ارشيف من :ترجمات ودراسات

ضربة مؤلمة للكيان الصهيوني في هضبة الجولان

ضربة مؤلمة للكيان الصهيوني في هضبة الجولان

الكاتب  : M K Bhadrakumar
 عن موقع Réseau International  الالكتروني
28 تموز / يوليو 2017

تلقّى الكيان الصهيوني ضربةً مؤلمة على صلة بالصراع في سوريا، وذلك من خلال نشر الشرطة العسكرية الروسية في منطقة خفض التوتر الواقعة في جنوب غرب سوريا، بالقرب من هضبة الجولان. وقد تم الإعلان عن نشر الشرطة العسكرية الروسية من قبل وزير الدفاع الروسي يوم الإثنين الماضي. كما صرح الكولونيل-جنرال سيرغي رودسكوف، المسؤول عن قيادة العمليات الرئيسية التابعة لهيئة الأركان الروسية، صرح في موسكو، بأن القوات الروسية قد أقامت نقاط مراقبة واستطلاع في منطقة خفض التصعيد في الجنوب الغربي السوري. كما صرح أنه قد تم إبلاغ الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن بهذا التطور.

ضربة مؤلمة للكيان الصهيوني في هضبة الجولان
لقد انهار الحلم الإسرائيلي بالتوسع في جنوب غرب سوريا


وقد تم الاتفاق على حدود منطقة خفض التصعيد بين روسيا والولايات المتحدة عشية اللقاء الذي جرى بين الرئيسين رونالد ترامب وفلاديير بوتين على هامش قمة العشرين في هامبورغ. ومن جهته، صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن اعتبارات الأمن الإسرائيلي قد أخذت بعين الاعتبار عند وضع اللمسات الأخيرة على حدود منطقة خفض التصعيد.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعرب بصراحة عن رفضه للاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، معتبراً أن هذا الاتفاق لا يأخذ بعين الاعتبار، بشكل صحيح، وجهات النظر الإسرائيلية بخصوص التهديد الذي يشكله وجود إيران وحزب الله في المناطق الجنوبية الغربية من سوريا.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، فقد أعلن بشكل رسمي أن حكومته قد وضعت عدداً من الخطوط الحمراء، قائلاً "لن نتسامح مع أي وجود إيراني على الحدود وسنواصل العمل ضد مثل ذلك الوجود". وهذا طبيعي، لأن الإسرائيليين لا يثقون بروسيا. وهم يعتقدون أن بدء "الميليشيات الشيعية" وحزب الله بالتغلغل، دون عوائق، داخل المنطقة الجنوبية الغربية من سوريا هو مجرد مسألة وقت، كما أن ذلك يعزز من قوة نظام الأسد وأصدقائه الإيرانيين بقدر ما يسمح بتشديد السيطرة على المنطقة الحدودية القريبة من لبنان ومن الأراضي المحتلة.
والواقع أن كل ذلك هو لعبة استرتيجية كبيرة. فخلال فترة طويلة، قام الإسرائيليون بتمويل وتسليح ودعم الجماعات المتطرفة (ومنها جماعات القاعدة)، ما سمح لهذه الجماعات بالسيطرة على المنطقة المعنية اليوم بخفض التصعيد. كما أنهم قدموا الدعم العسكري لهذه الجماعات الإرهابية كل مرة كانت تتعرض فيها للهجوم من قبل القوات الحكومية السورية.
وكان الإسرائيليون يأملون في إمكانية إبقاء تلك المنطقة منطقة "صراع مجمد" يمكن ضمها إلى كيانهم. وبالتالي، كانوا يأملون أن تتم إقامة منطقة خفض التصعيد قرب هضبة الجولان من قبل الولايات المتحدة، لا من قبل روسيا. لكن واشنطن لم تشأ الدخول في هذا الموضوع، على ما قاله هذا الأسبوع أحد المعلقين في مجلة "ماغازين آتلانتيك".
إن البنتاغون يركز جهوده على العمليات في الموصل والرقة على بعد مئات الكيلومترات من منطقة خفض التصعيد. وهناك قادة عسكريون أميركيون يعتبرون نشر قوات أميركية في تلك المنطقة تشتيت مكلف وغير مفيد للقوة الأميركية في ظروف الصراع مع داعش.

ضربة مؤلمة للكيان الصهيوني في هضبة الجولان
قوات المراقبين الروس سترد بقوة إذا ما حاول الإسرائيليون القيام بدور تخريبي


وبالنظر إلى محدودية القدرات في مجالات الاستخبارات والمراقبة في المنطقة، فإنه من غير المرجح أن تكون القيادة الأميركية الوسطى سعيدة بأن تصرف وسائلها الضعيفة أصلاً نحو مراقبة وقف إطلاق النار... وكل هذا يعني أن مفاتيح وقف إطلاق النار المتفق عليه، في جنوب غرب سوريا، بين ترامب وبوتين، هي على الأرجح  في أيدي الروس.
ذلكم هو، إلى هذا الحد أو ذاك، ما يجري في الميدان. والاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يقضي بأن تضطلع الشرطة العسكرية الروسية بمراقبة منطقة خفض التصعيد.
كل هذا يشكل ضربة مؤلمة للسياسة التدخلية الإسرائيلية في سوريا. والأكيد أن قوات المراقبين الروس سترد بقوة إذا ما حاول الإسرائيليون القيام بدور تخريبي.
بكلام آخر، لقد انهار الحلم الإسرائيلي بالتوسع في جنوب غرب سوريا (وحتى في ما يتجاوز هضبة الجولان) على طريق إقامة "إسرائيل الكبرى". لقد كانت الخطة ب الإسرائيلية مبنية على أساس أن التوصل إلى حل في سوريا سيضمن، على الأقل، قيام الأسرة الدولية بمنح الشرعية للاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان. لكن ذلك لن يحدث أبداَ.
لقد تعرضت مصداقية نتنياهو، مرة أخرى،  لضربة كبرى. فقبل عامين، وضع خطاً أحمر على البرنامج النووي الإيراني. كان يقول بأنه سيتخذ إجراءً عسكرياً مستقلاً بحق إيران. لكن تبين أن كلامه لم يكن أكثر من خداع تهويلي. وها هو اليوم يضع خطاً أحمر على الحدود الشمالية للأراضي المحتلة بخصوص الوجود الإيراني في سوريا. لكنه لا يملك القدرة على فرض احترام خطه الأحمر. ومرة أخرى، فإن الأسرة الدولية لا تعبأ مطلقاً بنوبات غضبه.
وبشكل أكثر دلالة، فإن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً لمنع حزب الله من شن عملية ضخمة، الأسبوع الماضي، بهدف السيطرة على المرتفعات الحدودية بين سوريا ولبنان التي كانت تحتلها القاعدة وداعش وأحرار الشام، والتي كان بعضها يحظى بالرعاية والعطف الإسرائيليين. وقد لفتت وسائل الإعلام الإيرانية اليوم إلى أن مقاتلي حزب الله قد حققوا انتصاراً رائعاً. وبالطبع، فإن من المهم إلى أبعد الحدود بالنسبة لحزب الله وإيران أن تظل الحدود السورية-اللبنانية مفتوحة تماماً.

2017-08-23