ارشيف من :آراء وتحليلات
مشيرة خطاب.. نموذج الضياع
مصر الرسمية قررت أن تخسر كل حروبها قبل أن تبدأ، ألقت سلاحها، وفتحت قلاعها، وذبحت جنودها، بيد العجز والإهمال، وبسِكين الفشل المعزز بالجهل.
وكما كان قرار الرئيس المصري، بمنح كل لاعب في منتخب الكرة 1.5 مليون جنيه، قاتلًا لبهجة شعب كامل يتعطش للفرحة، لم يكن كذلك مبررًا إلا من "أرجوزات" النظام على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين دافعوا ببلادة متناهية عن قرار -مثل غيره- يشعل الغضب في نفوس مواطنين يعانون الأمرين للحصول على احتياجاتهم الإنسانية الأساسية.
معركة اليونسكو هي الأخرى ليست إلا حلقة في طريق طويل تخوضه مصر محرومة من أبنائها، أبنائها الحقيقيين، وليسوا رواد قصر الاتحادية البائس، الباعث على الشفقة، فيما يفترض أن يكون قصر الحكم باعثًا أما على الرعب أو الزهو.
مشيرة خطاب أسوأ وجه ممكن لنيل ترشيح نظام عاقل إلى اليونسكو، السفيرة قادمة من ماض كئيب، نظام مبارك الساقط، قبيل مغادرته واجهة المسرح، خاض في الدم المصري بالشوارع والميادين.
السفير مشيرة خطاب
وجوه نظام مبارك خلال عقدين من الزمن كانت مختلطة بالأرض المصرية، رجال النظام الأبرز كانوا حريصين على نبض الشارع، ولا يحاولون تحدي مشاعر المواطن، ويلجأون للشارع في كل مناسبة، ورغم فسادهم، كانوا انعكاس للشارع المصري بكل ما فيه من موبقات.
فتحي سرور وزكريا عزمي كانا أبرز مثلين من زمن مبارك الأول، خريجو مدرسة الشارع للتربية السياسية، لن تجد مصريا من السيدة زينب أو الزيتون، وهي أحياء انتمى لها الرجلان، يسمح بالنيل منهما على الإطلاق.
وجوه الثلث الأخير من عصر مبارك، شهد تواجد مكثف لنماذج مكروهة شعبياً، ومعزولة في قصور خارج القاهرة، شملت رجال الوريث المفترض جمال، وسيدات المجلس القومي للمرأة والطفولة والأمومة، ومن الصنف الثاني تبرز مشيرة خطاب، كوجه كريه، يحمل كل بلايا زمن مبارك.
مشيرة خطاب السفيرة السابقة دخلت الوزارة متأخرة، في أواخر قرارات مبارك، حيث عينت وزيرة دولة للأسرة والسكان بحكومة أحمد شفيق، التي عُزلت عقب ثورة يناير، ثم توجهت إلى مؤسسات العمل الدولية بجنيف، لتعود من جديد مرشحة للنظام إلى مقعد اليونسكو.
أبواق النظام تحاول تبرير الفشل على طريقتها، فتهاجم الأموال القطرية، والرشى المدفوعة لإنجاح مرشحهم!! وتعتبر أن المؤامرة مستمرة على مصر، أبواق النظام فقدت عقولها ودخلت في غيبوبة منذ أمد بعيد، وتكذب ظنًا أن الناس ستصدق.
رئيس النظام الذي رشح "مشيرة" قال –من خارج أي نص وبمخاصمة أي عقل- في افتتاح مؤتمر الشباب بشرم الشيخ: "يعمل أيه التعليم في وطن ضايع"، في سقطة لم ولن تتكرر تاريخيًا في تاريخنا المعروف، فلم يسبق أن اقترن الغباء بالتسلط، والرغبة في الظهور أمام الكاميرات.
في المحصلة النهائية، يأتي الفشل المنتظر في حالة "اليونسكو" كتعبير عن فشل أشمل في التعاطي مع دولة بحجم مصر، وفي مناخ استثنائي يمر بالمنطقة ومصر في القلب منها، ينتظر العرب منها دورًا فتختفي وراء أزماتها، لا يدري حاكمها أن مصر بأمتها تكون، وأن أمتها –كذلك- تحتاجها محركًا وقلبًا.
فهل يطول الانتظار.