ارشيف من :نقاط على الحروف
’إسرائيل’ تستنجد بواشنطن.. وتعود خائبة
لم يكن فشل الوفد الاستخباراتي الاسرائيلي الرفيع في واشنطن، بانتزاع التزام اميركي بربط الاتفاق مع روسيا في سوريا باخراج القوات الايرانية وحزب الله، أمرا مسلما به.. ولم يكن عدم رضوخ المسؤولين الاميركيين للمطالب الاسرائيلية، تبدلا في نظرة واشنطن لموقع "اسرائيل" ولا لدورها الوظيفي في الاستراتيجية الاميركية..
مع ذلك، أتى هذا الفشل بعدما استنفذ قادة الاجهزة الامنية الذين "سارعوا" الى واشنطن للقاء نظرائهم الاميركيين، جهودهم، بهدف اقناعهم بجدية وخطورة التهديد الذي يشكله بقاء حزب الله وايران في سوريا، بعد أي اتفاق تسوية.
من المهم التوقف عند ما قدمه رئيس الموساد، يوسي كوهين، ورئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء هرتسي هليفي، ونائب رئيس مجلس الامن القومي، ايتان بن ديفيد، وآخرون، لنظرائهم في الاجهزة الاستخبارية الاميركية، حيث أكدوا لهم أننا "هرعنا الى هنا للتحذير من نشر قوات حزب الله وايران وسورية، ولكي نوضح لكم بالضبط ما يحدث هناك.. اذا لم يطرأ التغيير الملموس على نهجكم، واذا لم تنخرطوا بشكل اكبر، واكثر حزما، واكثر عدوانية، فإنكم ستتركون الشرق الأوسط للإيرانيين برعاية روسية".
"إسرائيل" تستنجد بواشنطن.. وتعود خائبة
وقدموا لهم ايضا "معلومات استخباراتية حساسة وموثوقًا بها ومزعجة للغاية"، مقرونة بوثائق وصور تقدم صورة عن الانتشار الايراني وحزب الله في سوريا في مقابل تراجع وانكفاء الجماعات "الجهادية" في اشارة الى تنظيمي "داعش" و"النصرة".
لكن النتيجة التي خلص اليها هؤلاء، رغم كل الشروحات التي توحي بها الوثائق المشار اليها، هي عودتهم خائبين من واشنطن، والتجسيد الاهم لهذه الخيبة فشلهم في انتزاع تعهد اميركي باشتراط خروج حزب الله وايران من سوريا، لأي اتفاق مع روسيا.
في المقابل، فإن "التمنع" الأميركي يأتي ايضا نتيجة قراءة وتوجه يقوم على أولوية تجنب التورط في مستنقع اقليمي جديد، فيما تطالب "تل ابيب" الادارة الاميركية بتبني سقفها المرتفع لأي ترتيب سياسي أمني للساحة السورية.. لكن مشكلة القيادة الاسرائيلية تكمن في أن واشنطن تدرك بأن هذا الامر سوف يؤدي الى مواجهة اقليمية واسعة، وفي أقل الاحوال سيضع صناع القرار الاميركي أمام محطة مفصلية لن تكون لها سوى نتيجة واحدة وهي الذهاب نحو مواجهة عسكرية واسعة لا يريدها أي من أطراف الصراع في سوريا والمنطقة، ولكنها ستؤدي الى تدفق متواصل للقوات الاميركية في سوريا.
وما يؤكد على هذه الخلاصة، ما نقلته صحيفة "يديعوت احرونوت"، بأن الخشية في "تل ابيب" من "قرار أميركي بعدم عرض عضلات أكثر من اللازم في سوريا"، ما يعني أنها تريد منها اعتماد سياسة توثب وتهديد لردع روسيا ومحور المقاومة في سوريا، وهو ما حاولت واشنطن اختباره في مرحلة سابقة لكنه قوبل بمزيد من التصميم على مواصلة التقدم.
نتيجة ذلك، تتخوف اسرائيل من أن يؤدي التراجع الاميركي الى تركها "تحت رحمة روسيا والنظام السوري وإيران وحزب الله".
هذه الخيبة، لا تعني بالضرورة أن "تل ابيب" سوف تنكفئ وتسلم بالامر الواقع، خاصة وان محور قضية البحث يتصل بالساحة الاكثر تأثيرا على الامن القومي الاسرائيلي، في هذه المرحلة التاريخية.
مع ذلك، فالمؤكد أن النتائج التي خلصت اليها مباحثات واشنطن، ستضيق من هامش اسرائيل في المبادرة والمناورة، وسيضعف قدرتها على المواجهة، وفي الوقت نفسه سيضعها أمام خيارات مفصلية وحاسمة.
على خط مواز، ستبقى "اسرائيل" تجول شرقا وغربا، بهدف الاستنجاد بالدول العظمى، لأنها تدرك أن التطورات الاقليمية تتجه في مسار تعاظمي تهدد الامن القومي الاسرائيلي، وتوفر بيئة اقليمية هي في مصلحة الشعب الفلسطيني كي يتمكن من تجسيد ارادته في المقاومة ضد الاحتلال.
في المقابل، ينبغي التأكيد على أن واشنطن تحاول توفير الدعم للكيان من البوابة التي لا تتعارض مع مصالحها، فيما "اسرائيل" عادة ما تكون أكثر طمعا، خاصة بعدما سلمت بحقيقة محدودية قدرتها على مواجهة التهديد الذي يشكله محور المقاومة، ومن أجل محاولة اقناع واشنطن ودفعها لاداء المهمة بدلا عنها.