ارشيف من :نقاط على الحروف
إنجاز تحرير الجرود: أصداء المعركة تُسمع في واشنطن
الغارة الاميركية على طريق قافلة عناصر "داعش" المهزومين من الحدود اللبنانية السورية الى دير الزور تؤشر الى 3 دلالات:
1- الإنزعاج من الإنجاز الذي حققته المقاومة والجيش السوري (وفي المقلب الآخر الجيش اللبناني من الجانب الآخر للحدود) لجهة إنهاء هذا الوجود الارهابي المزمن. ويمكن العثور على مؤشرات هذا الانزعاج في وقف واشنطن توريد دبابات الى الجيش اللبناني، بحسب ما اوردت جريدة "النهار" البيروتية.
2- محاولة إحراج حزب الله من خلال تكبير الكلام عن "صفقة" و"تهريب عناصر داعش" وما شاكل. ايضاً حلفاء واشنطن، او بالأصح أدواتها في لبنان بكّروا في إطلاق تصريحات بهذا المعنى.
3- محاولة دق إسفين بين حزب الله وقطاع واسع من القوى السياسية والشعبية العراقية، من خلال تحريك بعض السياسيين العراقيين المحسوبين على الخط الأميركي لتوجيه انتقادات الى اتفاق ترحيل عناصر داعش الى دير الزور. وينبغي إبقاء تصريح رئيس الوزراء العراقي في سياقه لأسباب يفرضها ربما موقعه او نظرته الى العلاقات الاقليمية وربما ايضاً العلاقة مع الاميركي.
إنجاز تحرير الجرود: أصداء المعركة تُسمع في واشنطن
في السياق، تحاول قوى مناهضة للمقاومة عقد مقارنة بين موقف الامين العام لحزب الله الذي اعترض قبل شهور على محاولة الجانب الاميركي فتح طريق هروب لـ"داعش" من الموصل الى الاراضي السورية، في بداية معركة الموصل، وبين ترحيل عناصر التنظيم من الحدود اللبنانية-السورية الى دير الزور.
وهذه المقارنة قياس مع الفارق، فتعزيز "داعش" يومئذ في دير الزور بآلاف العناصر القادمين من الموصل كان يمكن ان يقلب المعادلة في هذه المحافظة الحيوية المحاذية لغرب العراق.. يومها لم يكن الجيش السوري قد وصل الى السخنة او تحرك باتجاه دير الزور من ثلاثة محاور رئيسة كما نرى اليوم، وكان "داعش" لا يزال يحاول توسيع سيطرته الى بقية انحاء مدينة الزور على حساب الجيش السوري.. وموقعية دير الزور فرضت على الجيش السوري وحلفائه إطالة أمد صمودها الى اليوم برغم المجهود الضخم الذي بذله "داعش" للسيطرة عليها.
أما اليوم فإن "داعش" يواجه وضعاً صعباً في جميع الجبهات، من تخوم دير الزور الى الرقة وصولاً الى العراق، ونقلُ 308 عنصرا من "داعش" من منطقة الحدود السورية-اللبنانية الى دير الزور لن يغير في المشهد العسكري، حيث يفر عناصر التنظيم الإرهابي فرادى او جماعات، وكان آخر ما قرأناه تسليم عدد كبير من عناصر الهاربين من تلعفر الى البشمركة الكردية في شمالي العراق، بينما يفكر آخرون بالإستسلام في الحويجة جنوب كركوك.. ونعرف بقية الحكاية مع تردي قدرات التنظيم في الرقة وشرق حمص وشرق حماه، وسط حديث يتردد عن بدايات تفكك في بنيته المركزية بعد كل هذه الهزائم المتتالية.
ما يزعج واشنطن ايضا ان مساعيها لوراثة "داعش" تأخرت في حصد النتائج المرجوة، وهي الآن تستعجل "قوات سوريا الديمقراطية" التي تساندها في الرقة لفتح معركة دير الزور قبل ان يستحوذ عليها الجيش السوري وحلفاؤه، كما فعلوا في حلب وريف دمشق وجنوب سوريا قرب الحدود الاردنية وفي منطقة الحدود اللبنانية-السورية.
في الخلاصة، أحدثت مجريات معركة الجرود اللبنانية والسورية صدمة للعديد من الفرقاء في لبنان وخارجه، ممن كانوا يستعدون لتوجيه ضربات سياسية او معنوية او اقتصادية الى المقاومة، فكان توجيه ضربة منها بالتعاون مع الحلفاء ضد "داعش" و"النصرة" سبباً للشعور بالإحراج لدى هؤلاء من ظهور حزب الله مقاتلاً للإرهاب الداعشيّ والقاعديّ ومحرِّراً للأرض والحدود اللبنانية، وردّ الفعل "الطبيعي" لدى القوى المناوئة للمقاومة هو كبح هذا الإنجاز ومحاصرته بكل الطرق الممكنة سياسياً وإعلامياً، واذا اقتضى الأمر عسكرياً حيث أمكن.
السيناريو البديل هو "تعملق" حزب الله الى درجة باتت تدفع "اسرائيل" الى التهويل بعمل عسكري في سوريا لمجابهة تغير موازين القوى بعد هزيمة "داعش" المتحققة.. لهذا، فإن معركة الجرود التي تُعدّ آخر حلقات مسلسل تأمين الحدود اللبنانية-السورية المستمر منذ اربع سنوات باتت أصداؤها تُسمع جيداً في واشنطن، كما في "تل ابيب".