ارشيف من :نقاط على الحروف

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم: حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم:
حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء

هدى رحمة
أن يجاهد الإنسان فتلك كرامة، وأن يستشهد فهي الكرامة الكبرى، وأن يوفَّق لبركاتٍ قبل، وحتى بعد شهادته، فهنا فيوضات كرامات إضافية، لإنسانٍ حتماً، ليس بعاديّ.
هو حسن نصر الله، من اختار لنفسه اسم عباس، وليس عبثاً اختاره، هو اصطفى اسماً لمن عشق بروحه وجوارحه، وهو سليل آل بيت محمد الأطهار.

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم:
حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء
الشهيد المجاهد حسن نصر الله "عباس"


من يعرف حسن نصر الله يدرك تماماً أنه عاش حياته حتى ما بعد الرمق الأخير على أن "كل يومٍ عاشوراء، وكل أرضٍ كربلاء". حتى في مجالسه الاجتماعية العادية، وحتى في غير مناسبة عاشوراء، كان كثيراً ما يرتدي عصبات كربلائية. حمل في قلبه واقعة كربلاء، لم تفارقه، ومشاهدها لم تغب عن باله.
لطالما كان يدعو الشهيد حسن نصر الله أن تكون شهادته مواسيةً لشهادة الحسين أو العباس عليهما السلام. وفي وصيته أكد أن "نحنا ما بدنا نحمل شعار ع الفاضي، نحنا لازم نكون فعلاً معهن".
هو حفيد آل بيت محمد، وحامل مظلوميتهم وأحزانهم وقضيتهم ورسالتهم "كيف بدنا نواسي أهل البيت بدنا نكون متلن، متل ما استشهدوا، متل ما قاتلوا"، من قلبٍ صادقٍ عارفٍ راغبٍ خرجت هذه العبارات، وإنَّ لله رجالاً إذا أرادوا أراد.
هو الذي سمع نداء الحسين عليه السلام، فنذر نفسه ليكون من أنصاره. شارك في حرب تموز، على الرغم من صغر سنه، ومع بداية معركة الدفاع المقدس، سرعان ما هبَّ للذود عن مقام الحوراء زينب عليها السلام. أينما ينادِه جده الحسين عليه السلام يسمع النداء، ويولِّ وجهه، أنفاسه كربلائية، قلبه حسينيّ، ونبضه عباسيّ.
وحين جمع حقده جيش أحفاد يزيد، وأراد أن يمحو أثر من استشهد لاستقامة دين جده محمد، ودنسوا أرض العراق، سمع نداء الحسين والعباس، أن هذه مقاماتنا، مقصد زوارنا، من تهفو إليها أفئدة العاشقين، فأعدّ العدة: قلب حسينيّ، ونبض عباسيّ، وبأس علويّ.. وهاجر إلى موطن عشقه، ومرسى فؤاده، سحرته المقامات، وعطرها وهيبتها، هنا سفينة النجاة! هنا شاطىء الأمان! هنا تحلو مناجاة آل بيت بيت الأطهار. هنا كربلاء!

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم:
حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء
حيث كان يهفو قلبه


وصار يُخطط ويُجهِّز، ومثل أي مجاهدٍ صادق، لا يهمه سهرٌ ولا تعب، فالهدف تطهير أرض العراق من أي رجس، والذود عن مقامات آل بيت محمد، من استشهدوا لاستقامة دين محمد، وفي سبيل الدين، تُبذل الأرواح والدماء.
برز اسم الشهيد المجاهد حسن نصر الله "السيد عباس" في العراق كواحد من المجاهدين والمخططين ذوي البأس الشديد. تنقّلَ بين المناطق، خبِرَها، وتابع بدقة كل جديد وكل تحرك لداعش. صار خبيراً بكل ما يجري هناك، أتقن فن الحرب معهم، وعرف نتيجة المعركة، هو النصر كما وعد الله.
في أحد التسجيلات الصوتية للشهيد السيد عباس قال: "والحمدلله إنجاز "أمرلي" هوي اللي رح يكسرن ضهرن لداعش". وللعلم فإن مدينة آمرلي الواقعة ضمن محافظة صلاح الدين هي أول مدينة تمكن الحشد الشعبي والجيش العراقي من فك الحصار عنها واستعادتها، بعد حصار قاسٍ دام 80 يوماً تضمن قطع الكهرباء والمياه عن المدينة، فكان تحريرها بداية العزيمة للاستمرار وتحرير باقي المناطق في العراق.

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم:
حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء
في مقام أولاد مسلم في المسيب


وفي كربلاء، يحلو طلب الشهادة من سيد الشهداء، ومن عين الزهراء، كافل زينب العباس، زار المقامين الشريفين في يوم جمعة مباركة، وفي مقام العباس عليه السلام كانت الحكاية، دعا أن تكون شهادته نفس شهادة أبي الفضل العباس، خرج من المقام ضاحكاً مستبشراً، واثقاً أسرّ لصديقه "إجت الموافقة، وصلت البشارة، رح استشهد."
وبعد يومين من البشرى، في الرابع عشر من شهر أيلول عام 2014، وبقلبٍ صلب، ثبت في الأرض قدمه، أعار الله جمجمته، والوجهة كانت منطقة "جرف الصخر"، ومنطقة "جرف الصخر" كان لها أهمية قصوى في المعركة، كما في نفس وعقل الشهيد السيد عباس، الذي حسم أنه "لن يعود إلى لبنان قبل أن تتحرر منطقة جرف الصخر".
أهمية "جرف الصخر" هي أنها تقع جنوب غرب مدينة بغداد وتبعد عنها مسافة 45 كلم، وهنا أهميتها على صعيد حماية العاصمة بغداد، كما تبعد عن مقام الإمام الحسين عليه السلام والذي يقع جنوب غربها حوالي 35 كلم، وتقع "جرف الصخر" شمال مدينة المسيّب والتي تتضمن مقامات مقدسة وتبعد عنها 15 كلم. فهنا تكمن أهميتها القصوى على صعيد حماية المقامات المقدسة القريبة منها جداً.
وكما قال الشهيد السيد عباس في أحد مقاطع الفيديو: "أتى الموت ونحن أسياد النزال، في ساحات الوغى نحن أسياد النزال".. كان سيد النزال في المعركة. لم يكن مطلوباً منه أن يكون في المقدمة، لكنه أصرّ على ذلك مبرراً بأنه يعرف المنطقة، وكيف لا يكون كذلك وهو يدافع عن مقام جده الحسين عليه السلام وعمه العباس عليه السلام. وكان فدائيّ الكتيبة، انفجر لغم كان تنظيم داعش قد زرعه، فكانت الشهادة، في قرية البحيرات ضمن منطقة "جرف الصخر"، ورمى وهج انفجار اللغم جثمان الشهيد إلى نهر الفرات، فتغسل الجثمان الطاهر فور الشهادة بماء الفرات.
ودارت المعركة، وبالإضافة إلى هدف ربح المعركة، صار هدف المجاهدين أيضاً استعادة الجثمان كي لا يأسره تنظيم داعش وهذا ما كان يستشرس إليه.
وصل المجاهدون إلى الجثمان، رفعوه من نهر الفرات، وكانت تتمة الحكاية، اليدان مقطوعتان، يدٌ من العضد، ويد من الزند، وقدم مقطوعة، وقدم مهشمة، ووجهٌ مهشم، فهو عباس!..

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم:
حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء
كان سيد النزال في المعركة وبرز دوره في أكثر من معركة في العراق

 

وعاد عباس شهيداً زائراً سيديه الحسين والعباس عليهما السلام، طاف في مقاميهما محمولاً على أكتاف الرفاق، ليعود ويزور مقام انيس النفوس علي بن موسى الرضا عليه السلام، وبعدها مقام عمته الحوراء زينب عليها السلام، من كان من أول المدافعين عن مقامها الشريف، وبعدها، المحطة الأخيرة، كان عرساً ينتظره في بلدته البازورية، وكان المحبون بالورد والأرز والزينة ينتظرون عريسهم البطل الشهم الأشمّ، لتكون روضته المباركة مزار الأحرار والأوفياء.
بعد أيام من الشهادة، وجد المجاهدون في العراق قدم الشهيد المقطوعة، وبقيت القدم هناك، فكان لها ضريح في مقام محمد بن عقيل في مدينة المسيّب.

حمل الى العراق بشارة النصر الحاسم:
حسن نصر الله الذي استشهد عند أعتاب كربلاء
من يعرف الشهيد حسن نصر الله يدرك تماماً أنه عاش حياته
حتى ما بعد الرمق الأخير على أن "كل يومٍ عاشوراء، وكل أرضٍ كربلاء"


في أجواء أربعين الشهيد حسن نصرالله، وفي شهر محرم، وأيام الحسين عليه السلام، قام الحشد الشعبي والجيش العراقي بهجوم قوي سمي بـ"عمليات كربلاء"، استعادوا خلاله منطقة "جرف الصخر" التي صار اسمها "جرف النصر"، وهي المنطقة الوحيدة في العراق التي تغير اسمها نظراً لأهميتها القصوى.
وكرّت سبحة الانتصارات التي زرعت حلقاتها تدريباً وتخطيطاً كفّا عباس، وبعد ثلاث سنوات، كانت هزيمة داعش في العراق، تحررت الموصل من أيديهم، أضغاث أحلامهم بعاصمة دولة الخلافة، فسقط مشروعهم الخبيث، وفي كل نصرٍ كان وجه عباس يضيء، وكفّه تحملان دماء من استشهدوا.

2017-09-26