ارشيف من :مقاومة

ملاحم بطولية حوّلت القرى الحدودية مقابر للغزاة الصهاينة

ملاحم بطولية حوّلت القرى الحدودية مقابر للغزاة الصهاينة
في مركبا وحولا وعديسة والطيبة ورب ثلاثين


لا تغيب عن بال أبناء القرى الحدودية، ومنها قرى حولا ومركبا وعديسة ورب ثلاثين والطيبة، روايات المواجهات البطولية التي خاضها المجاهدون مع وحدات وجنود الجيش الصهيوني على تخوم وداخل هذه القرى المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، فباتت هذه الملاحم البطولية التي سطرها المجاهدون في ذاكرة كل شيخ وشاب وامرأة وطفل، حيث عجز العدو الإسرائيلي عن التوغل في هذه القرى ولو لمئات الأمتار، وسقط له عشرات القتلى، وأُحرقت له عشرات دبابات "الميركافا"..
تحولت هذه القرى وتلالها وأوديتها الى مقابر للغزاة الصهاينة، ومعها انهارت صورة الجيش الصهيوني في اجتياح العام اثنين وثمانين إلى غير رجعة.. فالكل يذكر عندما اجتاح الجيش الصهيوني في ذلك العام عشرات القرى والبلدات في غضون ساعات بما يشبه العملية السياحية. هذه المعادلة حطمتها الملاحم التي خاضها المجاهدون ضد الجيش الصهيوني أثناء عدوان تموز، وتحولت هذه القرى والبلدات وحقولها وتلالها الى قلاع حصينة يحميها المجاهدون.

"مركبا"
يروي بعض المجاهدين الذين تصدوا للعدو في بلدة مركبا "للانتقاد" كيف جرى توزيع المجموعات القتالية للمجاهدين لسد كل المنافذ التي قد يتقدم منها جنود العدو ودباباته، وبينها المجموعات التي كانت مهمتها رصد تحركات آليات العدو التي تحاول التقدم، سواء من موقع العباد او الدواوير، وإعطاء الإحداثيات لوحدات رماية الصواريخ لاستهدافها.
ويقول المجاهدون إنهم انتظروا طويلا تقدم العدو لتلقينه دروس القتال، وقد طال هذا الانتظار أكثر من أسبوعين منذ بدء العدوان، حيث بدأت حينها آليات العدو وجنوده بالتسلل الى الأطراف الشرقية الحدودية للبلدة عبر منطقة المشيرفة. وقد مهدوا لهذا التقدم بشق طريق ترابية لمحاولة تجنب عبوات المجاهدين التي كانوا يتوقعون انها مزروعة على كل طريق يمكن ان يسلكوه.. وتسللت وحدات العدو ودباباته عشرات الأمتار داخل أراضي البلدة، وتحديدا الى الطريق العام المحاذي للحدود، لكنها لم تجرؤ على الاقتراب من داخل البلدة أو أطرافها.
وعندما قرر العدو الدخول تحت جنح الظلام من جهة الطرف الشمالي الشرقي للبلدة، كانت الملحمة الاولى التي سطرها المجاهدون هناك وسقط فيها للعدو عشرة جنود بين قتيل وجريح من وحدات النخبة. ويروي المجاهدون أن الاشتباك مع القوة الصهيونية المتسللة جرى من على مسافة أمتار، وقد عرض المجاهدون خوذة مهشمة لأحد الجنود القتلى وهي ملطخة بالدماء، عندما استهدفه احد المجاهدين بقذيفة صاروخية عن مسافة أمتار قليلة. وقد سقط للمقاومة شهيد واحد في هذه المواجهة.
المواجهة الثانية بين المجاهدين في مركبا ووحدات النخبة في جيش العدو دارت عندما حاولت قوة صهيونية معززة بدبابات "الميركافا" التوغل الى الحي الشرقي للبلدة عبر الطريق العام، وما إن وصلت طلائع هذه القوة الى بعد ثلاثمئة متر غربي مدرسة البلدة حتى وقعت تحت نيران وقذائف كمين متقدم للمجاهدين، فدُمرت أكثر من دبابة ووقع أكثر من عشرة جنود من المشاة وطواقم الدبابات بين قتيل وجريح. ويؤكد المجاهدون أنهم كمنوا على مقربة من جثث الجنود لأكثر من تسع ساعات من دون ان يجرؤ العدو على التقدم لسحبها، إلا بعد ان استخدم سياسة الأرض المحروقة عبر تدمير حي بأكمله، قبل ان يتمكن من سحب جثث قتلاه من أرض المعركة. لكنه تراجع خائبا من دون ان يتمكن من احتلال البلدة.

"حولا"
ملاحم بطولية حوّلت القرى الحدودية مقابر للغزاة الصهاينة وهذا ما تكرر في باقي القرى الحدودية كبلدة حولا التي صمد فيها المجاهدون وسطروا على تخومها ملاحم بطولية مع جنود العدو، حيث جرت واحدة منها على مسافة أمتار قليلة عند الطرف الشرقي الشمالي للبلدة عندما اصطدمت مجموعة صهيونية متقدمة بكمين للمجاهدين هناك فأردوا جنودها بين قتيل وجريح. وقد عرض تلفزيون العدو بعد الحرب مقابلات مع بعض الجنود الصهاينة الذين جُرحوا في هذه المواجهة، فتحدثوا عن شراستها وأنهم لم يستطيعوا ان يعرفوا من أين كانت تأتيهم النيران، اذ انهمرت عليهم من كل الجهات. ولم يستطع العدو دخول البلدة واحتلالها طوال فترة عدوانه، حيث صمد المجاهدون ومعهم عدد من أبناء البلدة الذين آثروا التشبث بأرضهم وبلدتهم.

العديسة ـ رب ثلاثين ـ الطيبة
شهد هذا المحور معارك شرسة بين الكمائن المتقدمة لمجاهدي المقاومة الاسلامية وأرتال المدرعات الصهيونية التي تقدمت من اكثر من نقطة الى تخوم هذه القرى الحدودية.
اتخذ العدو منطقة وادي هونين الحدودية الموصلة الى المنطقة الفاصلة بين قريتي عديسة ورب ثلاثين خطا أول لعبور دباباته باتجاه رب ثلاثين ومشروع الطيبة، ومن ثم باتجاه القنطرة فوادي الحجير.
على هذا المحور كانت الكمائن المتقدمة لمجاهدي المقاومة تتصدى لهذا التقدم بالصواريخ المضادة للدروع، وجرت مواجهة كبيرة على مدخل رب ثلاثين أسفرت عن تدمير عدد من دبابات "الميركافا" ومقتل أفراد طواقمها، وهو ما تكرر في مشروع الطيبة عندما كرر المجاهدون اصطياد الدبابات التي تعبر وادي هونين الى مشروع الطيبة انطلاقا من نقاط عدة مشرفة على تلك المنطقة، وأنزلوا بوحدات العدو خسائر فادحة ودمروا عشرات الدبابات في مشروع الطيبة وحده.
أما النقطة الثانية التي تقدمت منها دبابات العدو فكانت نقطة المطلة، حيث حاولت التوغل داخل بلدة عديسة وصولا الى تلة العويضة من جهة, وباتجاه طريق عديسة كفر كلا من جهة ثانية.
وعلى هذين الخطين واجهت الوحدات الصهيونية مقاومة عنيفة وشرسة من قبل المجاهدين، منها المواجهة التي خاضها أحد المجاهدين في ساحة عديسة مع قوة صهيونية أدت الى مقتل عدد كبير من الجنود الصهاينة قبل ان يُستشهد المجاهد، وهو حسين رومل شري، الذي قاتل ببسالة حتى الاستشهاد.
حاولت قوة صهيونية مدرعة التقدم نحو تلة العويضة الاستراتيجة، فكان لها المجاهدون الكامنون هناك بالمرصاد، ودمروا عدة دبابات. كذلك دمر المجاهدون أربع دبابات على الطريق العام بين عديسة وكفركلا، وهي الطريق الملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلة، وقد ظهر تدمير إحدى الدبابات على شاشات التلفزة عندما كان يجري تصوير تقدم الدبابات المعادية من داخل المستعمرات الصهيونية، حيث أراد العدو تصوير دباباته وهي تحاول غزو الجنوب للتأثير في معنويات المجاهدين والأهالي الصامدين.. لكن جاء الرد المباغت بتدمير هذه الدبابات على مسافة أمتار من الحدود، ليعكس المعادلة ويؤكد ان المجاهدين على أتم الجاهزية لتحويل القرى الحدودية الى مقبرة للغزاة الصهاينة.

هلال السلمان

2009-08-15