ارشيف من :نقاط على الحروف

غد حزب الله

غد حزب الله

احمد فؤاد
حين تنزوي الآمال، وتتعمق الخيبات على امتداد الوطن العربي كله، وتستمد الأنظمة والمعارضة –كلتاهما- شرعية الوجود أو القيادة من تل أبيب، وتتسع صحارى الوطن العربي لتبتلع التاريخ وتصادر المستقبل، ليس مستغربًا ما تدفع به كلمة السيد حسن نصر الله من فوران في شرايين المنطقة المنكوبة بغياب مشروع مقاوم ملهم.

غد حزب الله


المنطقة التي عانت طويلًا من غياب مشروع وطني عن فكر ساكنيها، وانعدام المشروعية الشعبية عن الأنظمة في الوقت ذاته، وجدت وحدتها خلف وحولَ بندقية المقاومة، وحقق حزب الله بعمره القصير، أول وأهم الانتصارات الواضحة على العدو الصهيوني.
بوادر هزيمة المشروع الصهيو-وهابي في سوريا حاضرة، وذكرى مهانة الجيش الصهيوني قريبة، والغد القادم صنعته أيادي المقاومة ومنهجها الشامل في الوجود على مساحة عمل تتسع بفعل ما تتسع المطامع الصهيونية، وصنعت الفارق في واحدة من أشد لحظات الأمة العربية المأزومة، فارق وصل لأن أصبحت كلمة اليوم تصنع الغد.
الأمة القادرة الفاعلة خرجت إلى النور، طريقها معبد بدماء الشهداء العظام، ترفع أمتهم بهم رأسها بعد طول موات، وإذا كنت كعربي قادرا على الحلم، فحزب الله بالأمس صنع اللحظة، وهو بطلها الأوحد.
أطل حزب الله على الساحة العربية بمشروع حي متجدد، والأهم أنه قابل للاستنساخ، مشروع يستند إلى المقاومة، ولا يعرف للفعل حدودًا، مشروع يصلح لمنطقة خالية إلا من شعوبها، تتصارع عليها وفيها كل قوى العالم، منها الطامع في دور أو الطامح لقيادة منفردة، وهو أكثر ما يرعب النظم العربية المهتزة، قبل أن يرعب الأعداء من خارجها.
كسر وجود الحزب الحصار المفروض على الوطن العربي، بعداء -صنع في معامل المخابرات الأمريكية- مع الامتداد الإستراتيجي الإسلامي في إيران، واستفاد للدول العربية بقوة تضاف إلى المواجهة الحتمية مع العدو الصهيوني.
ما نجحت هجمة الوهابية النجدية في زرعه خلال عقود من العمل العلني والسري، وما روته أجهزة المخابرات العالمية بالمال والسلاح بدأ انهياره، والمشروع الطائفي يتراجع في المنطقة العربية.. فرضت المقاومة بعد 11 عامًا من انتصار تموز كلمتها، وصارت رقمًا في معادلة جديدة تتسع يومًا بعد يوم.
منذ سنوات عديدة خرج سيد المقاومة بوعد "لن يقتل أطفالنا وحدهم بعد اليوم"، خالقًا توازن الردع مع العدو، وأمس يخرج بعهد جديد: "انتهى التهديد والتنفيذ الصهيوني بل انقلبت الآية".. في تأريخ جديد للصراع العربي ـ الصهيوني، صنع السيد بالإيمان والعزيمة سلاحًا أمضى من قنابل نتنياهو النووية.
وإذا كان انتصار 2000، ومن بعده الانسحاق الصهيوني في 2006، علامات فارقة في تاريخ هذه الحقبة من مسيرة الأمة العربية، فسيبقى خطاب 13 أغسطس 2017 فاتحة فصل جديد، لا يتشابه مع سابقيه، لكنه يبقى فصل الآمال التي لا حدود لها.
(*) - صحافي عربي مصري

2017-08-14