ارشيف من :آراء وتحليلات
زيارة خليفة حفتر إلى تونس تكسر الجليد ولا تنهي الجدل
يقوم اللواء الليبي خليفة حفتر قريبا بزيارة إلى تونس هي الأولى له منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي وسط جدل تونسي واسع بين الرافضين لهذه الزيارة والمرحبين بها. ويأتي حفتر إلى تونس قادما من دولة إفريقية للتشاور بشأن الملفات ذات المصلحة المشتركة وعلى رأسها الملف الليبي الذي أرق مضاجع التونسيين بحثا عن حل طال انتظاره.
والحقيقة أن التونسيين منقسمون بشأن الموقف من خليفة حفتر، فالنهضويون وسائر المحسوبين على الحركات الإخوانية يناصرون نظراءهم في ليبيا الذين هم في عداء مع حفتر. أما الطيف "الحداثي" وأبناء التيار الوطني فيتعاطفون مع حفتر من منطلق "مكره أخاك لا بطل" باعتبار أن اللواء الليبي نسبت له في السابق تصريحات مسيئة لتونس جاء فيها ما مفاده أن ليبيا تقع بين دولتين فقيرتين هما تونس ومصر يطمعان في ثرواتها.
زيارة حفتر تبدو لكسر الجليد وتقريب وجهات النظر بين الجارين
كسر الجليد
وتتهم تونس الرسمية من قبل أنصار حفتر بأنها تقف في صف إخوان ليبيا ضد اللواء الذي تسانده مصر والإمارات والأردن بالإضافة إلى قوى كبرى متناقضة في مصالحها على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا. وقد تهجم مسؤولون ليبيون موالون لخليفة حفتر في مرات على تونس ونظامها السياسي واتهموها بدعم "الإرهابيين" في الغرب الليبي. ولعل اشهر هؤلاء المسؤولين الوزير في حكومة طبرق عمر القويري الذي كاد يتسبب في أزمة بين البلدين.
لذلك فإن زيارة حفتر تبدو زيارة لكسر الجليد وتقريب وجهات النظر بين "الإخوة الأعداء" بعد سنوات من الجفاء. ويبدو ايضا أن تونس عازمة على أن تكون فاعلة في الملف الليبي وأن تلعب دورها الحقيقي الذي مارسه المغرب من خلال احتضان حوار الليبيين في مدينة الصخيرات.
ويشار إلى أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد صرح في وقت سابق بأن خليفة حفتر سيأتي إلى تونس إن عاجلا أم آجلا وذلك في فترة كان فيها الأخير يمتنع عن زيارة الخضراء بتعلات واهية. كما أكد الباجي أن حوار الليبيين في الصخيرات لن ينجح في حل الأزمة المستفحلة في ليبيا دون أن يوضح الأسباب.
طرفان متنافران
وفي هذا الإطار يعتبر محمد درغام الباحث في المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق أن "زيارة حفتر إلى تونس تكتسب أهمية بالغة باعتبارها لقاء بين طرفين متنافرين". ومن المؤكد برأيه أن "لقاء الباجي مع حفتر سيكون صريحا ودون مقدمات أو رمي ورود وقد يساهم في إذابة الجليد بين الطرفين لما عرف عن الباجي من حنكة ودهاء سياسي وتطويع موروث عن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وهو الأمر الذي يفتقده خليفة حفتر".
ويختم محدثنا قائلا:" يبدو أيضا ومن خلال استقبال خليفة حفتر أن تونس الرسمية أصبحت مدركة لموازين القوى في ليبيا وهي التي تغافلت عنها كثيرا في السنوات الماضية، وأثر تعاطف حركة النهضة مع إخوان بلد عمر المختار على القرار السياسي التونسي بشأن ليبيا. لكن المتغيرات التي حصلت في ليبيا فرضت نفسها ولم يعد بالإمكان استمرار تجاهلها".