ارشيف من :آراء وتحليلات

المغرب واستفتاء تقرير المصير في كتالونيا

المغرب واستفتاء تقرير المصير في كتالونيا

 

بدا الموقف الرسمي المغربي غامضاً بشأن استفتاء تقرير المصير الذي أجري في كتالونيا، واستعمل فيه الأمن الإسباني العنف لمنع الكاتالان من الإدلاء بأصواتهم. جل الخبراء والمحللين يفسرون الموقف المغربي بعدم رغبة الرباط في خسارة أي من الطرفين سواء الإسبان أو القوميين الكاتالان الراغبين في الخروج عن سلطة مدريد خاصة وأن المغرب في تماس مع شبه الجزيرة الإيبيرية بمختلف مكوناتها ولديه جالية كبيرة هناك قد يؤثر أي موقف غير محسوب العواقب على معاملة هذه الجالية لدى الجيران الشماليين.

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي قد صرح بما مفاده أن المغرب يدعم موقف الحكومة الإسبانية ضد الاستفتاء الذي جرى في إقليم كتالونيا. لكن سرعان ما أكد طرف حكومي آخر لاحقاً أن تصريحات الخلفي ليست موقفاً رسمياً مغربياً، ما يعني ضمنياً بأنها تلزمه وحده دون سواه، رغم حديث الخلفي باسم حكومة بلاده.

قضية الصحراء

ويبدو أن تصريحات الخلفي غير المحسوبة -وبحسب محللين- سببها الخشية من أن يشجع إجراء هذا الاستفتاء الكاتالاني الصحراويين على التصعيد لإجراء استفتائهم المعطل منذ عام 1992 تاريخ وقف إطلاق النار بين المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو". ورغم أن الوضعيتين غير متشابهتين تماماً باعتبار أنّ كل أراضي إقليم كتالونيا هي تحت السيادة الإسبانية، في حين أنّ المغرب لا يسيطر على كل أراضي الصحراء الغربية، وهناك أراض تقبع تحت سلطة البوليساريو ويسمونها أراضي محررة، إلا أن هذه النزعات التحررية التي يشهدها العالم ستؤثر حتماً على نزاع الصحراء الغربية، بحسب تأكيدات جل العارفين.

 

المغرب واستفتاء تقرير المصير في كتالونيا

المغرب واستفتاء تقرير المصير في كتالونيا

 

وفي هذا الإطار، تؤكد النانة الرشيد الناشطة الحقوقية والسياسية الصحراوية في حديثها لموقع "العهد" الإخباري من تندوف أنّ" الصحراويين المقيمين في مخيمات تندوف الجزائرية ضاقوا ذرعاً من أوضاعهم المعيشية المزرية وقد حرك فيهم الاستفتاء الحاصل في كتالونيا الأمل رغم عدم إلزاميته، وسيدفع بهم إلى مزيد من التحرك مستقبلا لإجراء استفتائهم الذي طال أمد انتظاره وطالت معه معاناة اللاجئين الصحراويين في الشتات".

وبحسب الرشيد، فإنّ الكاتالان في "بحبوحة" من العيش ورغم ذلك تحركوا لشعورهم بالتمييز، فما بالك بالصحراويين في المخيمات الذين يعيشون في طبيعة قاسية ترتفع فيها درجات الحرارة مع ندرة المياه في الصحراء، إضافة إلى الفقر المدقع بسبب انعدام الموارد باستثناء المعونات التي تأتي من أهل "البر والإحسان" في هذا العالم إلى خيام صُنعت إما من القماش أو من الطين الذي ينهار على ساكنيه عند هطول الأمطار.

حيرة مغربية

ويعتبر صبري الثابتي الباحث في المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن" المغاربة في حيرة من أمرهم بشأن ما يحصل في جوارهم الشمالي الأوروبي، لأنّ موقف الأحزاب الإسبانية -خاصة التي تتداول على الحكم- من قضية الصحراء مسألة في غاية من الأهمية بالنسبة لهم".
 
لذلك، فإنّ الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية دعم في البداية موقف الحكومة الإسبانية الرافض للانفصال حتى لا يخسروا إسبانيا ومن ورائها المفوضية الأوروبية الرافضة لانفصال كتالونيا.

ويضيف الثابتي قائلاً "بالمقابل فإنّ للقوميين الكاتالان الراغبين في الانفصال وزنهم أيضًا، كما أن لديهم أحزابا ونشطاء مساندين لحق الصحراويين في تقرير المصير ولا يبدو أن للمغاربة الرغبة في الدخول معهم في صدامات تزيد من وتيرة دعم هؤلاء للبوليساريو، كما أن في إقليم كتالونيا جالية مغربية هامة وهناك تعاون كبير بين الحكومة المحلية في كتالونيا وبين المغرب ويخشى أن تتضرر هذه العلاقات وأن يؤثر الموقف الداعم لإسبانيا على معاملة الكتالونيين للمغاربة الذين يعيشون على أرضهم".

ويتابع المتحدّث "لا يجب تجاهل حقيقة أنّ العلاقات المغربية-الإسبانية في حالة سيئة بسبب ملفات عديدة مثل الهجرة والجزيرة المغربية الواقعة قبالة مدينة الحسيمة المغربية التي أقام عليها الجيش الإسباني تعزيزات، وأيضاً ملف مفاوضات تجديد الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي توجد فيه أطراف إسبانية تدعم من موقف "البوليساريو" الذي يسعى على أن لا يشمل هذا الاتفاق الأراضي الصحراوية الواقعة تحت سلطة المغرب والتي يعتبرها أراض محتلة. كل هذه الملفات قد تدفع المغرب الى التريث والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الكاتالان ليكونوا ورقة ضغط في اللحظة المناسبة".

2017-10-06