ارشيف من :آراء وتحليلات

سوريا تنتصر ـ أحمد فؤاد

سوريا تنتصر ـ  أحمد فؤاد

أحمد فؤاد (*)
 على امتداد الوطن العربي تتبدد مليارات الدولارات سنويًا، في وسائل إعلام وكتب ولقاءات تلفزيونية ومقالات، وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، كلها مدفوعة الأجر، وكلها تستهدف زرع الجهل، ومحق أي بادرة لتحرير الوعي الجمعي من قيد الأعداء الوهميين.
في كل قطر عربي يخيم التجهيل المتعمد على وعي الأغلبية، وإن كانت النسب متفاوتة، فالحرب السورية حررت –ضمن ما حررت- العقل السوري من هيمنة الخطاب الغربي، وفكت بطريقة نهائية بين السوريين وإعلام الدجال الأمريكي للأبد، بعد أن شاهد السوري طائرات الولايات المتحدة تلقي بالسلاح والمؤن لـ"داعش" وغيرها، في مواجهة جند وطنه.

سوريا تنتصر ـ  أحمد فؤاد


وفي العراق أيضًا، دفعت الدماء الحرة ضريبة تحرر من الهيمنة والواقع سويًا، وسببت مشاهد سقوط ثلث العراق أمام جحافل مغول العصر صدمة حضارية، لبلد يعد من أقدم بلاد الدنيا، وأكثر الدول العربية تأثيرًا، بفعل موقعه وثرواته وعديد سكانه.
الشرق العربي دفع ويدفع أثمانًا باهظة لفتح صفحة جديدة للأمة العربية، وتشهد المعركة الجارية في سوريا مخاضًا مؤلمًا، وولادة ستطول نسبيًا، لصالح تحقيق الخروج من الماضي، والعودة للساحة من باب الفعل والقيادة، وهي صفة لازمة لسوريا خصوصًا لو تعلق الأمر بمصير العرب.
لا شيء يجري في سوريا أقل من ولادة أُمّة، مسيطرة على مقاديرها، وشروط مستقبلها بأيدي أبنائها.
قادت سوريا في الماضي القريب الدول العربية للخروج من ظلام المحتل العثماني البغيض، ودفعت على يد جمال السفاح ما تدفعه حاليا لسد أطماع حفيده الوفي أردوغان، الطامع لتكرار سواد العثمانيين وشرورهم بحق العرب، وكما انتصرت سوريا في الماضي، فانها قادرة بمحورها وتمترسها في محور المقاومة بإلقاء أحلام أردوغان وحلفائه الصهاينة إلى مصير الإمبراطورية السابقة، مزبلة التاريخ الإنساني.
في عام 1915 كانت سوريا تئن تحت وطأة جمال السفاح، أسيرة لدى العثمانيين لقرون ثلاثة كئيبة، دفعت بالدم أولًا تحررًا من الماضي، ثم عمّدت حريتها بدم زكي جديد، لتضمن لنفسها انتقالا نحو المستقبل، وتشارك في البعث العربي الذي بلغ ذروته في العقود الخامس والسادس والسابع من القرن العشرين، ونجحت في تحقيق مشروع وحدودي عربي في نهاية الخمسينيات، لكنه لم يصمد أمام مؤامرات واشنطن وأموال السعوديين.
تمضي حياة الدول ومسيرتها الحضارية بالدماء الشريفة، تروي طريقها إلى غدِ تستحقه، وتستفتح بالفعل أحلام وآمال الشعوب.. هكذا كانت خلطة النصر السورية التاريخية، وهذه هي شروط التجديد ومقدمات البعث، أن تدفع الأمّة ضريبة الدم المفروضة للتحرير والمستقبل.
حفظ الله سوريا.. تاج الشرق ولؤلؤته.

(*) صحافي عربي مصري

2017-08-22