ارشيف من :آراء وتحليلات
الحوار الليبي في تونس.. فرصة نحو الحل
يؤكد أغلب الخبراء والمحللين على أن اختيار الليبيين والمجتمع الدولي لتونس لتكون الأرض التي تحتضن الحوار الليبي هو اختيار موفق بكل المقاييس وذلك بخلاف الصخيرات المغربية. فالتونسيون هم أكثر شعوب العالم معرفة بجيرانهم الليبيين، وهم الأكثر قدرة على التأثير على أطراف الصراع معنويا بالنظر إلى الروابط التاريخية والقبلية و الإجتماعية التي تربط بين الشعبين والتي تجعل الليبيين في تونس يتحركون في ميدان مألوف غير غريب عنهم.
كما أن المصالحة التي تمت مؤخرا بين النظام التونسي وخليفة حفتر والتي توجت بزيارة الأخير إلى الخضراء ولقاء الرئيس قائد السبسي، جعلت تونس مرشحة لاحتضان الحوار الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة. فقد كانت تونس تحسب في السابق على الفريق المتصارع مع حفتر وهو ما جعل أنصار الأخير يرفضون في السابق أن يحصل الحوار على أرض الخضراء.
تعديل اتفاق الصخيرات
ويبحث المجتمعون في تونس برعاية المبعوث الأممي اللبناني غسان سلامة، التعديلات التي ستطرأ على اتفاق الصخيرات الذي ولد ميتا ولم يتمكن من حل الأزمة الليبية. فالسراج الذي جاء به هذا الإتفاق لا يحظى بإجماع الليبيين باعتبار و أن الذين اجتمعوا في الصخيرات لم يمثلوا كل أطياف و شرائح الشعب الليبي.
كما أن هذه الحكومة و إلى اليوم لا تحظى بثقة البرلمان الليبي المنتخب والذي يتخذ من مدينة طبرق شرق البلاد مقرا مؤقتا له بعد أن منع من عقد جلساته في العاصمة طرابلس التي كانت تحت سيطرة تحالف الإخوان، جماعة عبد الكريم الصلابي والمفتي الغرياني و تنظيم القاعدة الذي يقوده عبد الحكيم بلحاج.
المادة الثامنة
ويبدو أن المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات ستكون محل خلاف كبير بين الفرقاء، فهي مادة تمنح حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج سلطة تعيين قائد الجيش. ويخشى حفتر وجماعته إن وقعوا على الإتفاق أن يتم سحب البساط من تحت أرجلهم و تقوم حكومة الوفاق بتعيين قائد للجيش غير خليفة حفتر المدعوم من قبل برلمان طبرق.
ويبدو أن السراج و فريقه سيستغلون الموافقة على تعديل هذه المادة كورقة ضغط على حفتر والبرلمان للإعتراف بحكومة الوفاق والمجلس الرئاسي. وبالنهاية ستحصل عملية مقايضة تتمثل في ان يحصل اعتراف برلماني بالسراج و فريقه مقابل منح هذا البرلمان وحده صلاحية تسمية قائد الجيش ليكون خليفة حفتر دون سواه و الذي لديه نفوذ واسع على البرلمان و رئيسه.
خارطة طريق
وتبدو خارطة الطريق التي اقترحها غسان سلامة على الأمم المتحدة، ويتباحث في شأنها المجتمعون في تونس، منطقية و قابلة للتطبيق لدى كثير من المحللين. فهي تقتضي بالتعجيل بإتمام الدستور الجديد في غضون سنة على أقصى تقدير، ثم خضوع هذا الدستور إلى استفتاء شعبي، وإذا وافق الليبيون على دستورهم فإنه يتم إجراء انتخابات عامة تخص الوضع النهائي لتنطلق الحكومة المنتخبة في بناء ليبيا الجديدة.
ويبدو أن القوى الإقليمية و الدولية المخربة في ليبيا قد وصلت إلى قناعة تقضي بضرورة إيقاف نزيف الإقتتال و تحقيق الإستقرار بعد ان ضمنت حصصها في ثروات ليبيا الطاقية. كما أن شركاتها تستعد للإنطلاق في إعادة الإعمار، فيما يبدو الليبيون أشد الخاسرين من هذه السنوات من التخريب للوطن وساكنته. ولعل هذه القناعة التي وصلت إليها الدول المخربة في ليبيا ستكون عاملا مساعدا لنجاح لقاءات تونس في حل الأزمة التي طالت أكثر من اللزوم رغم الخلافات التي برزت فيها وهددت إمكانية استمرارها.