ارشيف من :نقاط على الحروف
.. وينضم إلينا من دير الزور ’موفدنا’.. أبو مصطفى!
علي شهاب
ليس معهودًا في مسيرة المقاومة الظهور الإعلامي على الكاميرا للقادة الميدانيين. في العادة يتم إخفاء وجوه المقاومين الأحياء في مقاطع الفيديو والأفلام على أنواعها.
ومع أنّ حزب الله يقاتل في أهم معركة في تاريخه، حتى الساعة، في سوريا منذ سنوات؛ إلّا أن تعامله مع الكاميرا لم يختلف في هذا الإستحقاق عما ألفه الجمهور في معاركه طوال فترة الإحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان او بعدها.
أدار حزب الله دومًا إعلامه الحربي بحرفية شهدت عليها مرارًا مراكز الدراسات الإسرائيلية والغربية، لكنّ أسهم الإنتقاد في الأوساط الإعلامية والسياسية كانت تطال جوانب أخرى في مسيرته. هذا أمر طبيعي ومفهوم بالنسبة لجماعة اتسعت من إطار عسكري إلى أطر سياسية وإجتماعية وثقافية في ظروف غير طبيعية يحكمها دومًا الحذر، فضلًا عن أبعاد ثقافية تبرز عادةً على شكل رقابة ذاتيةٍ تمنع المقاومين من الإنسياق خلف "حبِّ الظهور" ليكونوا بدلًا من ذلك في موقعهم الطبيعي في قلب الحدث.
و مع أن فصولَ كتاب المقاومة تحفل بـأفكار و "خبطات" إعلامية تناوب على إبتكارها كل من القادة العسكريين منذ زمن الشهيد الحاج سمير مطوط (الحاج جواد) ولاحقًا الشهيد القائد الحاج عماد مغنية ( الحاج رضوان) والشهيد الحاج مصطفى بدر الدين (السيد ذوالفقار) ورفاقهم انطلاقًا من العام ستة وثمانين عند أول عملية تصوير لإقتحام موقع "سُجُد" آنذاك، لكنّ هذه الأفكار ظلت على تماس وثيق بالميدان ولأجل خدمته.
وعلى الرغم من توافر الإمكانات والموارد البشرية والمادية لاحقًا لإطلاق أفكار ومشاريع إعلامية رائدة ونوعية، إلا أنه كان يؤخذ على إعلام محور المقاومة عمومًا أنه دفاعي الطابع وليس استباقيًا أو هجوميًا.
ما حصل بظهور الحاج أبي مصطفى يتجاوز كل هذه الإشكالية "التاريخية" ويفتح الباب أمام صفحة جديدة، حتى وإن كان الهدف من ظهوره بالأصل سياسيًا بإمتياز ويهدف لإيصال رسالة محددة تصيب أهدافًا عديدة.
.. وظهر أبو مصطفى. الجد المقاوم. اختصر بأريحية تامة وكلمات سهلة كلّ الحدث، و شرح أبعاده بخطاب استراتيجي يختزل وعي 35 عامًا من المقاومة.
كان قلة من المعنيين بترتيب الظهور الإعلامي لأبي مصطفى، ومن بينهم مدير الميادين الإعلامي غسان بن جدو، يعلمون بأنّ من اتخذ القرار مباشرة هو السيد نصر الله. فوجئ الجميع بعفوية القائد الميداني عندما سأله مراسل الميادين عن سبب ظهوره، لكن جواب أبي مصطفى بأن السيد هو من طلب ذلك، ترك أثرًا كبيرًا في الأوساط السياسية والشعبية.
شهادةٌ أخرى تُضاف إلى سجلّ السيد نصر الله الذي يتابع الصغيرة والكبيرة، والذي فاجأ الحلفاء قبل الخصوم بقراره.
ما حصل ليل السبت في 9 أيلول/ سبتمبر 2017 قلب الصورة فتماهت المقاومة مع الكاميرا حتى بات يصعب التمييز بينهما، وقد اختار السيد نصر الله أن يكون أبا مصطفى المراسل الشاهد!
وبدءًا من ذلك التاريخ يحق للمقاومة أن تعلن قبل كل رسالة ميدانية ".. و ينضم إلينا من دير الزور موفدنا..أبو مصطفى !".