ارشيف من :نقاط على الحروف
جمال الخاشقجي ’ينضم’ الى المعارضة السعودية.. ويطلب ’الرأفة’!
تزخر مسيرة الصحفي السعودي جمال خاشقجي بالعديد من المواقف المثيرة للجدل، فالرجل الذي التقى أسامة بن لادن عدة مرات قبل هجمات 11 سبتمبر، لم يكن يوماً "سلفياً" ولا من داعمي العلاقة التاريخية بين كرسي آل الشيخ الديني وعرش آل سعود الملكي، لكنه كان ولا يزال وعلى الدوام واحداً من أشد المدافعين عن "العائلة الحاكمة" وعما يحلو له أن يسميه "حزب الحق والوطن وقال الله وقال الرسول"، وهذا حزب يحتمل الكثير على اتساع نطاق من يمكن أن يضمهم، ويضيق أحياناً إلى درجة لا يمكنه احتمال رأي صحفي مخالف.. فيطرده كما اشتهر عن الخاشقجي في الأوساط الصحفية السعودية.
الخاشقجي خدم من خلال مهاراته الإعلاميةولسنوات "النظام والعائلة"
جديد الخاشقجي هذه الأيام، مقالة في صحيفة "واشنطن بوست"، وصف فيها حملات القمع والترهيب التي تقودها المملكة حاليًا بـ"الأمر المروع والغريب والمتناقض.. ولم يشهد المجتمع السعودي مثله من قبل"، ومن قبل هذه التي ختم بها الكاتب السعودي جملته "مروعة وغريبة ومتناقضة" أيضاً.. إذ إن الكاتب السعودي فاته أن السجون السعودية مليئة بالعديد من "الدعاة والمشايخ والأكاديميين والمعارضين وحتى بعض الموالين الذين طالتهم الاعتقالات الأخيرة كما طالت غيرهم.. من قبل".
الإعلامي المغرد وصاحب الحساب الناشط على "تويتر"، لم يكن يوماً معارضاً لنظام الحكم في السعودية، ولا جاهر حتى بمعارضته لبعض الممارسات كما أكد في مقالته "حرصاً على بيته وعائلته ووظيفته"، وهو الذي طرد في العام 2003 ثم في 2010 من عمله كرئيس تحرير في صحيفة "الوطن" السعودية ولم يعترض، بل عاد وعمل مستشاراً للأمير تركي الفيصل خلال توليه منصب سفير المملكة في لندن وواشنطن.
الخاشقجي، المدير العام لقناة العرب الإخبارية، التي أطلقها الأمير السعودي الوليد بن طلال وبدأ بثها سنة 2015م، ليوم واحد فقط، قبل أن يتم اسكاتها، رفع الآن صوته وأعلن معارضته، واصفاً المملكة بأنها الآن لا تطاق، مضيفاً "لم تكن السعودية دائمًا بمثل هذا القمع"، ليبرر خروجه منها واطلاقه مواقفه من قلب "واشنطن" التي لطالما اتهمه البعض بالاستقواء بعلاقاته فيها، خاصة الإعلامية منها.
قد تطرح مقالة الخاشقجي العديد من التساؤلات حول "سر انقلاب" الرجل المقرب من ولي العهد السابق، وزير الداخلية محمد بن نايف، في هذا التوقيت، وسر المواقف والتوصيفات التي تضمنها مقاله، "الغريبة" عن قاموسه "الانتقادي" الذي لطالما تميز بحسن اختيار المفردات والعبارات التي لا تطال "النظام" أو "العائلة" أو "صناع القرار" كما هي الحال مع خالد التويجري الذي غالباً ما اتُّهِم الخاشقجي بمحاباته وتنفيذ أجنداته "اعلامياً" ولسنوات طويلة، خاصة في التصويب على "معارضيه" أو الأصوات التي كانت ترتفع في مواجهة تفرده واحتكاره لمفاصل القرار في الديوان الملكي أواخر عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
لكن السؤال الأهم والأكثر الحاحاً الآن، هو سؤال في التوقيت والمضمون، فـ "هل حقاً أصبح الخاشقجي معارضاً"؟ وإذا كانت انتفاضة الرجل حقيقية ضد "نظام القمع.. الذي لا يطاق"، فلماذا واصل سياسة الرسائل الودية تجاه محمد بن سلمان حين وصفه "بالزعيم الشاب ذي الكاريزما، صاحب الإصلاحات التي طال انتظارها وصاحب الشعبية الكبيرة"، ولماذا يصر بعد الضجة التي أثارها مقاله على مطالبة المعارضين بالصمت وعدم تعريض أنفسهم للاعتقال؟ وأي معارضة تلك التي يدعو اليها تحت شعار "الزموا الصمت" والالتفاف حول القيادة؟
وهل كان الخاشقجي ومقاله "الإنكليزي" (بعد حذف واشنطن بوست النسخة العربية)، مجرد صندوقة رسائل شخصية طمعاً بعفو لما طاله من تضييق وحظر من التغريد وإلغاء لعموده الصحفي في جريدة الحياة وتهديدات بما هو أكثر.. أم أن صندوق الرسائل هذا يتسع ليشمل رسائل متنوعة ومتعددة من معارضين آخرين، لاحتكار محمد بن سلمان للسلطة وسعيه الحثيث للوصول الى العرش؟ وهل لعلاقة الخاشقجي المميزة مع بن نايف والتويجري وغيرهما تأثير على مضمون ومحتوى الرسائل التي تضمنها المقال؟
«منذ سنوات تألمت للقبض على أصدقائي، ولم أقل شيئًا حينها؛ لم أرد أن أفقد وظيفي أو حريتي، كنت قلقًا على عائلتي»، بهذه الكلمات العاطفية ختم جمال الخاشقجي مقاله، فهل كانت مقالته مجرد مقالة مثيرة للجدل ومستثيرة للرأفة ولفتاً لنظر "أولي الأمر" من خلال استعراض مهاراته الإعلامية التي خدم من خلالها ولسنوات "النظام والعائلة".. من العاصمة الأميركية وبالإنجليزية هذه المرة؟