ارشيف من :آراء وتحليلات
هل يوجد تقصير أمني مصري في مواجهة العملية الإرهابية في الواحات - الجيزة؟
لقد كان للعملية الإرهابية التي تعرضت لها وحدات أمنية مصرية في منطقة الواحات لمحافظة الجيزة الغربية، وقع لافت وقاس على أجهزة الأمن، وحتى على السلطات المصرية بشكل عام، وذلك بالنسبة لعدد الشهداء الكبير والمصابين من العناصر الأمنية، وبالنسبة إلى خطورة العملية لناحية المكان حيث حدثت على طريق دولي باتجاه ليبيا في عمق وسط مصر غرب القاهرة، والبعيد عن سيناء حيث تعودنا على عمليات المتشددين، والأهم في ذلك كله، هو نوعية الأسلحة المستعملة من قبل الإرهابيين والطريقة المحكمة في تنفيذ العملية.
تشييع جثمان أحد شهداء الجيش المصري
بالمبدأ، لا يمكن إلاّ الاعتراف بأن مصر هي مستهدفة من قبل الإرهاب بشكل عنيف وواسع، ومع تركيز هذا الإرهاب على الجيش وقوات الأمن بشكل رئيس، تغيب تقريبا عملياته عن استهداف المواطنين أو التجمعات المدنية أو المنشآت التجارية أو السياحية، والسبب طبعا هو لأن الوحدات العسكرية والأمنية تشكل صمام الأمان ودرع حماية الدولة والمواطنين، وذلك في دولة تعيش وضعا أمنيا واقتصاديا وسياسيا حساساً.
ولكن هل يمكن القول إن هناك تقصيرا ما في مواجهة هذه العملية، على صعيد عمل الأجهزة الأمنية أو السلطات الرسمية ام الاثنين معا؟ ام ان القدرة على مواجهتها كانت معدومة وكانت نتيجتها المأسوية مفروضة لا محال؟
يمكن الاجابة عن هذه الاشكالية، وذلك بعد الاضاءة على بعض النقاط الاساسية ومقارنة ما حدث فعلا وبشكل موضوعي مع ما كان يجب ان يحدث، وهذه النقاط هي :
هل يوجد استعلام ناقص على صعيد الأمن الاستراتيجي الخاص بالدولة، حيث ان هذه المجموعة الارهابية تسللت من خارج مصر وبالتحديد من ليبيا، وقطعت مئات الكيلومترات بين الداخل الليبي ومنطقة الواحات في الجيزة بطريقة سرّية دون ضبطها، في الوقت الذي يُجمع الجميع في داخل وخارج مصر ان الاخيرة مستهدفة من الارهاب، خاصة من الاتجاه الليبي المتفلت امنيا وعسكريا؟
هل يوجد استعلام تكتيكيّ وامني محلي ضعيف لدرجة، تستطيع من خلالها مجموعة ارهابية كبيرة العدد، ومجهزة بقدرات كبيرة من الاسلحة غير التقليدية نسبة لما تتجهز به عادة العناصر المتشددة في مصر، ان تتمركز متخفية بسهولة في منطقة داخلية بغياب اي قدرة استعلامية محلية على رصدها والافادة عن نقطة تمركزها بالتحديد، وتنفذ عملا ارهابيا واسعا وبهذا المستوى من الحرفية والفعالية؟
هل كان هناك تقصير ميداني تكتيكي في مناورة انتقال القوة الامنية التي تعرضت لكمين، لناحية عدم الأخذ بعين الاعتبار لشروط حيطة الانتقال في بقعة خطرة، كعدم زجّ كامل الدورية المنتقلة في منطقة قتل، والتي هي في بقعة عملية "الواحات" وادٍ محاط بتلال حاكمة، وحيث كان يجب توزيع القوة المنتقلة الى مجموعات تنتقل تباعا في بقعة القتل لكي تستطيع مساندة بعضها من خارج البقعة المفروض المرور بها؟
وهل كان هناك تقصير ميداني تكتيكي آخر في مناورة المواجهة والدفاع، حيث كانت ردة الفعل ضعيفة وغير مناسبة للرد على الهجوم الارهابي الواسع، لناحية التأخر في الانتشار او لناحية عدم الاستفادة من قدرات الاسلحة الاجمالية (الرشاشات) للقوة المنتقلة، والتي من الممكن انها لم تستعمل بالشكل المطلوب والفعال؟
ـ هل هناك تقصير ميداني في غرفة العمليات المركزية التي أطلقت القوة الأمنية، اذ انها اطلقتها دون مواكبة بطوافة مراقبة ومساندة، وذلك في بقعة كان مقدرا وبدرجة عالية وجود ثغرة امنية فيها، استنادا للمعلومات التي تم اطلاق القوة الامنية على اساسها؟
ـ هل هناك تقصير ميداني- أمني لناحية عدم اطلاق عناصر مخابرات (مدنيين مخبرين او امنيين بثياب مدنية) لتنفيذ استطلاع مسبق يؤمن انتقالًا آمنًا للدورية المنتقلة، الامر المفروض عادة في حالات الخطر الامني المنتظر والمرتقب، خاصة وان هناك حربا واسعة ومفتوحة بين الوحدات الامنية والأرهابيين على كامل الأراضي المصرية تقريبا؟
أخيرا ... تبقى الإجابة عن هذه الاسئلة بشكل موضوعي كافية الى حد ما، وذلك لتحديد اذا كان هناك تقصير من الوحدات الأمنية او من السلطات الرسمية، ما أدى الى وقوع خسائر موجعة بين عناصر الأمن المنتقلة، بالاضافة الى الخسارة المعنوية غير البسيطة، والتي أصابت الوحدات الأمنية والعسكرية والسلطات الرسمية والشعب المصري بشكل عام.