ارشيف من :ترجمات ودراسات

خطاب ترامب الأخير : استعداد لإنفجار اقليمي

خطاب ترامب الأخير : استعداد لإنفجار اقليمي

صحيفة يديعوت احرونوت -  اليكس فيشمان

لم ينتظر المسؤولون الاسرائيليون "لائحة الاتهام" التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران. فقد سبق وطلب وزير الأمن (الحرب) افيغادور ليبرمان مبلغا إضافيا قدره 4.5 مليار شيكل لموازنة الأمن، التي ستخصص الغالبية العظمى منها لإعادة تمويل استعدادات المؤسسة الامنية لليوم الذي ستصبح فيه إيران نووية.

ورأى الجيش الإسرائيلي في عام 2015 أن الاتفاق النووي مع إيران فتح امامه "فرصة سانحة" للاستثمار في قواته البرية المهملة ورفع القدم عن دواسة بناء القوة الاستراتيجية ضد إيران. وفي عام 2017، تقوم "إسرائيل" بانعطاف حاد الى الوراء، بل ان الجيش تلقى عمليا توجيهات من القيادة السياسية: تم اغلاق نافذة الفرص. لن نغير خطة العمل التي بنيناها، وانما سنضيف المال للجيش من أجل زيادة الاستعدادات للمواجهة مع إيران.

خطاب ترامب الأخير : استعداد لإنفجار اقليمي

خطاب ترامب ساهم في تأكيد فكرة ان المنطقة ستنفجر. والواقع أن الخطاب ادخل الأنظمة في حالة من التوتر واجواء المواجهة. فالبنوك الكبرى في العالم، على سبيل المثال، تكهنت، قبل بضعة أسابيع، بما سيقوله ترامب، وكان التأثير على الاقتصاد الإيراني فوري: ركود اقتصادي مرة أخرى، لأن المستثمرين الكبار يخشون العمل في دولة على وشك المواجهة. وبات يظهر داخل إيران، التوتر الواضح بين الكتلة "المعتدلة" بقيادة روحاني وظريف، مقابل رجال الحرس الثوري الذين ادعوا طوال الوقت أنه لا ينبغي التخلي عن الأسلحة النووية. الى أين ستؤدي الاضطرابات داخل إيران؟ هذا غير واضح. فالأزمة لا تزال في مهدها.

وتميل "إسرائيل" والعالم إلى الاستهتار بخطاب ترامب لأنه لم يعلن بحزم أنه سيلغي الاتفاق. لكن ترامب لم يلغه عمدا. لقد استخدم التهديد بإلغاء الاتفاق كسوط للكونغرس وللشراكة الأوروبية الغربية في الاتفاق، لكي يدعموا تغيير السياسة تجاه إيران. وإذا لم يتعاونوا فسوف يسحب سوط إلغاء الاتفاق الذي يخيف الأوروبيين جدا.

"لائحة الاتهام" التي نشرها ترامب عن ايران غير دقيقة، وقد سلط المعلقون الاوروبيون الضوء على عدم دقتها من اجل احراج ترامب. لكن هذا لا يغير حقيقة أن مطالبه من الإيرانيين واضحة: فهو لن يقبل بالبند الذي يسمح لإيران الدخول في سباق التسلح النووي مع انتهاء الاتفاقية.

وباستثناء الاتفاق النووي، يعرض ترامب سياسة أمريكية محدثة تجاه إيران، تتضمن طلبا بالحد من مشروع الصواريخ الباليستية. وقد ادعى رجال الحرس الثوري علنا أنهم حصلوا "بالغمز" خلال المفاوضات مع الأمريكيين حول الاتفاق النووي، على تصريح بإنتاج صواريخ يصل مداها إلى 2000 كيلومتر. ترامب يريد وقف هذه "الغمزات". وهناك قضية أخرى في سياسة ترامب تجاه إيران، هي انتشار الإرهاب: فهو يطالب بوقف النشاط الإرهابي في الشرق الأوسط من قبل الحرس الثوري وحزب الله وحماس.

من أجل تحقيق السياسة الأمريكية الجديدة، يحتاج ترامب إلى تعاون من قبل "الكونغرس" والأوروبيين، لكن الأوروبيين لا يرغبون في التعاون مع اي تحرك يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الاتفاق مع إيران وتجديد التهديد النووي. الإيرانيون يعرفون كيف يلعبون في هذا الملعب بشكل جيد: لقد أعلن الرئيس روحاني أمس، أن الرد الإيراني سيتمثل في زيادة إنتاج الصواريخ. هذا ليس مناقضا للاتفاق، وهم بذلك كمن يقولون: "دعنا نراك يا ترامب، ماذا ستفعل لنا؟" كما أن الكونغرس لا يعتزم جعل حياة ترامب سهلة عندما سيطلب موافقته على فرض وزيادة العقوبات على الحرس الثوري والحكومة الإيرانية.

الاختبار الحقيقي لترامب يكمن في تنفيذ التزاماته. اضف الى ذلك، ان هناك عقبات دبلوماسية وسياسية في الداخل والخارج يمكن أن تؤدي إلى إلغاء تصريحاته. ولكن حتى لو لم يخرج أي شيء عملي من هذا الخطاب، فإن الهيكل الهش للهدوء المحيط بالاتفاق النووي، الذي يقوم على المصالح المتضاربة، تعرض للتقويض. إن إيران ستزيد من استفزاز ترامب من أجل فحصه وردعه عن مواصلة الخطوات المعادية. عدم قدرة ترامب على التعامل مع كوريا الشمالية يشجع الإيرانيين على تحديه. وهذه هي بالضبط الوصفة التي يمكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار وإلى التوتر الأمني والتصعيد العسكري والانفجار الإقليمي.

 

2017-10-16