ارشيف من :نقاط على الحروف
ماذا يريد ترامب من لبنان !
ماذا تريد واشنطن من لبنان؟ سؤال يطرح نفسه بعد تصريحات سيد الادارة الأميركية دونالد ترامب من على منبر هيئة الامم المتحدة. ولعل السؤال بصيغته المفتوحة يصبح مبرراً لأن لواشنطن "أصدقاء" و"أتباع" في لبنان إذ أن شظايا المواقف الترامبية طالت هؤلاء قبل أن تطال من تصنفه واشنطن عدواً لها وهو حزب الله.
حديث ترامب عن توطين النازحين السوريين في الأماكن القريبة من بلدهم، دعوة لاقت رفضاً لبنانياً رسمياً وشعبياً وأعادت احياء هواجس قديمة لدى اللبنانيين كانت واشنطن دائماً عراباً لمشاريع تنتهي بالتوطين خدمة لاسرائيل ومن اجل تصفية القضية الفلسطينية. واللافت أن الدعوة الأخيرة ارفقت بمساواة حزب الله بداعش والقاعدة المصنفتين ارهابيتين وفق قرارات دولية.
وإذ كان هذا التصنيف الأميركي لحزب الله ليس جديداً، لا بل إن واشنطن أشارت أكثر من مرة تصريحاً أو تلميحاً إلى تفوق حزب الله على المنظمات الاخرى في ما تصفه بـ"الارهاب" ظلما وعدواناً، إلا أن إعادة طرحه على لسان ترامب يشبه قرع طبول حرب إعلامية وضجيجاً صوتياً أتقنه ترامب منذ توليه السلطة فهو يصدر ضجيجاً عالياً فيما تظهر إدارته عاجزة في أكثر من مكان في المنطقة والعالم وتفتقد ريادتها في التحكم بزمام الأمور سواء في سوريا أو العراق بعدما أصبحت لاعباً بين متساوين .
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
وتأتي تصريحات أبو إيفانكا لتتوج سلسلة خطوات منسقة بين مثلث الشر الأميركي السعودي الإسرائيلي الذي يبدو أنه ضاق ذرعاً بعد الضربات الموجعة للمشروع التفتيتي في سوريا والعراق والهيمنة على لبنان واقتراب دفن ورقة داعش التي استخدمت أيّما استخدام لمصلحة هذا المشروع منذ سنوات، وبرزت هذه الخطوات وبشكل واضح من خلال:
ـ العمل على تشديد العقوبات المالية على حزب الله وتجفيف مصادر تمويله وتوسيع القانون ليطال المتعاملين من الحزب وهو ما دفع الحكومة إلى اللبنانية إلى محاولة فصل الاجراءات والعقوبات ضد حزب الله عن لبنان واللبنانيين، وضرورة عدم تأثيرها السلبي على القطاعين الإقتصادي والمالي.
ـ في الوقت الذي كان لبنان يترقب حزمة العقوبات الأميركية ضد حزب الله، بدأ العمل برعاية سعودية لاتخاذ اجراءات عقابية جديدة من دول الخليج بحق لبنان بالتزامن مع تحريك ملفات أمنية وقضائية في أكثر من دولة خليجية ضد خلايا تقول إدارة هذه الدول أنها مدعومة من حزب الله وترمي إلى زعزعة الامن والاستقرار فيها.
ـ على الجانب الاسرائيلي، كان الترحيب بفرض العقوبات الأميركية على حزب الله ودعوة كي تكون هذه العقوبات "شالة" لقدرات الحزب علها تقي "اسرائيل" شر التورط في حرب على الحزب بذريعة "تعاظم قوته بعد الحرب في سوريا" وانتصار محور المقاومة في الحرب على الارهاب. وكان التلويح امكانية شن حرب شاملة على حزب الله كالبورصة يصعد ويهبط ربطا بما يجري من تطورات ميدانية وسياسية من دون ترجيح كفة خيار الحرب لانه ليس في مصلحة "اسرائيل" وحلفائها.
ـ الحرب الاعلامية الضروس على حزب الله من قبل "اتباع" واشنطن وعملائها سواء في لبنان أوفي الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية ـ لا ينطبق عليهم وصف حلفاء ـ بعد سلسلة الانتصارات التي حققها حزب الله في عملية جرود عرسال ضد جبهة النصرة ولاحقا في عملية و"إن عدتم عدنا" ضد تنظيم داعش ثم انتصارات البادية وإيعازها لمريديها بالعزف على وتر التفرقة بين الجيش والمقاومة والتشديد على اشتراط عدم التنسيق بين الطرفين لكسر ثلاثية الجيش والمقاومة والشعب لحماية لبنان من الاطماع الاسرائيلية والتكفيرية.
هذا الخطوات المتدحرجة والمنسقة بين أضلع مثلث الشر وعلى رأسه إدارة البيت الأبيض ترمي إلى تحقيق عدة اهداف:
ـ محاولة محاصرة حزب الله وعزله محلياً وعربياً عن بيئته اللبنانية.
ـ توجيه رسالة الى البيئة اللبنانية الحاضنة لحزب الله بأن خيارتها في تأييد حزب الله من شأنه ان يعرضها لدفع الثمن وتحميلها مسؤولية اتخاذ هذه الخيارات.
ـ رسالة الى الاطراف السياسية المناهضة لحزب الله كي تنفض الغبار عن طروحاتها وتتوحد لمواجهة حزب الله تمهيداً للاستحقاقات المقبلة.
ـ الايحاء بأن عدم تحرك اللبنانيين قد يدفع "إسرائيل" الى شن حرب شاملة على لبنان وحزب الله خصوصاً أن التطورات الاقليمية والحرب في سوريا تجري بما لا تشتهي سفن واشنطن ومعها "اسرائيل" وحساباتها خاضعة لميزان جوهرجي دقيق يحسب الف حساب قبل اطلاق مواقف تقرع طبولاً فارغة الا من الهواء كما يفعل الرئيس الاميركي.