ارشيف من :آراء وتحليلات
ما وراء إقالة الوزير الأول الجزائري
لم يتفاجأ أغلب العارفين بالشأن الجزائري من عملية إقالة الوزير الأول عبد المجيد تبون، الذي خلف عبد المالك سلال منذ ثلاثة أشهر، أي مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، من منصبه، بالنظر إلى ما لاح من أخطاء في أداء الرجل طيلة هذه الأشهر الثلاثة. كما لم يتفاجأ أغلب العارفين بكواليس المرادية من تعيين الوزير الأول الأسبق، مدير ديوان رئاسة الجمهورية والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (الآرندي) أحمد أويحي، في المنصب الثاني في الدولة الجزائرية خلفا لتبون.
فالجزائر تبدو بحاجة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها بمعية المنطقة المغاربية إلى رجل دولة خبير ومتمرس، مطّلع على أهم الملفات وقريب من دوائر الحكم منذ مدة. ولا يختلف إثنان في أن هذه المواصفات تنطبق على أويحي الذي تقلد في السابق حقيبة العدل السيادية وترأس الحكومة ثلاث مرات، ثم انتدب في المرادية (رئاسة الجمهورية) مديرا لديوان الرئاسة، أي أهم مطابخ السياسة الجزائرية، هذا بالإضافة إلى أن أويحي هو الأمين العام لثاني أهم الأحزاب السياسية الجزائرية، حزب التجمع الوطني الديمقراطي الآرندي شريك حزب جبهة التحرير الوطني (الآفلان)، الحزب الحاكم الذي قاد البلاد إلى الاستقلال وبنى الدولة.
علاقات متميزة
وعرف عن أويحي أيضا علاقاته المتميزة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبشقيقه السعيد الذي يتمتع بنفوذ واسع في الدولة وهو محل ثقة الرئيس وعينه الساهرة في فترات المرض. كما أن للوزير الأول القديم الجديد شبكة علاقات تجمعه بقوى هامة في الدولة الجزائرية لها تأثير كبير ونفوذ واسع، ومن هذه القوى ومن غيرها يستمد قوته التي جعلته منذ سنوات حاضرا باستمرار في المشهد لا يغيب عن الأضواء.
ولعل حاجة حزب جبهة التحرير الوطني لحزب شريك في الحكم ساهمت في تواجد أحمد أويحي وأعضاده في حزب الآرندي في دوائر القرار حتى بات هذا الحزب الرقم الصعب في المعادلة السياسية الجزائرية و الذي يسعى "الآفلانيون" إلى كسب وده. وللإشارة فقد ازدادت مقاعد الآرندي، الذي أسسه الرئيس السابق اليمين زروال سنة 1997، في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة لسنة 2017، وبلغت 97 مقعدا مقابل 68 في انتخابات 2012 وحل الثاني في الاستحقاقين.
هل يمهد بوتفليقة الطريق أويحي الى الرئاسة
الطريق إلى المرادية
وتستعد الجزائر لانتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لا يحق له الترشح دستوريا بعد أن تقدم بمقترحات لتعديل الدستور حددت المدة الرئاسية بولايتين كأقصى حد، مدة كل ولاية خمس سنوات. وبالتالي، فقد كثر الحديث عن فرضية أن يكون أحمد أويحي هو خليفة بوتفليقة باعتباره أحد أهم المرشحين لهذا المنصب بمعية آخرين.
ولعل التبريرات التي ساقها البعض لإقالة عبد المجيد تبون، والمتعلقة بإجازته الطويلة وهو الذي وعد بعدم الدخول في إجازة، أو بلقائه غير الرسمي في باريس أثناء الإجازة بنظيره الفرنسي، تبدو غير مقنعة. ما يفتح الباب على مصراعيه لتأويلات عديدة أهمها فرضية إعداد أويحي ليكون مرشحا بارزا لخلافة بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية القادمة وتعبيد الطريق أمامه إلى المرادية.