ارشيف من :آراء وتحليلات
ماذا وراء تصريحات ترامب الحربية ضد كوريا الشمالية؟
"هناك خطر حرب تقليدية بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية وليس هناك تخوف من حصول حرب نووية"، هذا الكلام لخبير في شؤون كوريا الشمالية كان يتكلم في برنامج على القناة الفرنسية الخامسة حول الأزمة بين كوريا الشمالية واميركا، يضيف الخبير في حديثه "كلما تصاعدت حدة التهديدات بين ترامب وكيم جونغ اون كلما اصبح من الصعب على الطرفين التراجع للوراء".
تصريحات ترامب غير المسبوقة والعنيفة بصب النار والغضب الشديد على كوريا الشمالية يوم الثلاثاء الثامن من شهر اب الحالي أعاد تكرارها يوم الخميس موجها كلامه مباشرة هذه المرة للرئيس الكوري الشمالي كيم حونغ اون، في مؤتمر صحافي عقده بين جولتين من لعبة الغولف في ولاية نيوجرسي قال فيه إن "الغضب الشديد لم يكن كافٍ" ليضيف: "لقد قلل من احترام بلدنا، لقد قال أشياء مرعبة ومعي انا لا يمكن له ان يفلت هكذا لقد تغير المعطى".
وفي محاولة لتغليف تصريحاته وشرحها قال ترامب: "لقد قرأت الخبر العاجل عن وكالة الانباء الكورية الشمالية انهم سوف يكونون في غوان (جزيرة اميركية في المحيط الهادئ التي تحوي اكثر من قاعدة عسكرية اميركية) لنرى ماذا سيفعل مع غوان، في حال فعل شيئا ضد غوان، فان ما سوف يحصل ضد كوريا الشمالية سيكون حدث لم يحصل لحد الان أبدا". وأضاف ترامب: "هذا ليس تحدٍ، هذا اعلان، لن يستطيع الاستمرار في تهديد غوان ولن يهدد الولايات المتحدة الاميركية، ولن يهدد اليابان ولن يستمر في تهديد كوريا الجنوبية".
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
في تصريحاته هذه، عبر ترامب عن ضعف الحكم في الادارة الامريكية الحالية، ويبدو الرئيس الاميركي كمن يهرب الى الامام في المواجهة مع الرئيس الكوري الشمالي الذي لم يتوقف عن تكرار التجارب الصاروخية منذ التهديد الاول الذي اعلنه ترامب ضد كوريا الشمالية قبل شهرين، وقد أتى تهديد وكالة الانباء الكورية الشمالية بقصف جزيرة غوان الامريكية التي تبعد عن كوريا الشمالية 2500 كلم ليظهر مدى التوتر بين البلدين، خصوصاً بعدما صوتت الصين الاسبوع الماضي مع واشنطن في مجلس الامن الدولي لتشديد العقوبات ضد كوريا الشمالية".
في هذا التوتر تمارس الصين عملية ابتزاز كبيرة ضد اميركا، فالصين التي لا تريد ان ترى كوريا موحدة الى جانبها وليس لها مصلحة في ذلك كما أنها لن تقبل بحرب على حدودها ورغم تصويتها في مجلس الامن الدولي لتشديد العقوبات ضد كوريا الشمالية فإنها لن تسمح بسقوط الاخيرة، في نفس الوقت لا يمكن القول ان للصين وصاية كاملة على بيونغ يانغ فالرئيس الكوري الشمالي يتصرف من منطق إظهار القوة لأميركا حتى يجرها الى طاولة المفاوضات ليس اكثر.
في المقلب الأخر تأتي التصريحات التصعيدية من قبل الرئيس الاميركي ضد كوريا الشمالية، لتعزز من حجج واشنطن بضرورة البقاء عسكرياً وسياسياً في شبه الجزيرة الكورية وفي بحر الصين بحجة وجود الخطر النووي لكوريا الشمالية.
من هنا يبدو أن الازمة الحالية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة سوف تستمر خلال فترة حكم ترامب الاولى مع صعود وهبوط في حدة التصريحات من الطرفين، ومع تدخل صيني يتقدم ويتراجع حسب المصلحة ووفقا لحالة العلاقة بين واشنطن وبكين.
ترامب الذي يصعد حاليا يبدو أيضا انه يصوب نحو الصين ويضغط عليها في ملف كوريا الشمالية فالخلافات بين الطرفين كبرت بعد زيارة الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي الى بكين قبل ثلاثة أشهر والتي تخللها عقد صفقات بين الطرفين وكلام نقل عن دوتيرتي يومها بأنه سيطلب من واشنطن سحب قواعدها من الفلبين، أيضا هناك التواجد الاميركي المتزايد في بحر الصين والذي سوف يتصاعد في الاعوام القادمة وفق خطة اميركية لمواجهة تصاعد النفوذ الصيني اقتصاديا في العالم، ومن هنا اتى كلام ترامب عن التفوق الاميركي الذي سوف يستمر والذي فسرته الصين انه موجها ضدها.
في ظل هذه المعمعة من التصريحات والتجارب الصاروخية تبدو كوريا الشمالية كمن يخوض حربا رسائل بالوكالة بين امريكا التي تريد وقف الصعود الصيني والصين التي تتوجس شراً من تصاعد الوجود العسكري الامريكي في محيطها، مشهد يتكرر منذ بداية ولاية ترامب وتشير بوصلة المصالح انه سوف يستمر حتى نهاية ولايته الاولى على اقل تقدير.