ارشيف من :نقاط على الحروف
جدل في تونس حول قانون المصالحة
تعيش تونس على وقع جدل واسع بشأن جملة من مشاريع القوانين أحدها صادق عليه مؤخرا مجلس نواب الشعب يتعلق بالمصالحة مع منتفعين بالمال العام من العهد السابق، أو بمتورطين في تسهيل حصول متنفذين من مسؤولي الدولة أو أقارب الرئيس الأسبق على المال العام. ويقوم القانون في عمومه على اعتبار أن بعض موظفي الدولة كانوا مكرهين على انتهاج ذلك السلوك باعتبار قلة حيلتهم أمام أصحاب النفوذ وبالتالي يمكن أن يتم إسقاط تتبعهم قضائيا إذا اعترفوا بجرمهم وأرجعوا ما تم نهبه من المال العام.
وفي حين ساندت حركة نداء تونس هذا القانون وكذا شريكتها في الحكم حركة النهضة وباقي أحزاب الائتلاف الحاكم، تصدت المعارضة للقانون بشراسة وعارضته وهددت باللجوء إلى الشارع. ولكن المصادقة على القانون تمت بالنهاية باعتبار امتلاك النداء والنهضة للأغلبية البرلمانية وهو ما جعل الحزبين الكبيرين محل انتقادات واسعة.
قانون الرئيس
ويعتبر جل أطياف المعارضة أن هذا القانون هو بالأساس قانون "سيد قرطاج" الباجي قائد السبسي الذي يرغب برأيها في حماية الفاسدين من رموز النظام السابق باعتباره امتدادا لهذا النظام. فقد شغل الباجي مناصب عدة في زمن بورقيبة حيث كان مديرا عاما للأمن الوطني ووزيرا للدفاع والداخلية والخارجية ونائبا في البرلمان الذي ترأسه في السنوات الأولى لحكم زين العابدين بن علي، ثم أصبح رئيسا للحكومة بعد الإطاحة بنظام بن علي، فرئيسا للجمهورية بعد انتخابات 2014.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بشأن مسار العدالة الانتقالية الذي تشرف عليه هيئة "مستقلة" تسمى هيئة الحقيقة والكرامة؟ ألا تتعارض هذه التسويات التي جاء بها هذا القانون مع اختصاص هيئة الحقيقة والكرامة المطالبة بكشف الحقائق ودفع المذنبين إلى الاعتذار وتعويض الضحايا وإصلاح أجهزة الدولة حتى لا تتكرر الانتهاكات السابقة؟ في الحقيقة يرى البعض أن هذا القانون هو رد فعل طبيعي على عدم حيادية هيئة الحقيقة والكرامة وعدم الثقة في رئيستها التي كانت معارضة لبن علي واعتمدت سياسة الكيل بمكيالين وحاولت فرض نظرتها للنظام السابق على عمل الهيئة ما جعل أبناء المنظومة السابقة يردون الفعل.
غضب
لقد صبت المعارضة اليسارية ومعها جماعة المرزوقي والأحزاب المنشقة عنه جام غضبها على حركة النهضة واعتبرتها خائنة للعهد ومتصالحة مع نظام بن علي باعتبار أن نوابها صوتوا لصالح القانون المثير للجدل. حتى أن البعض علق بما مفاده أنه لو أعاد النظام السابق النهضويين إلى السجون لن يجدوا من يدافع عنهم مثلما كان الحال في السابق، واعتبر هؤلاء أن الحركة مدت يدها إلى ذئاب ستغدر بها إن عاجلا أم آجلا.
بالمقابل يرى كثير من أبناء حركة النهضة أن هذا القانون سيفتح الباب على مصراعيه للسلم الأهلي ولمصالحة حقيقية في تونس بين القديم والجديد. وللإشارة فإن أقلاما كثيرة تحدثت عن صفقة بين الباجي وحركة النهضة يقبل من خلالها النهضويون بقانون المصالحة مقابل غض الطرف على تورط بعضهم في الإرهاب وفي شبكات تسفير الشباب التونسي للقتال في سوريا وغيرها.