ارشيف من :أخبار عالمية
الكيان الصهيوني مستاء من تقرير " قتلى الأعلام البيضاء " و يصفه بـ"الحرب الدعائية
كتبت بتول زين الدين
بات من المؤكد أن العدو الإسرائيلي لم يعد يحترم أي خطوط حمراء أو حتى أبسط الأعراف أو قوانين الحرب الدولية ، فهي ليست المرة الأولى التي يمعن فيها بقتل أبرياء عزل .
لكن هذه المرة أثار الموضوع فضيحة إعلامية أشعلتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الإنسانية بنشرها تقريرا يشير إلى أن جيش الاحتلال الصهيوني اقدم على اطلاق النار على مواطنين فلسطينيين اثناء الحرب على غزة وهم يرفعون الاعلام البيضاء.
وفي التفاصيل ، ذكر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش جو ستورك، أن "الأحد عشر قتيلاً من المدنيين بالإضافة إلى 8 جرحى على الأقل، يشكلون النذر اليسير من أكثر من 1100 فلسطيني قُتلوا أثناء ما أسمته إسرائيل عملية الرصاص المصبوب، في كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009".
إلا أن حوادث القتل طالت في هذه الحادثة مدنيين كانوا ضمن جماعات تلوح بقطع قماش أو قمصان بيضاء، ولم يكن هنالك أي مقاومين فلسطينيين في الجوار وقت وقوعها، حسبما أكدت "هيومن رايتس ووتش".
وفي هذا الاطار فان المعطيات الميدانية تؤكد ما جاء في التقريرفقد تم العثور أثناء التحقيقات على أدلة منها بقايا وآثار رصاصات في مواقع الحوادث، وسجلات طبية للضحايا، وشملت التحقيقات مقابلات مطولة مع عدة شهود؛ على الأقل ثلاثة أشخاص في كل حادث على حدة.
ولعل أبلغ مؤشر على صدقية ما جاء بالتقرير إستشهاده بإحدى الحالات الموثقة وهي أن امرأتين وثلاثة أطفال من عائلة عبد ربه الفلسطينية كانوا واقفين لدقائق معدودة أمام منزلهم شرق جباليا، وكان ثلاثة منهم على الأقل يحملون قطعاً من القماش الأبيض، حين فتح الجنود الإسرائيليون النار فقتلوا الفتاتين "7 أعوام وعامين" وأصابوا الجدة والفتاة الثالثة.
وقالت جدة الفتيات التي أصيبت برصاصتين "أمضينا سبع إلى تسع دقائق نلوّح بالأعلام وكنا ننظر إليهم "الجنود"...وفجأة فتحوا النار وسقطت الفتيات على الأرض".
وفي حين أكدت الاجهزة الصحية الفلسطينية إستشهاد اكثر من 1400 فلسطينيا واصابة نحو خمسة آلاف أثناء الهجوم على قطاع غزة ، تدعي سلطات الأحتلال أنها قتلت 300 مدني فقط .
مسألة الأرقام لم تكن وحدها موضع خلاف بين الطرفين "الصهيوني" و"الحقوقي" ففي التداعيات أثار التقرير حفيظة العدو وبدل أن يعالج الإتهامات الموجهة ضده والتحقيق في الحادث شن حرباً دعائية لاسقاط الشهادات التي جمعتها حول قتل مدنيين فلسطينيين.
من جانب اخر كان قد رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي طلبات متكررة من هيومن رايتس ووتش بالاجتماع بمسؤولين منه لمناقشة الحوادث ولم يرد على أسئلة تم تقديمها إليه كتابةً. في وقت اتهم فيه ناطق باسم جيش العدو الاسرائيلي هيومن رايتس ووتش بانها لم تعرض التقرير مسبقا على الجيش كي يتمكن من الرد.
وفي إطار متصل، شكك مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بمصداقية التقرير. واتهم الناطق باسمه مارك ريجيف المنظمة بتلقيها هبات من السعودية الأمر الذي يثير "تساؤلات كبرى حول موضوعية التقرير، مهنيته، نزاهته، ومصداقيته”.
وفي المقابل، دعت "هيومن رايتس ووتش" الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تشكيل آلية أممية مخصّصة لمراقبة الخطوات التي تتخذها "إسرائيل" وحركة "حماس" حيال إجراء تحقيقات شفافة ونزيهة في مزاعم الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب المرتكبة أثناء أعمال القتال في كانون الأول وكانون الثاني في غزة و"إسرائيل"، ومقاضاة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، حسب قول المنظمة.
وشددت المنظمة على "ضرورة قيام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالضغط من أجل بدء المقاضاة الدولية بحق المشتبهين بارتكاب الانتهاكات، في حال لم تتمكن السلطات الإسرائيلية و"حماس" من التحقيق والمقاضاة في محاكمات عادلة المسؤولين عن جرائم الحرب أو كانت غير مستعدة لذلك".
وفي الوقت الذي يحاول فيه جيش العدو تبرئة نفسه بإدعائه إستخدام حماس المدنيين كدروع بشرية، كما زعم قائدان في جيش الاحتلال حينما اشارا الى أن المقاتلين الفلسطينيين استخدموا الأعلام البيضاء لحماية أنفسهم من الهجمات، فان تقرير "هيومن رايتس ووتش" ينفي هذه المزاعم ويؤكد خلو المكان من اي مقاتل فلسطيني وقتئذ".
كما يوضح التقرير ان المدنيين الاحد عشر لم يقتلوا نتيجة لتبادل النيران .
ففي حوادث القتل الإحدى عشر الموثقة في هذا التقرير، لم تعثر "هيومن رايتس ووتش" على أية أدلة على أن المقاتلين الفلسطينيين استخدموا ضحايا من المدنيين كدروع بشرية أو أن الضحايا سقطوا أثناء تبادل لإطلاق النار بين قوات الطرفين. وكان الضحايا المدنيون قتلوا على مرأى من الجنود ولم يمثلوا أي تهديد أمني ظاهر لهم، ما اضطر جيش الاحتلال إلى التغطية على مجازره عبر فتح 14 تحقيقا بحق جنود يشتبه في ارتكابهم جرائم خلال الهجوم على قطاع غزة ، لكن دون ان يؤدي اي تحقيق من هذه التحقيقات الى اتخاذ اجراءات فعلية بحق جنوده ما يكشف مجددا عن الطبيعة العدوانية للكيان الصهيوني .
الى ذلك فان تقرير "رايتس ووتش" يقول في طياته "احجم جنود الاحتلال، عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتمييز المدنيين من المقاتلين قبل فتح النار، على ما تنص قوانين الحرب".
وفي مطلق الأحوال فان "الجنود الصهاينة تعمّدوا استهداف مدنيين فلسطينيين، ما يجعلهم مسؤولين عن جرائم حرب".
يذكر أن تقرير "قتلى الأعلام البيضاء" هو سادس تقرير تُصدره هيومن رايتس ووتش عن إساءات "إسرائيل" منذ العدوان على غزة (عملية الرصاص المصبوب)، التي شنت في 27 كانون الأول 2008.