ارشيف من :آراء وتحليلات

هل بدأ تنفيذ الخطة ’ب’ تحت ستار الانتقام الداعشي؟

هل بدأ تنفيذ الخطة ’ب’ تحت ستار الانتقام الداعشي؟

الاعتداءات الارهابية على السفارة العراقية بكابول والمتزامنة مع تقرير الانتربول الذي أمدته به المخابرات الاميركية اضافة الى التعديلات اللافتة والتي تشكل انقلابا في تقارير اليوروبول تصب في صالح احتمال يفرض نفسه بقوة وتعززه الشواهد وهو الانتقال لمرحلة جديدة من توظيف "داعش" او ما يمكن ان يكون الخطة "ب" في استخدام هذا التنظيم.
ولمزيد من التوضيح، فإن الاعتداء الغاشم على السفارة العراقية في كابول واعلان داعش تبنيها للعملية يشي بأن هناك تحولا عنوانه الانتقام ويستهدف المصالح الخارجية في بلدان أخرى. واذا ما اضيف لذلك ما نشرته الجارديان منذ ايام بخصوص نشر الانتربول "المنظمة الدولية للشرطة الجنائية" لقائمة من 173 عضوا  في داعش ويشتبه في انتمائهم للواء الانتحار وانهم تدربوا لدى داعش على عمليات انتحارية سينفذونها في بلدانهم الاصلية، وان المخابرات الاميركية هي التي انشأت القائمة حيث تمكنت من الوصول إلى مصادر موثوقة اطلعت على ملفات خاصة بداعش، وأن داعش أنشأ هذا الجهاز للانتقام بسبب هزائمه في سوريا والعراق، فما الذي يمكن قراءته حتى الان؟ هل يمكننا ان نقول ان داعش بالفعل انشأت لواء للانتقام وانها ستستهدف اوروبا والمصالح الخارجية لمحور المقاومة وكل من حاربها او خذلها؟

هل بدأ تنفيذ الخطة ’ب’ تحت ستار الانتقام الداعشي؟


فلننتظر قبل ان نحكم لنتابع مزيدا من الشواهد وندقق فيما يتم تصديره لنا من تقارير:
من الشواهد اللافتة ايضا، ما يمكن ان نسميه انقلابا احصائيا في تقارير يوروبول "وكالة الشرطة الأوربية" حيث كان للوكالة تقارير سابقة ساقت بها احصائيات يصعب ان تتغير بهذا الشكل في اعوام قليلة.
في مايو/ ايارعام 2014 وفي تقرير طويل عن العمليات الارهابية والاجرامية في أوروبا، قالت يوروبول ان هناك 159 هجوماً "ارهابياً" عام 2013 في أوروبا، اثنان منها فقط بدوافع دينية، بينما 84 منها كان بدوافع عرقية أو قومية أو انفصالية، وفي عام 2012 تم شن 219 هجوماً 6 منها فقط جاءت بدوافع دينية، وفي عام 2011 الذي شهد 174 هجوماً ارهابياً لم يكن أي منها "بوحي" منظمات دينية.
بينما في يونيو الماضي، قال تقرير ليوروبول صدر في لاهاي، ان اوروبا تعرضت لضربات "غير مسبوقة" للإرهاب خلال العامين الماضيين، وإن 135 شخصاً لقوا حتفهم في عام 2016 نتيجة لما وصفته بالإرهاب الإسلامي في أوروبا، وقال التقرير إن الإسلاميين نفذوا 13 هجوماً، كان 6 من بينها له صلة مباشرة بتنظيم "داعش".
وقال روب اينوريت، مدير اليوروبول، إن أوروبا واجهت "شكلاً غير مسبوق من الهجمات الإرهابية الجهادية"، مضيفاً أن التهديد الأكبر يأتي من مهاجمين منفردين عائدين من دول مثل سوريا.
هل يضيف هذا الانقلاب في لهجة صياغة التقرير واحصائياته وجاهة لما توصلت اليه القراءة السابقة من الغزوات الانتقامية لداعش في الخارج؟ فلننتظر قليلاً.
هناك شواهد وتقارير اخرى تضعف من وجاهة هذه القراءة المصدرة الينا والمراد منا ان نستخلصها، وهذه الشواهد يمكن القاء الضوء عليها لنلم بجوانب متعددة قبل الخروج باستخلاصات:
بخصوص داعش في افغانستان فإن هناك تقارير معتبرة تشكك في حجمها وقوتها بل وتلمح علنا وعلى لسان شخصيات كبرى إلى أنها موظفة لخدمة اغراض بعينها.
وقد كشف تصريح لرئيس جهاز المخابرات الأفغاني الأسبق "أمرالله صالح" عقب هجوم دموي على أكبر مستشفى عسكري في قلب كابل راح فيه عشرات بين قتيل وجريح أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه، عن أن "داعش" في أفغانستان ليس له وجود فعلي وإنما يتم الترويج له لتحقيق أهداف استراتيجية خطيرة.
وقالت تقارير ان موقف أمرالله صالح هذا "ليس جديدا فيما يتعلق بحضور (داعش) ومدى انتشاره في أفغانستان ومناطق شبه القارة الهندية"، فبعد أن أعلن تنظيم داعش عن ولاية جديدة له في شبه القارة أطلق عليها اسم "ولاية خراسان" و(تشمل أفغانستان وباكستان وأجزاء من إيران ودولا في آسيا الوسطى (مثل طاجكستان، أوزبكستان، وتركمانستان)، كثرت التكهنات حول حقيقة وجود مقاتلين ينتمون لـ "داعش" في هذا البلد.

هل بدأ تنفيذ الخطة ’ب’ تحت ستار الانتقام الداعشي؟


ولا أحد يعرف عدد مسلحي دواعش الأفغان أو المقاتلين الأجانب المنضمين للتنظيم في هذا البلد، وما هو موجود الآن توقعات المؤسسات الأمنية الأفغانية أو مراكز عملياتية للقوات الدولية المتبقية في أفغانستان. فوزارة الدفاع في كابل تخمن عدد مقاتلي (الدواعش) بين عشرة إلى خمسة عشر ألف عنصر متدرب بشكل جيد، وأن المئات بينهم من أبناء دول آسيا الوسطى والصين.
الا ان الاتهام الاوضح جاء من الرئيس الافغاني الاسبق حامد كرزاي، حيث اتهم كرزاي الولايات المتحدة بدعم تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" في بلاده، معتبراً أن تواجد عناصر التنظيم في أفغانستان ياتي في إطار "مشروع أميركي" لتحقيق أهداف معينة.
وقال كرزاي، في تصريح لوكالة أناضول، إن "عناصر داعش الذين يمارسون أنشطة إرهابية في أفغانستان تم جلبهم جميعًا من الخارج لأجل بعض الأهداف (لم يحددها)، ويتلقون دعماً من الولايات المتحدة".
وهنا تتناقض هذه الاتهامات المعتبرة والمؤيدة بشواهد اخرى لعلاقات بين داعش واميركا مع خطط الانتقام والخروج عن الطوع الامريكي وتتناقض بشكل اكبر مع كشف امريكا لخطط داعش واعضائها بالاسماء وامداد الانتربول بها!
هل هذا فقط هو التناقض؟ ليس كذلك، بل هناك دراسات اميركية اخرى واحصائيات لافتة:
ففي دراسة بعنوان "التطرف والهجمات الجهادية في الغرب" أعدها خبراء في جامعة جورج واشنطن الأميركية، ومعهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي، ومركز "اي سي سي تي" لمكافحة الإرهاب في لاهاي، جاءت احصائيات تقول انه ومنذ إعلان "خلافة داعش" نُفذ في أوروبا وأميركا 51 اعتداء ذهب ضحيتها 395 قتيلاً وأكثر من 1549 جريحاً.
وأكدت الدراسة أن 18% من المهاجمين كانوا أجانب، وفي 8% فقط من الهجمات صدرت الأوامر مباشرة من "داعش".
وأفادت الدراسة أن معظم المهاجمين في أوروبا والولايات المتحدة هم في أواخر العشرينات ولديهم سجل جنائي سابق وارتكبوا اعتداءاتهم دون تنسيق مع تنظيم "داعش".
وبلغت نسبة الذين كانوا معروفين لدى السلطات الأمنية قبل ارتكاب اعتداءاتهم 82% بينهم 57 % لديهم سجل جنائي سابق، و18% سبق وأن تعرضوا للسجن. وتم قتل 43 مهاجماً، واعتقل 21 فيما لا يزال شخص واحد هارباً.
وكان 73% من المهاجمين من حملة جنسيات البلدان التي ارتكبوا فيها اعتداءاتهم و14% منهم لديهم إقامة قانونية و5% منهم كانوا لاجئين أو طالبي لجوء. وكان 6% منهم يقيمون في البلدان التي نفذوا فيها الاعتداءات بشكل غير قانوني أو ينتظرون الترحيل.
وأشارت إلى أنه في 66% من الحالات، كان للمهاجمين اتصالات مع داعش لكنهم تصرفوا بمفردهم.
اللافت ان الدراسة تم تقديمها في اواخر يونيو اي بعد تقرير يورو بول الذي اظهر ان الارهاب الذي يجتاح اوربا اسلامي بشكل يكاد يكون خالصا واوحى بأن داعش هي التي تقف وراء معظم الهجمات.
ولا شك ان الدراسة الاميركية الاخيرة تقطع الطريق على اوروبا في الصاق الارهاب بالمهاجرين واستغلال هذه الورقة في التملص منهم وطردهم.
وهنا ينبغي ان نشير الى احتمال نراه وجيها، الا وهو استغلال اوروبا لهذه الهجمات واصدار تقارير تخدم سياستها تجاه اللاجئين والازمة التي يشكلونها للقارة، من جهة. ومن جهة اخرى فإن هذه التقارير ولا سيما الحديثة منها والمهداة من المخابرات الاميركية تهيئ للرأي العام الاوربي الدخول بقوة اكبر في التحالف ضد "داعش" والتدخل في الشرق الاوسط للدفاع عن النفس لا لمطامع واجندات استعمارية!
وايضا يمكننا استنتاج قراءة اخرى مفادها ان توظيف داعش بعد ما قابله مشروعها وصانعوه من مقاومة وبسالة انتقل الى خطة بديلة مفادها استهداف مصالح الدول المقاومة للمشروع خارجيا والصاق هذا التطور الخطير بلواء انتقامي لداعش!
يبدو انها الخطة "ب" قد جرى تدشينها ويبدو ان انتقالات داعش التي تذكرها السيناريوهات اما بالانتشار داخل العراق وسوريا او بالانتقال لمناطق الاضطرابات كليبيا وافغانستان وكشمير واما بالعودة للبلدان الاصلية كلها وبرغم وجاهتها مناورات لتنفيذ عمليات قذرة ضد مصالح الدول المناهضة والمقاومة واللافتة الداعشية جاهزة والاسباب والدوافع الانتقامية تبدو مقنعة للقانون الدولي الكسيح!
(*) كاتب عربي من مصر

 

2017-08-02