ارشيف من :أخبار لبنانية
الحلقة الثالثة من مقابلة الرئيس لحود: قصة النقاط السبع وتعديل قواعد الاشتباك في القرار 1701
في أجواء الذكرى الثالثة للعدوان الصهيوني على لبنان، والانتصار الإلهي والتاريخي للمقاومة الإسلامية في تموز ـ آب 2006، تستكمل "الانتقاد.نت" نشر الجزء الثالث والاخير من الحوار الشامل الذي اجرته مع رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود:
حاوره: محمود ريا ـ علي عوباني
فخامة الرئيس، ما هو تعليقكم حول ما حصل مؤخرا في خربة سلم عندما حاولت قوات اليونيفيل – القوة الفرنسية – مداهمة منازل المواطنين، حيث حاول الإسرائيليون استغلال هذا الموضوع للمطالبة بتعديل قواعد الاشتباك في القرار 1701؟
انا لست طرفاً، انا طرف مع قوة لبنان ومصلحة لبنان |
- هل من المعقول ان رئيس الجمهورية الذي من صلاحيته المفاوضات والمعاهدات الدولية يكون بعيدا عن هذا الامر، وهو الذي يوقع باسم لبنان!! - المهم طلب الرئيس السنيورة بعد عودته من روما آنذاك جلسة لمجلس الوزراء في ذات النهار، وعندما اجتمعنا دخل السنيورة الى الجلسة وأول كلمة قالها حينها: هذه النقاط السبع يجب ان نأخذ قرارا بها في مجلس الوزراء.. قلت له آنذاك: أولا هذه النقاط أنا لم أطلع عليها. ثانيا ليس بمقدورك ان تأتي بهذه النقاط من خارج جدول أعمال الجلسة. ثالثا انا من يجب ان يقوم بالمفاوضات ويوقع على المعاهدات. وبرغم هذا كله سألته: ما هي تلك النقاط التي تتحدث عنها؟ هل هي كما أوردتها الصحف؟ قال لا أعرف ماذا يوجد في الصحف.. ثم وزعها على الوزراء الحاضرين وقال لي: ان البعض في المعارضة يؤيد هذه النقاط. قلت له حينها انا لا أعرف ماذا تريد المعارضة. وهنا أقول ان الرئيس يجب ان يكون حكما.. انا مع المعارضة، لأن المعارضة طلبت ان يكون لبنان قوياً، ولو ان الاكثرية طلبت ذلك لكنت معها. يعني انا مع الحق وليس كما حاولوا وقتها ان يروجوا ويتهموني بأنني طرف.. لا انا لست طرفاً، انا طرف مع قوة لبنان ومصلحة لبنان.
المهم قرأت البند الاول وكان غير مهم، الثاني.. الثالث يقول نسترد مزارع شبعا بلا مياه وتحت سيطرة الأمم المتحدة، في حين نحن نعلم ان قرارات الأمم المتحدة لا يجري تطبيقها، والدليل على ذلك هو القرار 194 الذي لم يطبق حتى الآن، ما يعني أنهم لن يعطونا شيئاً. من بعدها البند الرابع (وهنا مكمن الخطر)، يقول بنزع كل السلاح في الجنوب.. لم يتحدثوا عن المقاومة، وإنما عن نزع كل السلاح في الجنوب، وهذا يرتبط بما يجري اليوم.. يعني منذ ذاك الوقت يخططون لذلك. حينها قلت للرئيس السنيورة: هل من المعقول ان توافقوا على هذا الامر؟ هذا يعني اننا استسلمنا تحت الضرب، وقلنا لهم "دخلكم خلص اللي بدكن اياه".. هذه لمصلحة لبنان؟! أبدا.. قال لي حينها: لكن فلان في المعارضة وافق.. قلت له: أبدا، انا رئيس جمهورية لبنان وأريد ان أعمل بما هو مصلحة لبنان. انا ارفض هذا الامر، وليس لك اي حق بأن تأتي بهذه النقاط من خارج جدول اعمال الجلسة. وسألت الوزير محمد فنيش: هل انتم على علم بهذه النقاط؟ فأجابني بالنفي. حينها قلت للرئيس السنيورة: اذاً كيف تفعلون ذلك؟! فأجاب بالقول: نحن لدينا الاكثرية، نريد ان نأخذ قراراً.. قلت له أولا ليس لكم حق بأن تأتوا بها من خارج جدول الاعمال. ثانيا في هذا الوقت ليس هنالك من مصلحة أن يقولوا إننا خرجنا من جلسة مجلس الوزراء مختلفين، في الوقت الذي يقوم به العدو الاسرائيلي بالقصف والضرب، فلنخرج من الجلسة ونقول إننا متفقون. اما كل بند من هذه البنود السبعة فيجري نقاشه لاحقا داخل مجلس الوزراء حينما تنتهي الحرب.. وعلى هذا الأساس خرجنا وقتها، وقلنا اننا متفقون، لكن ما حصل هو أنهم تعمدوا تسريب حديث لبعض الصحف يدعون فيه صدور قرار عن مجلس الوزراء بشأن النقاط السبع، وهذا غير صحيح، لم يصدر أي قرار بذلك، وأكبر برهان على ذلك أنهم صمتوا عنها ولم يطالبوا بها.
ما الذي جرى في تلك الفترة؟ وهل صحيح ان القمة العربية التي انعقدت في السعودية آنذاك كانت على وشك اصدار قرار بتأييد النقاط السبع لولا تدخلكم للحؤول دون ذلك؟
عام 2007 حينما انعقدت القمة في السعودية، ذهبنا الى هناك، وإذ بي أفاجأ بالسعي العربي لدعم النقاط السبع. وجدت وقتذاك ان جميع الدول العربية داعمة لهذا الموضوع. تحدثنا الى (الأمين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى، فقال كل الدول العربية ستؤيد ذلك. قلت له من المؤكد ان هناك خطأ، لا احد يعرف لبنان غيرنا، ولذلك أريد ان أجتمع بوزير الخارجية السعودي (الأمير سعود الفيصل)، ومن المؤكد ان الوزير (السوري وليد) المعلم لا يعرف حقيقة الموضوع ايضا.
كان من المفترض ان تبدأ القمة العربية في اليوم التالي.. لم يأتِ أحد حينذاك. عندها التقيت الرئيس بشار الأسد وسألته: هل انتم على علم كيف تسير الامور؟ وشرحت له ما يجري. سألني: لماذا قالوا اذا إنك انت ماض بهذا الموضوع؟ قلت له: أبدا.. فالرئيس السنيورة هو من روج للقول بأن لبنان ماض بهذا الامر. حينها قال لي: نحن نرفض ونحن معك.. وقال للوزير المعلم: افعل ما يقوله لك الرئيس لحود. ومع هذا كله حاول الوزير المعلم معهم، فلم يأتِ الوزير السعودي. وفي اليوم التالي قلت لهم إنني سأتحدث من دون إذن وأقول خلال القمة ان ميثاق جامعة الدول العربية ينص على انه اذا اعترض رئيس دولة ما على امر ولم يوافق عليه فهذا يعني حق "الفيتو"، فكيف بالأحرى اذا كان أمراً يخص لبنان وأنا رافض له! وهكذا عندما علموا بالامر تراجعوا، فجاء بداية عمرو موسى والوزير السعودي وكان موجودا معي حينذاك الوزير يعقوب الصراف والمستشار الاعلامي رفيق شلالا.. قلت لهم: أليس من المعيب ان القرار 1701 لم يتحدث عن النقاط السبع برغم انه أتى بعدها، حتى تجتمعوا أنتم العرب لتمريرها على العالم؟! لماذا أقول هذا الامر، لأنه يمكن ان يتكرر في المستقبل، وإذا لم ننتبه كلبنانيين نكون قد تورطنا.
فلو حصل هذا الامر كان العرب كلهم سيقولون انهم اتفقوا على دعم النقاط السبع بناءً على طلبنا، لكن عندما رأوا أنني لن أمرر هذا الامر أوقفوا الحديث عن مزارع شبعا كما تلاحظون.
خلال الايام الاخيرة للعدوان على لبنان كان هنالك اجتماع صاخب لمجلس الوزراء، ما هي وقائع تلك الجلسة فخامة الرئيس؟
هنا نعود للموضوع الاساسي.. في اليوم الاخير للحرب خسر الإسرائيلي فوق 30 دبابة.. حاولوا ان يدخلوا فلم يستطيعوا.. كان يوم أحد ولا أنسى ذلك.. طلب رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ان تنعقد جلسة لمجلس الوزراء.. ذهبنا الى الجلسة وإذ بي أتفاجأ بأن قائد الجيش ومدير المخابرات في الاجتماع ـ والمعروف أن الوحيد الذي يستدعي قائد الجيش هو رئيس الجمهورية ـ قلت له: دولة الرئيس من دعاهم؟ قال ليس هنالك من شي مهم.. ولكن بما انه سيصدر قرار وقف نار (وكانوا تحدثوا انه سيصدر الاثنين او الثلاثاء وكانت الجلسة يوم أحد مساءً)، كنا نود ان نستبق الامور ونتخذ التدابير اللازمة. قلت له: اذا كان الامر هكذا فلا مشكلة، لكن كان من المفترض بك ان تخبرني، فأنا من يحق له استدعاؤهم. قال: سترى، ليس هناك شيء هام.
تحدث السنيورة عند بدء الجلسة فتوجه الى قائد الجيش بالقول: لو سمحت قل لنا كيف ستعمل لنزع كل السلاح في الجنوب.. قلت له: على مهلك.. على مهلك.. ربحنا الحرب وأنت تريد التسليم؟ أنا ضد هذا الشيء. وسألت الوزير فنيش: أنت موافق على ذلك؟ وقف الوزير فنيش وقال له أبدا، هذا معناه اننا نستسلم، ونحن لا يمكن ان نرضى بشيء كهذا، وهذا الموضوع لا يبحث هنا. الأمور واضحة، منذ ذاك الوقت يريدون الدخول الى البيوت. قلت له: أبدا، هذا الموضوع من خارج جدول اعمال الجلسة، لا يحق له طرحه. فقال لي السنيورة: لدي حق بطرحها بعد 48 ساعة، نجتمع الثلاثاء المقبل. قلت له: انت تقول ذلك، اما الدستور فلا ينص على هذا الامر. وحمّلت الوزير فنيش آنذاك رسالة عن لساني الى سماحة السيد نصر الله بأنه اذا حصل اجتماع بهذا الموضوع فلن يعود هناك وجود للمقاومة. وبالفعل عاد الوزير فنيش واتصل بي في اليوم التالي، وأخبرني انه تحدث الى السيد، وأنه لن يكون هناك جلسة لمجلس وزراء. وبالفعل أُلغيت الجلسة الثلاثاء وجرت الخميس. واليوم عادوا الى ذات الموضوع، يريدون الدخول الى المنازل، وجدوا ذريعة بانفجار مخزن. ولذلك نحن نقول لهم ألا يلعبوا بالنار، فكل القصة ان "اسرائيل" إما تريد ان تتحضر بشكل جيد لأننا موحدون حتى تجابهنا، او اذا اختلفنا تريد الدخول على الخط.
على كل كان هنالك تصريح للسنيورة من عدة ايام ابتكر فيه أساليب جديدة لتحرير الارض، ما هو ردكم على ذلك؟
"اسرائيل" إما تريد ان تتحضر بشكل جيد لأننا موحدون حتى تجابهنا او اذا اختلفنا تريد الدخول على الخط |
الناس ماذا يعتقدون؟ انني أنسق مع المقاومة من الصباح حتى المساء؟ ولا مرة تحدثنا معا.. كنا نتلاقى بالضمير والافكار والمبادئ.. الناس لم تكن تصدق، لكن اليوم أصبحوا يعلمون انني التقيت مع السيد نصر الله مرتين فقط: المرة الاولى عندما استشهد ابنه هادي.. كنت حينها قائدا للجيش، وكانت اول مرة تحصل ان احد القادة في العالم العربي يرسل ابنه الى الجبهة للمقاومة. قلت لهم أريد ان أزوره، ذهبنا ورأينا رباطة الجأش لديه.. هذا قائد.. وليس أولئك الذين يأتون لتعبئة جيوبهم. والمرة الثانية عندما حصل التحرير، زارني السيد نصر الله في قصر بعبدا. اما في ما بعد فكنا نلتقي في المناسبات، عندما تحرر الأسرى اول مرة التقينا في مطار بيروت، وعندما تحرروا في المرة الثانية لم أذهب الى المطار حينها وحضرت إلى ملعب الراية. وفي الفترة الاخيرة كان هناك معايدة في ما بيننا على الهاتف، وفي ما بعد انقطعت الاتصالات.
هذا الامر الذي حصل هو تآمر، كانوا يريدون أن يخربوا البلد. والآن هم ينعمون بالأمن والاستقرار ويعملون على تأليف حكومة، فيما "اسرائيل" لا تستطيع دخول حدودنا، وليس كما كان يحصل سابقا، حيث كانت تصل الى بيروت. ولذلك الآن السنيورة يتحدث وهو في عين الاميركي بطل ونحن مجرمون، لأن الاميركيين يعملون مصلحة "اسرائيل".
هناك حديث كثير ـ فخامة الرئيس ـ عما كان يجري داخل مؤسسات الدولة من فساد وصفقات على حساب المصلحة العامة؟
عندما استلمت قيادة الجيش رأيت كيف حاول الاميركيون ان ينجزوا صفقات على حسابنا.. فمع وصولي الى قيادة الجيش تفاجأت منذ اليوم الاول بأنهم يريدون ان يشتروا أوتوبيسات بكل ميزانية الجيش، فيما الجيش ليس لديه ما يأكله او يلبسه، وهمهم ان يحصلوا على بضعة أوتوبيسات. قلت لهم لا، انا أريد ان أطعم العسكر.. كانوا يشترون البذلة العسكرية بخمسين دولارا، نحن بدأنا نشتريها من بلد المنشأ، فكنا نأتي بها بـ(8) دولارات! بعد 10 سنين من شرائها بخمسين دولار! وفرنا كثيرا من الاموال.. لذلك عندما كانوا يقولون صفقة كنت أرفض. جاء الاميركيون يسألون: كيف سنسير الجيش؟ قلت لهم لا صفقات.. حينها كان هناك في ألمانيا معدات رخيصة لديهم، جيب عسكري بـ(100 $) وشاحنة بـ(200 $).. نفس الآليات التي لا زالت تستخدم حتى اليوم.. الى ان جاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري فقال لي: أريد ان أقوي الجيش، فقلت له: أهلا وسهلا. انا اعتقدت انه يقصد بالمجان.. قلت أكيد السعودية ستعطينا مجانا. قال لي: لا، هذه لائحة، أنت اختَر و"ما عليك نحن نحصّل قرض"! قلت له: قرض، يعني دينا، تريدون ان يقولوا ان الجيش خرّب لبنان. انا أرفض ذلك. وقلت له ايضا: من المؤكد ان هذه المعدات التي ستأتي بها لا تقاوم "اسرائيل".
ذهب الحريري حينها الى لندن وطلب مني ان يأخذ معه سالم أبو ظاهر، كان معي في الجيش. وإذ به يتصل بي من هناك ليقول لي ان بريطانيا ستعطينا نظاما ضد الطيران "بياخذ العقل"، قلت له: أكيد مجانا؟ قال لي: كلا، بـ(240) مليون استرليني. هل تتصور في ذاك الوقت كم يعني مبلغ كهذا؟ قلت له: على مهلك، انت تعرف ان هذا النظام سيكون قد وصل مقابله لـ"إسرائيل" ما يمكنها ان تجهز عليه في يوم واحد. وقلت له: تذكر الكروتال والرادار، أخذت معهم يوما واحدا، لم يبقَ منها شيء. والميراج؟ أين استخدمناها؟ عندها قال لي: يعني لا تريدها؟ قلت له: لا، اذا أعطونا إياها مجانا فأهلا وسهلا، اما اذا لم يعطونا إياها مجانا فلا نريدها. كانت قضايا مثل هذه.. يضحكون علينا.. يريدون إيقاعنا تحت الديون بأن يعطونا سلاحاً ليس بمقدورنا ان نقاوم به "اسرائيل"، واليوم عندي أقوى سلاح ضد "اسرائيل" يريدون ان يجهزوا عليه! فكيف يريدونني ان أوافقهم في ذلك.
هل لك ان تخبرنا فخامة الرئيس عن طبيعة العلاقة مع سوريا خلال مدة ولايتك الرئاسية؟
اليوم الامور أصبحت مكشوفة اكثر، لكن الشباب الجدد لا يعرفون هذا الامر. يتهموننا بأننا نأخذ أوامر من سوريا! سأخبركم بأمر وعندي شهود عليه وليكذبوني اذا استطاعوا.. عندما انتهت القمة العربية الشهيرة في بيروت كان الجميع موافقاً على المبادرة السعودية.. المهم استطعت ان أمرر بند حق العودة ورفض التوطين ضمن المبادرة بالقوة. هذا البند الرابع من المبادرة الذي تسعى "اسرائيل" اليوم لانتزاعه منها من اجل ما يسمى عملية السلام.
انتهت القمة، اخذ الرئيس الشهيد رفيق الحريري على خاطره لأنني أوقفت مبادرة السعودية، ولم يكن له من كلمة معي حينها لأنه يعلم انني عندما يكون الحق معي فأنا لا أسأل أحداً. الدستور يقول: لا توطين. وفيما كنا جالسين على الغداء توجه عبد الحليم خدام بالسؤال للرئيس الحريري: لماذا يبدو عليك الزعل؟ طبعا هو زعلان لأن السعودية زعلانة، لأنني لم أمرر المبادرة كما تريد.. عندها توجه الرئيس الحريري الى الرئيس بشار بالحديث وقال له: لو سمحت سيادة الرئيس انا لا أستطيع ان أكمل هكذا، لأن الرئيس لحود يتعامل معنا كأولاد صغار.. (معقول رئيس وزراء بيقول لرئيس جمهورية خارج لبنان بيعاملني مثل الاولاد الصغار)؟؟!!
وهنا يتضح من كان يركض إلى سوريا ويشتكي.. فورا قلت له: اذا سمحت دولة الرئيس، أليس من المعيب عليك ان تنشر الغسيل الوسخ امام الأغراب؟ عيب عليك، عندك شي تحدث الى رئيس جمهوريتك.. فورا الدكتور بشار قال: معه حق، هذا شأن لبناني لا دخل لنا به.
أنا أتحدى أحداً ان يقول إنني قلت لسوريا ان تفعل لي كذا او كذا.. كنت أعمل ما اجد فيه مصلحة، فأجد دعما مطلقا خاصة من الرئيس حافظ الاسد والرئيس بشار الاسد. لكن هم لديهم اعلام، ظلوا يروجون اننا نأخذ أوامرنا من سوريا، حتى أصبحنا نحن الخونة والمجرمين! وهذا كله لأنهم منزعجون كيف استطعنا ان نقف لآخر يوم ونربح الحرب.
فيما قبل لم أكن أتحدث بهذه الامور، ولو تحدثت بهذا الكلام لكنا دخلنا في أزمة مع السعودية ومصر ومع العالم كله، اما اليوم فمن واجبي ان أتحدث للأجيال الجديدة كي يعرفوا انه ليس كما كانوا يرون. ان هؤلاء دعاة الاستقلال! كانوا طالعين نازلين بالجمعة خمس مرات بين عنجر وسوريا..
هكذا يعمل الاميركيون على تشويه الأشخاص، وهم حاولوا ذلك بعد الاغتيال، فلم يستطيعوا. والآن خوفي بصراحة ان يعودوا الى الألاعيب التي مررنا بها، ليس فقط في القضايا السياسية، انما ايضا في القضايا المالية. وهنا أذكر ان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك اتصل بي مرة يطالبني بإبقاء السوليلير (الهاتف الخلوي) بأيدي شركة (فرانس) تلكوم، فقلت له حينها: ان هذه الامور لا علاقة لها بالعلاقات اللبنانية الفرنسية، وإذا كنت تريد ان تأخذها فأنت حر، لكنني أريد مصلحة بلدي. هذه هي مشاكلنا، وليس عندنا مشاكل أخرى.. ومن ناحية ثانية هناك اناس مستعدون للموت من اجل بلدهم ولا يسألون عن شيء.. والرئيس حافظ الاسد لا تهمه أميركا ولا احد، ويقف الى جانبي. حينها في قرارة نفسك لا تستطيع الا ان تكون مع من يقف مع بلدك.. أصبحنا في آخر الامر طرفا!! الناس لا يعلمون انني لا اعرف سوريا قبل ان أصبح قائدا للجيش. والناس لا يعرفون ان القضية قضية تربية وضمير، وأن الحق لا يعلى عليه، ونحن تربينا على هذا الاساس.
بالخلاصة اذا كنا لن ننتبه مئة في المئة فهنالك خوف من ان يعودوا الى ذات القضايا، وهذا السؤال الذي سألته، يريدون الدخول الى البيوت، يريدون ان يروا اين السلاح، أتوا الى لبنان بالـ(1701) ليس ليوقفوا النار، انما ليأخذوا بـ"الزعبرة" ما لم يستطيعوا أخذه بالحرب.. اذا لم يستطيعوا فبالاستراتيجية الدفاعية.. وإذا لم يستطيعوا فبوزارة دون ثلث ضامن.. لماذا نخجل ان نقول "ثلث ضامن"، لا يجوز في لبنان ان يكون هناك وزارة لا يكون فيها للفريق الآخر كلمة، وهنالك حرب اهلية، وأنا قلتها قبل 7 ايار ولم يصدق احد ذلك، وعندما تركت الرئاسة سلمت الجيش ليعلن حالة طوارئ، هذا آخر قرار أصدرته على ان يفرض الأمن حتى نصل الى انتخاب رئيس جمهورية جديد، لأنه في لبنان لا يمكن ان يكون الحكم من طرف واحد. انا كنت أقف في وجههم فلم يستطيعوا.. قلت انا سأذهب، اكيد سيفعلون شيئاً ما. وما قلته لهم تحقق في 7 ايار.
الآن نريد حكومة وحدة وطنية، لكن لا تتضمن "ثلثا ضامنا"، ما معناها اذا؟ وأين نصرفها؟ الآن لا يتحدثون بسلاح المقاومة، بل يتحايلون عليه! يعني كما حصل في خربة سلم يتحدثون بكل شيء يجعل لبنان ضعيفا.. حاول المستحيل الرئيس الحريري الله يرحمه ليبيع الكهرباء والمياه والشركات، سأسميها، كلها أفلست. كان يريد بيع الكهرباء لـParibas، واليوم أفلست. وهو كان له حصة فيها. قلت له: تريد بيعها مجانا؟ تركتها تخرب لآخر درجة! لنصلحها اولا ثم نتحدث لاحقا.. سنجد اناسا يشغلونها اذا لم نستطع إدارتها كما فعلنا بشركة السوليلير، كنا نحصل 300 مليون دولار أصبحنا نحصل مليار و300 مليون دولار.
وكان يريد ان يبيع ايضا لـSociete general التي أفلست ايضا، ولا احد يتحدث عنها اليوم.
عملت المستحيل حتى أنجزت الضمان، فاختلفوا من سيسرق الاموال.. هذا يريده عنده وهذا عنده.. الآن يريدون ان يعطوها لشركات، وهذه ايضا يريدون خصخصتها.. يعني الاموال ستذهب للخارج.
النقل المشترك كانوا يريدون بيعه ايضا، لم ندعهم يفعلوا ذلك. واليوم يتحدثون عن "باريس 3"، وإذا كانت الحكومة من دون ثلث ضامن يبيعون كل شيء. وقتها ولو كان عندك مقاومة، عندما تفلس يضعونك بنادي باريس، والعالم كله سيقف في وجهك ويطالبك بدفع ديونك، ولن يكون لك حق حينها بأن يكون لك سياسة خارجية. وهكذا ينالون من المقاومة، وكل الامور تعود للموضوع الاساسي الذي وضعناه في المبادرة العربية، بند حق العودة والسعي لاستئصاله من المبادرة. و"اسرائيل" لا يزعجها أي بلد عربي كما يزعجها لبنان، لأننا استطعنا ان نجعل وطننا قوياً.