ارشيف من :آراء وتحليلات
الجزائر وروسيا.. نحو شراكة استراتيجية
حظيت زيارة رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفديف إلى الجزائر باهتمام كبير جزائريًّا ومغربيًا باعتبار ون الرئيس الروسي السابق تحول إلى المغرب مباشرة بعد إتمام زيارته الرسمية إلى الجزائر. ويعرف القاصي والداني طبيعة الخلافات العميقة بين البلدين حول عدد من المسائل وأهمها ملف الصحراء الغربية التي يسعى الطرف المغربي إلى كسب التأييد الدولي بشأنه.
مجلس الأمن
وتكمن أهمية روسيا بأنها عضو دائم يمتلك حق النقض في مجلس الأمن الدولي الذي ينظر دوريا في ملف الصحراء الغربية. ومن المرجح أن كلا الطرفين سعى لإقناع رئيس الوزراء الروسي برؤيته للحل في هذا الملف، وذلك في غياب الطرف الثاني المتصارع مع المغرب في هذه القضية، أي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وادي الذهب "البوليساريو".
وتبدو الجزائر الأكثر حظا لإقناع الروس بوجهة نظرها لما جمع ويجمع البلدين من علاقات متينة منذ الكفاح الجزائري من أجل الاستقلال، وازدادت مع قرب الجزائر أكثر من المعسكر الشرقي إبان الحرب الباردة. كما أن مصالح روسيا الاقتصادية تبدو مع الجزائر باعتبار أن هناك مجالات تعاون متعددة منذ زمن الراحل هواري بومدين، ناهيك عن أن هناك شبه تطابق في السياسات الخارجية بين الروس والجزائريين، الأمر الذي يختلف مع المغاربة الذين يتماهون عادة مع السياسات الأمريكية.
ملف الطاقة
وتؤرق مضاجع الجزائريين في الفترة الأخيرة مسألة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي تسبب فيها تراجع أسعار المحروقات. وتعتبر روسيا مهمة للجزائر والعكس صحيح وذلك من أجل الخفض في الإنتاج لتعود الأسعار إلى حالتها العادية.
وبالفعل فقد استأثر ملف المحروقات والأسعار بجانب هام من محادثات ميدفيدف مع المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس بوتفليقة. ويبدو أن هناك اتفاقًا حصل بين الطرفين على التخفيض في الإنتاج، خاصة وقد رحب كلاهما باتفاقيات توصل إليها الروس مع بلدان منتجة للمحروقات للتخفيض في إنتاجها.
تطابق وجهات النظر
ولعل أكثر الملفات التي تشهد تطابقا في وجهات النظر هو الملف السوري، حيث يقف الطرفان ضد المؤامرات التي تحاك لتدمير سوريا وتقسيمها، خاصة وأن الجزائر طالبت مؤخرا بإنهاء مقاطعة الجامعة العربية لدمشق. كما أن كلا من الجزائر وموسكو قد اكتوتا بداء الإرهاب وهما معنيتان بمحاربته وبينهما تعاون في هذا الإطار سيتدعم أكثر إثر هذه الزيارة.
ويشار إلى أن الجانبين قد أبرما اتفاقيات للتعاون في مختلف المجالات ما يؤسس لشراكة استراتيجية حقيقية وإن تأخرت إلا أنها تبدو ضرورة لتحقيق التوازن خاصة مع التغلغل الأمريكي في شمال إفريقيا مع ما يسمى الربيع العربي.