ارشيف من :ترجمات ودراسات

أفرايم سينه: الاتفاق الأمريكي الروسي ضربة استراتيجية لـ’اسرائيل’ وواشنطن أدارت ظهرها لـ’تل أبيب’

أفرايم سينه: الاتفاق الأمريكي الروسي ضربة استراتيجية لـ’اسرائيل’ وواشنطن أدارت ظهرها لـ’تل أبيب’

أفرايم سينه (نائب وزير الحرب الأسبق) - صحيفة "هآرتس"

منذ اندلاع الحرب في سورية، تصرفت "إسرائيل" بحذر وحكمة في كل ما يتعلق بالوضع الداخلي في تلك الدولة. وعلى الرغم من أن "تل أبيب"، لمن ينسى ذلك، هي "أقوى جارة" لدمشق، إلا أنها ليست شريكة في أي مؤتمر سلام دولي يناقش الوضع فيها، فبقيت في المؤتمرات التي عقدت في جنيف وأستانا خارج النقاشات، فيما دُعيت إيران كشريك مهمّ.

هذا الوضع تغيّر مؤخرًا بشكل جذري وليس نحو الأفضل. فقد أدّت الاتصالات بين دمشق وواشنطن إلى اتفاق يثبت الوضع في سورية، بحيث يبقى (الرئيس) بشار الأسد في السلطة. في هذه اللحظة كان على "إسرائيل" الإصرار على دخول قاعة المؤتمرات، لكن الحكومة اعتمدت على مظاهر الصداقة مع إدارتي بوتين وترامب، وقام هؤلاء بإنهاء الأمور من دونها وضدّها.

الاتفاق الروسي-الأمريكي يترك الوجود الإيراني في سورية مثيرًا. ليس فقط حزب الله سيبقى فيها كقوة معززة بالمعارك بل قوات أخرى درّبها الحرس الثوري الإيراني. وهؤلاء هم من قصدهم (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصرالله في خطابه منذ وقت ليس ببعيد، عندما قال إنه في المواجهة التالية لن تقف منظمته بمفردها ضد "إسرائيل".

 

أفرايم سينه: الاتفاق الأمريكي الروسي ضربة استراتيجية لـ’اسرائيل’ وواشنطن أدارت ظهرها لـ’تل أبيب’

 

بالنسبة لـ"إسرائيل"، للواقع السوري الجديد ثلاث نتائج خطيرة:

- إنشاء جسر بري يمتد من إيران إلى سورية ولبنان يتمّ عبره تمرير كميات كبيرة من الأسلحة ذات الجودة العالية من دون عوائق،
- تعريض الحدود الشمالية للأردن للهجوم،
-احتمال انتشار قوات حزب الله على طول الحدود الشرقية لمرتفعات الجولان.

على مدى العامين الماضيين، يحاول نتنياهو الإثبات بأن "إسرائيل" ليست معزولة. مكتبه يخلق صورة كاذبة تفيد بأن "الصراع" مع الفلسطينيين لم يعد يقف عائقًا أمام طريق العرب لـ"السلام" مع "إسرائيل" التي تتحطّم صورتها كلما طولبت الأمم المتحدة بالتصويت على موضوع يتعلق بالقضية الفلسطينية.

إن الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن سورية، يشكّل ضربة استراتيجية باهظة الثمن لـ"إسرائيل". ماذا حدث للوعد المطمئن الذي طرحته وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف معندما قالت إن "أوباما أصبح طي التاريخ، والآن لدينا ترامب؟".. الإدارة في واشنطن التي تباهى نتنياهو بعلاقاته الخاصة معها، أدارت ظهرها لـ"إسرائيل"، وضحّت بأهمّ مصالحها الحيوية على مذبح تقرّبها من روسيا.

لقد عاد نتنياهو خالي الوفاض من محادثاته الأخيرة مع بوتين في سوتشي. من المحادثات التي أجريتُها في أوروبا مع أشخاص مطّلعين على هذا الموضوع، علمتُ أن روسيا اتخذت قرارًا استراتيجيًا واضحًا بتفضيل المصالح الإيرانية في سورية على مصالح "إسرائيل".  هذا هو فشل سياسي خطير لنتنياهو وله عواقب وخيمة. كان بإمكاننا، على الأقل، تجنيد الأردن، الذي يواجه التهديد مثلنا، لمشاركتنا في الاحتجاج على الاتفاق الثنائي، لكننا فقدنا حتى تقربه منا بسبب سلوك نتنياهو الغليظ في قضية حارس الأمن في عمان.

التغيير في سورية، الذي حظي بمباركة الولايات المتحدة وروسيا هو أمر خطير جدًا بالنسبة لـ"إسرائيل". وليس من المستبعد أن تضطر "إسرائيل" للقيام بعملية عسكرية في سورية. ولن تكون الظروف العسكرية صعبة، فقط، بل الظروف السياسية أيضًا، وعندها من سيأتي لمساعدتنا؟

 

2017-08-28