ارشيف من :ترجمات ودراسات
دائما ستكون لنا إيران
افتتاحية "يديعوت أحرونوت"
في وقت ما، من دون أن يزعج أحد نفسه بسؤال "ما هو سبب الضجة؟"، جعل بنيامين نتنياهو خطابه جزءاً من التقويم "الإسرائيلي". أحد أعياد تشرين العبري، لدينا رأس السنة العبرية، يوم الغفران، عيد العرش، فرح التوراة ويوجد "خطاب نتنياهو". وكلها تتمتع بقيمة لاهوتية متطابقة تقريباً.
مسألة ما الذي سيقوله رئيس الحكومة في الأمم المتحدة، كما لو أن مستقبل المشروع الصهيوني يعتمد على خطابه، لم تشغل وسائل الإعلام بمثل هذا الهوس في أيام غولدا مئير، رابين، بيغن، شامير، بيريس، ورابين مرة أخرى، وبراك، وشارون أو أولمرت. ولا حتى قبلهم.
حتى اللقاءات مع الرؤساء الأميركيين أصبحت لعبة واقعية لدى نتنياهو. بين عامي 2009 و2016. كان الأمر يتعلق بمسألة "توقع مدى سوء الاجتماع مع أوباما"، ومنذ انتخاب ترامب، اصبح السؤال، بطبيعة الحال، هو "إلى أي مدى سينجح رئيس الوزراء في إقناع ترامب" اكبر صديق لإسرائيل منذ خراب الهيكل، "بإلغاء الاتفاق النووي مع ايران بشكل مطلق او اجراء تعديل ملموس، وعدم ارباك دماغ اسرائيل في موضوع الفلسطينيين ".
لدى رؤساء الوزراء السابقين، كانت الاجتماعات - حتى عندما ترافقت بعدم التفاهم أو بالاحتكاك - مثيرة، غالبيتها ودية (باستثناء بيغن وكارتر) وتستند إلى الثقة والمصداقية وحسن النية. لكن لدى نتنياهو، فقط، يعتمد مصير الأمة على حقيقة الاجتماع، الذي يعتبر دائما تاريخي.
لقد تحول خطاب الأمم المتحدة لدى نتنياهو من حدث لا معنى له، الى جوهر المستقبل الصهيوني: نتنياهو يخدع الجمهور ووسائل الإعلام وكأنه أحد القادة الذين يحركون العالم، يحرك الدول، يلغي الاتفاقات، يرسم الجغرافيا السياسية ويصمم استراتيجية عليا للعالم بأسره. في أي دولة اخرى في العالم، تنشغل وسائل الاعلام طوال ثلاثة أيام بما سيتضمنه الخطاب؟ بريطانيا؟ اليابان؟ تشيلي؟ نيجيريا؟ بالنسبة لها هذا مجرد خطاب.
يمكن الحكم وتحويل رسائل من خلال الخطابات، مثل تشرشل، فقط إذا اقترن ذلك بعمل سياسي، بالشجاعة وليس مجرد فقرات حاسمة حول مستقبل الكرة الأرضية إذا لم يقم العالم بمعالجة إيران.
في غياب أجندة سياسية، يعود نتنياهو إلى إيران. دائماً ستكون لدينا إيران. في الدفاع عنه ولصالحه، يؤمن بشكل كامل وباقتناع داخلي عميق بقوة ونطاق التهديد الاستراتيجي الإيراني. إيران تؤثر على مفهومه للقضية الفلسطينية، واقتناء الغواصات، والعلاقات مع روسيا والولايات المتحدة. هذه هي عقيدته عندما يتوجه إلى الناخبين منذ عام 2009، وبقيت كما هي حتى بعد هزيمته في محاولته الخرقاء وغير الذكية لإحباط الاتفاق في عام 2015، بما في ذلك الخطاب في الكونغرس من وراء ظهر الرئيس أوباما.
لكن الدراما هذه المرة، مصطنعة. صحيح أنّ ترامب لا يحب الاتفاق. لكن وزير "الدفاع" ماتيس ومستشار "الامن القومي" مكماستر ورئيس الطاقم كيلى – ثلاثتهم جنرالات - لا يفكرون في الغاء الاتفاق. وبشكل عام، فإن الادعاء الواهي بأن الولايات المتحدة سوف تنسحب من الاتفاق – من خلال امتناع الرئيس عن المصادقة عليه مجددا في 15 تشرين الأول – هو ادعاء مضلل. لن يتم الغاء الاتفاق، وما يمكن لنتنياهو عمله، بهدوء وبدون تباهي لا لزوم له، هو خلق ضغط لتغيير السلوك الإقليمي الخطير لإيران. هذا ليس جزءاً من الاتفاق، ولكن هناك يكمن جدول الأعمال المشترك مع الولايات المتحدة. وهذا لا يتم عمله بالخطابات من أجل اثارة اعجاب دافيد بيتان.