ارشيف من :آراء وتحليلات
قوى 8 آذار مرتاحة لواقعها الشعبي.. والفريق الآخر قلق من الانتخابات
ثمّة توجس غير عادي لدى معظم القوى السياسية التي كانت منضوية ضمن ما يسمى فريق "14 آذار" من مسار الانتخابات النيابية في أيار/مايو العام المقبل، على خلفية مضامين قانون الانتخابات الجديد، وما يمكن أن يفرزه من مفاجآت في العملية الانتخابية، عكس ما حدث مع قانون الستين الذي جرت على أساسه انتخابات عام 2009، حيث كانت النتائج شبه محسومة مسبقاً لاعتبارات عدة ليس أقلها طبيعة القانون آنذاك.
وعلى هذا الأساس، تبدو كل مكونات الفريق المذكور من المستقبل الى "القوات" اللبنانية مروراً بحزب "الكتائب" ومعهم الحزب "الاشتراكي" وآخرون، في وضع قلق جداً ازاء ما قد ينتج عن الانتخابات المقبلة، وعلى مستوى كل الدوائر التي ستخوض فيها الانتخابات، بينما يسود الارتياح منذ الآن لدى كل مكونات فريق "8 أذار"، من حزب الله الى حركة "أمل" ومعهما باقي الحلفاء، بالإضافة الى "التيار الوطني الحر"، لما يمكن أن تفرزه هذه الانتخابات.
في واقع الأمور ـ كما تقول مصادر سياسية متابعة لما يحصل داخل معظم القوى السياسية ـ "إنّ القلق لدى القوى التي كانت تنضوي في فريق "14 آذار" مقابل الارتياح لدى فريق "8 آذار" يعود الى الآتي:
1 ـ إنّ نتائج الانتخابات في العام 2009، أعطت قوى "8 آذار" نسبة أعلى بكثير مما حصلت عليه أطراف الفريق الآخر، لكن حصول الطرف الثاني على عدد أكبر من النواب مرده الى طبيعة القانون السابق الذي يأخذ بالنظام الأكثري، ما حرم قوى "8 آذار" من الحصول على الأكثرية النيابية، لسبب بسيط وهو أنّ من حصل على ما يصل الى 49 بالمئة من الأصوات لم يتمكن من إيصال نائب واحد الى الندوة البرلمانية، بينما طبيعة القانون الجديد تمكن كل تحالف سياسي ـ انتخابي من الحصول على مقاعد في هذه الدائرة أو تلك، توازي نسبة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات، بعد احتساب الأصوات على أساس الصوت التفضيلي.
2 ـ إن الواقع الشعبي ما بين الانتخابات السابقة وانتخابات العام المقبل يظهر حصول تحسن كبير في شعبية القوى المنضوية داخل فريق "8 آذار" وعلى مستوى كل الدوائر، وهو الأمر الذي تؤكد عليه استطلاعات الرأي وكل العاملين على الأرض تمهيداً للانتخابات.
3 ـ من الواضح أنّ ما يجمع بين أطراف "8 آذار" أكثر بكثير مما يجمع بين أطراف الفريق الآخر، كما أن الفريق الاول أكثر قدرة على تشكيل لوائح مشتركة في كل الدوائر بعكس الآخرين، حيث الخلافات لم تعد خافية على أحد وباتت مطروحة في العلن، وبالأخص بين تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب"، عدا عن صعوبة حصول تحالف بين الحزبيين الآخرين ومن بينهم "التيار الوطني الحر"، على خلفية طموح رئيس "القوات" سمير جعجع لتقاسم المقاعد مع التيار الوطني في الدوائر المشتركة، في حين أن واقع التمثيل الشعبي يميل بنسبة كبيرة لمصلحة "التيار الوطني". ولهذا تستبعد المصادر حصول حتى توافقات انتخابية بين "المستقبل" و"القوات "حتى ولو حصل توافق في دوائر قليلة جداً مثل دائرة الشوف ـ عالية، ويضاف الى ذلك ما يسود تيار "المستقبل" من صراعات حول رغبة كثير من قيادي التيار المذكور بالترشح للانتخابات، وكذلك وجود تيارين داخل التيار الأزرق من حيث نظرتهما لكثير من الملفات الداخلية والاقليمية.
وعلى هذا الأساس، ترجح المصادر حصول مفاجآت غير عادية في الانتخابات النيابية لغير مصلحة أطراف "14 آذار" ولو أنها قد تفوز بمقعد في هذه الدائرة أو تلك الدائرة التي فيها حضور لهذه القوى، وتعطي المصادر العديد من الأمثلة على ذلك، بحيث تتوقف عند ثلاثة منها:
ـ المثال الاول: ما حصل عليه مرشحو "8 آذار" في البقاع الغربي عام 2009، حيث حصلت اللائحة المدعومة من هذا الفريق على ما يصل الى 47 بالمئة من الاصوات، رغم الكثير من التجاوزات التي حصلت في الانتخابات بينما لم تفُز هذه اللائحة بأي مقعد، بينما في الانتخابات المقبلة ستحل لائحة هذا الفريق على نصف مقاعد الدائرة المذكورة، أي ثلاثة مقاعد على أقل تقدير.
ـ المثال الثاني: ما حصل في انتخابات دائرة زحلة حيث حصل مرشحو "8 آذار" على ما يزيد عن 43 بالمئة من الأصوات، بينما لم يفز أي من مرشحي اللائحة المذكورة نظراً لطبيعة قانون الانتخابات الذي كان يأخذ بالنظام الأكثري، وهذا يعني حكماً أن الفريق الآخر سيحصل في أحسن الأحوال على نصف مقاعد هذه الدائرة، حتى لو بقي توزيع الناخبين كما كان عام 2009.
المثال الثالث: ما جرى في انتخابات الكورة، حيث حصل مرشحو "8 آذار" على ما يزيد عن 46 بالمئة من الأصوات، ما يعني أن الدائرة الجديدة التي تضم الكورة وزغرتا والبترون وبشري سيكون فيها الارجحية لمصلحة هذه اللائحة.
وتزيد المصادر على ما حصلت عليه لوائح "8 آذار" في الانتخابات السابقة ما حصل من تحسن كبير في شعبية هذا الفريق على حساب الاطراف التي كانت منضوية داخل فريق "14 آذار"، ما يعني أن النتائج في انتخابات العام المقبل سيكون فيها الأرجحية لمصلحة لوائح "8 آذار"، وهو الأمر الذي يقلق الفريق الآخر ويحاول الانقلاب على مشروع الانتخابات الجديد.