نقل عن بلدته موقفها الموحد في وجوب القضاء على الإرهاب والالتفاف حول الجيش والمقاومة، معتبراً أن هذا "الانتصار الذي كتب بدماء أغلى أبنائنا، وهو ثمن غال، كان منتظراً منذ اللحظة الأولى لبدء المعركة". مشيراً إلى الحالة الإيجابية التي أرساها خطاب السيد حسن نصر الله الأخير في البلدة واصفاً إياها بـ"مدللة الحزب". وقال نصر الله إنه "في حال لم تستكمل المعركة ضد داعش في جرود رأس بعلبك والقاع فإن ذلك سيشكل صدمة حقيقية، إذ لا يجوز بقاء هذا المرض الخبيث على حدودنا".
.. في خدمة المسيرة
"هذا الموقف يلتقي عنده أبناء البقاع وغيرهم، ممن يمتلكون الحس الوطني الحقيقي" بحسب تعبير جورجيت ابنة بلدة الجدَيدة البقاعية، مشددة على تعبير "الحس الوطني". جورجيت التي تنظر إلى معادلة الجيش والشعب والمقاومة على أنها المعادلة الرابحة الآن، ختمت بالقول: "ما فعله المجاهدون هو عمل كبير. الله مع الشباب ومبروك للي استشهدوا".
هذه التبريكات للشهداء رددها أيضاً خليل، من بلدة العين، الذي رأى أن "قتال التكفيريين واجب يعادل قتال "إسرائيل"، ومن يستشهد من المجاهدين إنما هو شهيد كل الوطن". معرباً عن ثقته بالمعادلة الذهبية لأن "التجربة أثبتت أن الرهان على المقاومة والجيش هو رهان رابح" .
في وقت تكسب فيه المقاومة كل هذا الاحتضان والشعبية، يصبح من غير المؤثر على شرعيتها، صوت هنا أو آخر هناك يخرج من غرفة مكيفة ومن خلف شاشة ليقول إن المقاومة لا تمتلك الإجماع. من المنطقي هنا نقل ما دسه الناس في أسماعنا بعد عباراتهم الأولى، "فليقتلهم كيدهم". فهذه المساجد والكنائس انظروا إليها تقيم طقوس الدعاء والصلوات لنصرة المجاهدين وألسنة الجميع تلهج "أنتم عوننا ونصرنا، حماكم الله يا رجال الله".