ارشيف من :آراء وتحليلات
تحرير صبراتة الليبية والمنافسة بين حفتر والسراج
مثّل تحرير صبراتة الليبية من الجماعات الإرهابية حدثاً بالغ الأهمية في ليبيا وجوارها، باعتباره خطوة هامة في سبيل استقرار هذا البلد الذي يعيش حالة من الفوضى منذ عام 2011. الحدث يكتسب أهميته من الموقع الإستراتيجي لصبراتة التي تقع غرب البلاد على مقربة من معبر رأس الجدير، أهم المعابر الحدودية التي تربط بلد عمر المختار بتونس. السيطرة على المدينة باعتبارها طريقاً نحو المعبر ستمكّن من تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية والمهربين الذين رتعوا طيلة السنوات الماضية في المنطقة بلا رقيب.
تطور في الأداء
وقد أثبت نجاح العملية لدى جل الخبراء والمحللين القدرة التي باتت لحكومة "الوفاق الوطني" التي يترأسها فايز السراج والمجلس الرئاسي للضرب على أيدي العابثين تمهيداً لبسط السيطرة على كامل الإقليم الغربي. منذ أشهر، كان السراج وجماعته بالكاد يحمون أنفسهم، فما بالك بمحاربة الإرهاب وبسط النفوذ على التراب الليبي المترامي من البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى أعماق الصحراء الكبرى الإفريقية جنوبا.
ويبدو أن التدريبات التي تلقتها القوات الموالية للسراج طيلة الأشهر الماضية على يد مدربين أجانب والإنفاق الكبير الذي تم لتسليحها قد آتى أكله. الأداء أبهر جل المتابعين والمهتمين بالشأن الليبي ما يعني أن السراج بات رقما صعبا في المعادلة الليبية لا يقل أهمية على خليفة حفتر الحاكم بأمره في أغلب مدن المنطقة الشرقية والذي يحظى بمساندة البرلمان الشرعي.
نفوذ ميداني
ورغم ما قد يبدو في تصريحات حفتر والموالين له من سعادة وارتياح بتحرير صبراتة إلا أنّ الواقع يبدو على خلاف ذلك تماماً، باعتبار أنّ هذا الإنتصار سيزيد من نفوذ السراج الميداني على حساب حفتر وسيزيد من حجمه السياسي. ولعل التصريحات التي نسب فيها فريق حفتر هذا النصر لأنفسهم، والتي كذبها قادة ما يعرف بـ"غرفة عمليات" محاربة تنظيم "داعش" في صبراتة التابع لحكومة السراج، معتبرين أن لا علاقة لحفتر بهذا الانتصار، تدل على أن الأمور ليست على ما يرام بين الجانبين وأن هناك منافسة على محاربة الإرهاب يسعى فيها كل طرف لكسب النقاط على خصمه.
ويبدو أن جوار ليبيا الغربي، أي تونس والجزائر، يشعران بالإرتياح مما حصل لسببين، أولهما أنه تم القضاء على بؤرة إرهابية كانت مصدر إزعاج لتونس على وجه الخصوص، وثانياً لأن السراج بات قويا قادرا لوحده على الحسم دون حاجة لحفتر الذي يخدم المصالح المصرية التي تتعارض في كثير من الأحيان مع مصالح تونس والجزائر وكان يخشى من استقراره في المنطقة الغربية على حدود البلدين.
ولعل السؤال الذي يُطرح إلى أين سيفر الإرهابيون الذي طردوا من صبراتة؟ يبدو الجواب بسيطاً لأن أمامهما طريقان لا ثالث لهما، إما غرباً نحو تونس أو جنوبا باتجاه النيجر والصحراء ما قد يسبب مشاكل في المستقبل القريب لهذه الدول.